الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

حملات المناصرة ووسائل التواصل الاجتماعي

نشر بتاريخ: 07/01/2018 ( آخر تحديث: 07/01/2018 الساعة: 10:12 )

الكاتب: أحمد طه الغندور

بات من الملاحظ في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة ما؛ تشبه حملات الضغط والمناصرة من أجل الإفراج عن بعض المعتقلين والمعتقلات، والتي تنشط على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ومنها "الفيس بوك Facebook والماسنجر Messenger" وعادة تطالب بنسخ رسالة معينة مع إضافة الاسم الشخصي للرسالة ومن ثَم يقوم الشخص المرسل إليه بإرسالها إلى أصدقائه على هذه المواقع؛ دون تبيان الجهة التي تقف وراء هذه الظاهرة أو الحملة، وعدا ذلك لا تحدد الجهة المقصودة بهذه الرسالة أو بمعنى أخر لمن سترسل الرسالة نصرة للأسير حسب ما ورد في هذه الرسائل.
كما أنه من الملاحظ أن الرسالة المرسلة لا توجد في حالة صورة نصية محفوظة وبالتالي قد يطرأ عليها تعديلات أو تغيير قد لا يرغب فيها الشخص الذي وقّع عليها؛ وبالتالي قد يصبح مشاركاً بأمر لا يقبله أو قد يخالف مفهومه ومبادئه الشخصية التي على أساسها قام بالمشاركة في مثل هذه الحملة.
مثل هذه الرسائل لا تُشكل إطاراً قانونياً سليماً لوسائل الضغط والمناصرة التي تلجأ إليها العديد من المجموعات السياسية أو المهتمة بقضايا حقوق الإنسان من أجل دعم قضايا متعددة تُعتبر مهمة لها.
لذلك من الواجب على مؤسسات حقوق الإنسان والتنظيمات السياسية الفلسطينية الشروع بعملية توعية للجمهور فيما يخص هذه المسألة حتى لا يُشكل الأمر في بعض الحالات نوعاً من المخالفة القانونية لشخص حسن النية لم يكن هدفه ارتكاب مثل هذه المخالفة، وهنا لن يعذره القانون؛ " فالجهل بالقانون لا يعتد به ".
ومن هنا جاء الحث على أهمية التوعية في هذه القضية، التي نتركها للجهات المعنية من مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وكافة التنظيمات والأحزاب السياسية، ولكن ذلك لا يعفينا من تقديم ملاحظات أولية هامة حول الموضوع نجملها فيما يلي:
ما هو المقصود بحملات الضغط والمناصرة؟
إذا أردنا تعريف حملات الضغط والمناصرة فهي عبارة عن: " اللجوء للضغط على جهة معينة من صناع القرار مثل الحكومة أو المشرع من أجل أخذ قرار معين أو تغيير ممارسة سياسية معينة، أو الدعم والمساعدة لفئة من الجمهور في تحقيق أهداف محددة خاصة بهم وقد لا تشمل المجتمع ككل، ولا يكون ذلك إلا من خلال إيجاد عدد كافٍ من المؤيدين بين الجمهور".
ومن هنا فإن مثل هذا الحملات لابد أن تنبع من قضية ذات مشكلة معينة ومحددة؛ والتي على أساسها يتم وضع خطة العمل التي تحدد الجهات المستهدفة من المخاطَبين المسؤولين والجمهور الداعم لهذه القضية أو المعنيين بحل المشكلة، ثم تستكمل الخطة بوضع الزمان والمكان الخاصين بالتنفيذ مع تحديد الوسائل المستخدمة لإنجاح الحملة.
يجب أن يُخذ في الاعتبار أن حملات الضغط والمناصرة هي سلاح ذي حدين؛ فقد تكون أداة فاعلة للممارسة الديمقراطية سواء استخدمت في القضايا السياسية أو الاجتماعية إذا ما تم بلورتها والتخطيط لها من جهات معلومة وذات أجندة وطنية هادفة وبمشاركة جمهور لديه الوعي الكافي للقيام بهذا الدور وإما أن تأخذ شكلاً من الاستغلال المحض من القائمين عليها لتمرير أجندات وممارسات إما خاصة أو مشبوهة يُستغل فيها جمهور المؤيدين لعدم توفر الفهم الصحيح والخبرة لديهم.
ولعله من الأهم أن يدرك الشخص المناصر للحملة أبعاد القضية أو المشكلة التي يعمل على دعمها؛ بحيث أنها تُمس جانب من فهمه وإدراكه كي تصبح عملية تبني هذه القضية جزء من إيمانه الشخصي التي يطمئن إليها ضميره قبل أن يشرع في إجراءات المناصرة من خلال البحث عن الحقائق والجوانب القانونية حول مثل هذه المشكلة أو القضية؛ فلا يكون عرضة للاستغلال من طرف أخر أو للملاحقة القانونية إن تجاوز القانون.
ولابد أن ندرك أن الدفاع عن أسرانا البواسل ومناصرتهم هو واجب ديني ووطني يلزمنا أن نجيده ونُحسن توظيفه وألا يكون مثار سخرية من قِبل أشخاص لا يدركون كيفية القيام بهذا الواجب القومي.
لذلك يجب أن نتعلم كيفية استخدام مثل هذه الأدوات الفاعلة، وأن نطالب الجهات المختصة في تقديم الإرشاد اللازم من أجل المشاركة في القضايا الوطنية والدفاع عن الوطن والمواطن؛ وعلى رأس الأولويات أبطالنا في سجون الاحتلال حتى تحقيق حريتهم الكاملة بإذن الله.