الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مايك بنس لا حللت أهلا ولا وطأت سهلا...

نشر بتاريخ: 18/01/2018 ( آخر تحديث: 18/01/2018 الساعة: 13:35 )

الكاتب: خالد السباتين

لمن لا يعرف مايك بنس هو النائب "المتصهين" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرجل الأخطر في حكومته على الإطلاق تجاه العرب، وهو أيضاً أحد مهندسي صفقة القرن والشخص الذي أصرّ وألحّ على الرئيس الأمريكي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وبنقل السفارة الأمريكية الى القدس، متجاهلاً بذلك وجود العرب والمسلمين وحلفاء أميركا وأصدقائها في المنطقة وعلى وجه الخصوص الأردن ومصر والدور المحوري الذي تلعبانه في عملية السلام، ولمن لا يعلم أيضاً سيزور بنس في الأيام القليلة القادمة كلاً من الأردن ومصر واسرائيل ولن يزور الأراضي الفلسطينية نتيجة موقف السلطة الرافض لاستقباله بعد قرار ترامب ومقاطعتها للولايات المتحدة ورفض الرئيس الفلسطيني بإستقباله والإستماع الى ما سيقوله دون تصحيح أميركا للخطأ أو الجرم الذي ارتكبته تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته وعدولها عن قراراها، فلا تجعلوا من هذا البنس يساوي أكثر من فلس وعليه أن يشعر بالذنب الذي اقترفه منذ أن تطأ قدماه أرض الدول التي سيزورها.
من المتعارف عليه في ظل الحروب والخلافات على مرّ التاريخ أن وجود قنوات اتصال بشكل مباشر أو غير مباشر أمرٌ ضروري، فبقيت هذه القنوات موجودة خلال الحرب بين الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وكذلك أيام الحرب الفيتنامية الأمريكية وهذا ما يقوله الخبراء العسكريين عدم انقطاع مثل هذه الخطوط او القنوات امر مهم جداً، فالخطوة التي إتخذتها السلطة الفلسطينية جريئة وممتازة وقراراها لا غبار عليه بوقف التعامل أو تجميد العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية فالحفاظ على موقفها أمر مهم للغاية لذلك يجب أن يكون هناك قنوات اتصال بديلة وكان من الجيّد أو لحسن الحظ أنها عربية ( الأردن، مصر).
لو أن المملكة الأردنية رفضت إستقبال بنس كما أراد البعض لكانت قد إرتكبت خطأ، ولو أنها تنوي إستقباله بحفاوة ورحابة صدر لسوف ترتكب خطأ أكبر، موقف الأردن واضح ملكاً وشعباً وقيادةً ولا يحتاج لأحد أن يزكّي عليه وهذا ما يزعج أميركا، فالقدس خط أحمر والقرار المنفرد الذي إتخذته الولايات المتحدة يعتبر باطلاً ولاغياً ومرفوضاً جملة وتفصيلاً على كافة المستويات السياسية وهي بذلك تجاوزت دور الأردن في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ودوره كلاعب رئيسي وشريك في عملية السلام، لذلك يجب استغلال فرصة قدومه الى الأردن وايصال الرسائل السياسية بشكل واضح والتعبير عن الرفض التام لما قامت به الولايات المتحدة وأن صفقته وصفقة رئيسه لن تمر عن طريق الأردن ولن يكون الأردن شاهد زور على هذه الخيانة مهما كان الثمن ومهما كانت التهديدات وأن الحل الوحيد لإنهاء الصراع القائم هو تطبيق مبادرة السلام العربية وحل الدولتين لما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف.
أما على المستوى الشعبي فكم أتمنى أن يتم استقباله كما استقبل أهالي بيت لحم البطريرك الخائن ثيوفيلوس بالأحذية والنفايات ورشقوا سيارته بالبيض والطماطم تعبيراً عن رفضهم لزيارته، فآمل ان يتم تنظيم مسيرات حزبية شعبية وطلابية وتعليق صور القدس في الشوارع التي سيمر منها موكب بنس لتصله رسالة موجة الغضب الشعبي وليعلم موقف الشعب الأردني أيضاً وأنه غير مرحب به في الأردن وليقطع الشك بمقدرته على تمرير الصفقة عبر الأردن فالملك قال كلمته و الشعب أكد عليها القدس فوق أي اعتبار.
أما بالنسبة للشقيقة مصر فقد سمعنا في الأيام القليلة الماضية التسريبات التي خرجت هنا وهناك بشأن القدس التي نشكك بمصداقيتها والتي قد تكون مفبركة من قبل جهات لها أهداف خاصة لخلط الأوراق ولضرب الموقف العربي الثابت تجاه القدس، بالإضافة للدور المهم الذي تلعبه في ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس وانهاء معاناة أهالي قطاع غزة، فأيضا القيادة المصرية والشعب المصري قال كلمته بالنسبة لقرار ترامب لذلك عليها أن تثبت عكس ما قيل وما تسرّب الى قنوات الإعلام وتنقل الرسالة بكل وضوح وشفافية، فليس هنالك وقت للمجاملات بما يخص القدس وعليها أن ترفض تقديم أي تنازلات تتيح الفرصة لبنس بتمرير هذه الصفقة وتحذيره من تداعيات الموقف اذا استمر الوضع الى ما هو عليه بل ستزداد الأمور تدهوراً ولن تنعم المنطقة والعالم بأكمله بالسلام دون حل القضية الفلسطينية بإنهاء الإحتلال بشكل نهائي.
أما بالنسبة لموقف رام الله أو فلسطين ككل فلن أطيل بالحديث عنه فالرفض واضح شعباً وقيادة، أطفالا ونساءً شيوخاً، مسلمين ومسيحيين، فالرسالة وصلت للولايات المتحدة منذ صدور القرار والموقف الفلسطيني أكد على أن الولايات المتحدة عزلت نفسها من العملية السياسية، وأنه لا مفاوضات دون العودة عن القرار ووقف الاستيطان و ا صفقات دون أن تكون القدس عاصمة لدولة فلسطين ودون تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة.
سيذهب بنس الى تل أبيب بخفي حنين وسيعود الى الولايات المتحدة خالي الوفاض دون جدوى من هذه الزيارة وكلي ثقة بأن العواصم العربية ستتمسك بموقفها ولن تخذل القدس وسوف تتحمل ما ستتعرض له من ضغوطات فعمّان والقاهرة لهم تأثير كبير في هذه القضية وكلاهما له القدرة في التأثير على المشهد السياسي وخلط الأوراق، وكلاهم أيضاً له البعد الجرافي ذاته والبعد الجيوسياسي بالاضافة الى الحدود الجغرافية التي تربطهم مع الجانب الفلسطيني ناهيك عن الدور الذي تقدمه الأردن ومصر في المنظومة الأمنيىة العربية لحفظ الأمن ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.
فإذا كانت مصر هي الحاضنة الأم للوطن العربي فالأردن هي قلب الأمة النابض، ولن يقدّموا الفلسطينيين ككبشٍ للذبح لرؤيا ترامب وشريكه نتنياهو ولن تضعان بصماتهم على السكين التي تريد ذبح الشعب الفلسطيني وقضيته، فعمّان والقاهرة لن تتنازلان عن أولى القبلتين وثالث الحرمين مسرى نبينا ومهد مسيحنا ولن تخذلان صوت الاذان فيها ولا صوت أجراس الكنائس أيضاً وستبقيان الجدار المنيع الذي يتكئ عليه الفلسطينيون ويسندون ظهورهم عليه بكل ثقة ويدعمون حرية قرارهم واستقلالهم.