الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الزعيم في مئويته... على قمة جبل الزيتون وقاسيون

نشر بتاريخ: 18/01/2018 ( آخر تحديث: 18/01/2018 الساعة: 17:13 )

الكاتب: صابرين دياب

هي المئوية الأولى على جبين مصر والعروبة التي أنجبت القامة العالية بل الأعلى، الزعيم جمال عبد الناصر، وستبقى أنت يا ابا خالد بيننا وأمامنا، وامام الاجيال العتيدة لمئويات عديدة قادمة، فصانع التاريخ هو التاريخ والمستقبل.
مئة عام على حضور فاعل قيادي مبدع مناضل، وثابت على الثوابت،، نصفها الثاني كان ارتحال الزعيم وليس رحيله، بعد أن انجز في القليل من الزمن، ما عجزت عنه اممٌ في قرون.
بقيادته تمَّ صدَّ الاستهداف الرأسمالي الغربي ضد الأمة العربية بعد ثلاثة قرون من ابتدائه،، وحدها سنوات ابي خالد التي أوقفت هذا الغزو، الذي يمثل صراعنا التاريخي مع الغرب والقوى الرجعية، العربية والغربية، بل مع مجمل الثورة المضادة،، كما أوقفه صلاح الدين الأيوبي قبل الزمن المعتكر بالطائفية.
وكان الصدُّ ببناء المشروع القومي العربي الاشتراكي،، المشروع الذي تمثل في وحدة الشعب العربي من المحيط إلى الخليج حبا وطواعية، وأعاد إفريقيا إلى الحاضنة العربية، ولجم آل سعود الذين كان يصفهم في كل مؤامرة غادرة ينسجونها، وفي كل موقف خائن يتخذونه، بقوله: "هؤلاء عدو مطلق للعروبة"،،ووضَع العرب في قيادة كتلة عدم الانحياز في باندونج، مع قادة العالم الثالث الثائر حينها، شو إن لاي، تيتو وسوكارنو، جواهر لال نهرو، تشو أن لاي، سيكوتوري، تشي جيفارا ، هذه الكتلة التي بيَّنت انقسام العالم إلى عوالم ثلاثة.
مشروع عبد الناصر القومي، هو الذي حقق أول وحدة عربية بين مصر وسورية، وهي الوحدة التي استماتت الثورة المضادة من أجل تحطيمها، وتضافرت ضدها عروش الرياض وعمان وواشنطن ولندن وباريس ،وتل أبيب تقودهم في المقدمة،، وقد شهدت سنوات الوحدة الثلاث 1958-1961، أدنى نسبة تدفق للمستوطنين إلى الكيان الصهيوني، ذلك أن عدوهم الاول هو القومية العربية، وقد قالوا ذلك جهاراً في مؤتمر هرتسليا في مرات متعاقبة: "عدونا الأول هي القومية العربية".
خَشِيته الثورة المضادة وتل ابيب حيا ومرتحلاً، ولم يتوقف الهجوم على تاريخه وإرثه حتى اليوم،، وقد لقبوا بطل المشروع القومي العربي ب "وحش الشرق الأوسط"، كان لا بد لهم من تشويه الزعيم، كي لا يكون لهذه الأمة قوة مثال،، وهلّا يطيقون عملاقاً يحمل مشروعاً في العقل وفي القلب وفي الميدان، ويفني من أجل تجسيده الجسد!..
كان لا بد للقدس – في هذه الظروف تحديدا – ان تحيي ذكراه المئوية العطرة فوق ارضها وتحت سمائها، بيد ان اجراءات المحتل التعسفية حالت دون ان نحييها بتوقيتها اليوم ،هو المحتل الذي لا زال يهاب اسم جمال عبد الناصر حتى بعد مرور 48 عاما على غيابه ،وهو من احترف البطش والوحشية والتنغيص، غير انّ القدس عازمة على احيائها في الايام القليلة القادمة حكما وحتما ،، انه ابو خالد وهي قدس الاقداس ومهجة الارواح.
مئة عام على حضورك فارتحالك يا ناصرنا، تتجدد أنت وتتجدد الضرورة للمشروع تماماً ومطلقاً في لحظة اشتداد هجمة الثورة المضادة، وتحديداً على عواصم الجمهوريات العربية وفي طليعتها دمشق والقدس الشريف، ومن أجل نقل التسوية في فلسطين إلى التصفية!.
أعداء في الخارج، أعداء في الداخل، أعداء تحت الجلد، روما القديمة تتجدد في وطننا يا أبانا يا أبا العرب، إنهم الروم الجدد يا ابا خالد،، وكأن المتنبي أول شعراء القومية العربية قال قوله فيك أنت:
"وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ... فعلى أيِّ جانبيك تميلُ"،،
وكيف لا نتذكر قول ابي فراس الحمداني:
"سيذكرني قومي متى جد جدهمُ...وفي الليلة الظلماء يُفتقدُ البدرُ".
وهل ثمة ظلمةٍ اشد حِلْكة من هذه اللحظة!!
ولكن، لسنا اليوم في موقف أو وقفة البكاء بعد الحريق، ها هي الغابة تُنبت الزهور والصنوبر، هي المقاومة، وتحديداً في لبنان وسورية التي أسميتها بحق "قلب العروبة النابض"، تصد الروم وأدوات الروم من الكَفَرة والتابعين، بل الخونة من خاصرتي وطننا الخائنتين – الطابورين - ، القشرتين السياسية والثقافية..
وفي السباق الأشد حدَّةً وقساوة بين معسكر المقاومة ومعسكر الثورة المضادة،، نتفوق يا ابا خالد، فنَم قرير العين يا حبيب القدس والوطن العربي الكبير.
وإننا – ابناء القدس وكل فلسطين فعاليات وشخصيات وطنية مقدسية - نقسمُ بالأمة والوطن اننا نراك تقف كالمارد على قمة جبل قاسيون في دمشقنا الثابتة الصامدة، تصيح بالجند أن تقدموا جنوباً إلى القدس، وشمالا إلى إنطاكية، وشرقا جنوبيا إلى مكة المكرمة، تُلوِّح بيدك إلى هذا الاتجاه فتطوله، وإلى ذاك بسيفك الدمشقي فتطولة.
لقد حارب الأميركيون مصر الثورة، بالطائرة وبالدبابة وبالصاروخ وبالغواصة وبرغيف الخبز، وما حنت الرأس ولا تراجعت عن مبادئها، ولا عن مسيرتها، وكان البيت الأبيض والبنتاغون وقصر الاليزيه ومكتب مستر ايدين، يرغون ويزبدون ويغضبون ويحقدون ويعضّون راحاتهم وشفاههم السفلى، حينما يسمعون اسم مصر واسم جمال عبد الناصر، وها هم ابناؤك واحفادك، ابناء القدس وكل فلسطين، يسطّرون اعظم ملاحم التاريخ والجغرافيا بصمودهم وتجذرهم في مدينتهم المقدسة، وفي سائر ارجاء الوطن المحتل، يتحدون المستعمر الصهيوني ويتصدّون لمشاريع الخيانة التي لم تتوقف منذ مئة عام مضى، برباطة جأش ووعي وطني عظيم ويتعاظم مع كل جيل فلسطيني جديد،، نعدك ألا نسقط راية الكفاح المشرّع، وأن نفوّت فرص تصفية قضيتنا الوطنية العادلة من قبل العدو واوغاد العرب يا ابانا الخالد الحبيب، هكذا علمتنا، ونحن احفادك البررة، نصون الامانة ولا نتعب ولن نكّل ،رغم نار الألم وبطش المحتل ووحشيته، صامدون ثابتون مقاومون حتى النصر.
أنت لم ولن ترحل يا ناصرنا، والمشروع العروبي لن يموت ونحن لن نموت،، وإننا على دربك ودرب قدسنا وعروبتنا سائرون.