الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

جرس إنذار:التهيجير من الريف الى المدينة خطر استراتيجي

نشر بتاريخ: 17/01/2018 ( آخر تحديث: 17/01/2018 الساعة: 10:06 )

الكاتب: عوني المشني

سياسة التهجير جزء اصيل وأساسي من الاستراتيجية الصهيونية، لا بل ان الفكرة الصهيونية تقوم بالدرجة الاولى على التهجير، وكون الضفة الغربية قد أصبحت هي محور الصراع الآني لاحكام تهويدها والسيطرة الدائمة عليها من قبل اسرائيل، فان تهجير المواطنين الفلسطينيين منها سيكون هدف إسرائيلي أساسي، السيطرة على الضفة الغربية بسكانها لم يكن ولن يكون هدف إسرائيلي، لهذا كان التهجير هو شرط تحقيق الأهداف الاسرائيلية، لكن بات واضحا ان الظروف الموضوعية وقفت عائقا امام تحقيق هذا التهجير، فالظروف الدولية وقفت عائقا حقيقيا امام التهجير، هذا لا يعني ان اسرائيل تخلت عن ذلك لكنها وضعت التهجير في ثلاجة انتظار ظروف مؤاتية.
ربما مثل اتفاق اوسلو تغييرا تكتيكيا في مخطط التهجير، واكثر من هذا فانه أعطى للفلسطينيين فرصة ذهبية ونادرة ولأول مرة في تاريخ الصراع بإعادة اكثر من نصف مليون فلسطيني من الشتات الى ارض الوطن وهذا مثل الإنجاز الاهم وربما الوحيد لاتفاق اوسلو، لكن من جانب اخر فان اتفاق اوسلو أعطى السلطة الفلسطينية حق السيطرة الأمنية والمدنية على أماكن التجمع الكثيفة للفلسطينيين وهي المدن، وحق والسيطرة المدنية على مناطق " ب" وهي التجمعات الفلسطينية الصغيرة " القرى " الفلسطينية، بينما المناطق الفارغة من السكان نسبيا بقيت تحت السيطرة الاسرائيلية، هذا لا يحقق كامل الهدف الاسرائيلي لكنه خطوة باتجاه ترسيخ الاستيطان في اغلب مناطق الضفة وهي مناطق " ج " ، بعد ان تحقق ذلك أصبحت مناطق "ب" وهي القرى الفلسطينية تشكل عائقا الى حد ما امام استكمال السيطرة الاسرائيلية ، وان استطاعت اسرائيل ان تستوعب بعض القرى فإنها تفضل التخلص من السكان في معظم القرى الاخرى ، لهذا فان تهجير سكان مناطق "ب " الى مناطق " الف " سيكون هدفا ثانيا في الاستراتيجية الاسرائيلية ، هذا ليس مجرد توقع قد يحصل ، هذا يحصل الان في ظل تشديد الحصار على القرى الفلسطينية وهجمات المستوطنين عليها وتضييق مساحات البناء في القرى ، انها سياسة متعددة الأساليب ستتصاعد في ظل تسليح المستوطنين وتكوين ميليشيات مسلحة منهم تستبيح القرى الفلسطينية وتروع السكان وتهدد حياتهم ، ان الهجرة من القرية الى المدينة ما زال في المعدلات الطبيعية ، لكن مع ازدياد التضييق على القرى وعصابات الاستيطان سيكون التحدي الفلسطيني ترسيخ صمود الفلسطينيين في هذه القرى وإيجاد سبل حمايتهم من عبث المستوطنين .
ان دق ناقوس الخطر الان قد يساهم في ايجاد حلول تساهم في حماية تلك القرى التي تشكل قواعد متقدمة في وجه الاستيطان وعقبة كأداء في طريقها . وهناك الكثير مما يمكن عمله على هذا الصعيد ، تطوير ودعم المشاعر الزراعية بما يمكن المزارع من حماية ارضه اولا وتوفير سبل حياة كريمة ثانيا ، ايضا التوجه لبناء مشاريع صناعية في الريف وعدم تركيز الصناعة في المدن ، هذا من شانه توفير فرص عمل للمواطنين في الريف دون عناء التنقل الى المدن ، العمل على انشاء مشاريع اسكان وبحوافز لسكان القرى ، هذا من شانه ان يساهم في ترسيخ الصمود ، تطوير الصناعات الزراعية بما يخدم الزراعة الفلسطينية ، وهناك عشرات الأفكار الاخرى التي تصب في تحقيق هذا الهدف .