الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

اسرائيل ليست دولة وليست ديموقراطية

نشر بتاريخ: 20/01/2018 ( آخر تحديث: 20/01/2018 الساعة: 20:59 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

بعد عودته من مؤتمر انابوليس في عام 2007 وجه ايهود اولمرت في حينه كان رئيس وزراء اسرائيل, تحذيرا للاسرائيليين قائلا "عندما يأتي الوقت الذي ينتهي فيه خيار الدولتين وندخل في صراع كالجنوب افريقي(نظام الابرتهايد) وحصول الفلسطينيين في الاراضي المحتله على المساواة في حقوق التصويت عندها ستنتهي دولة اسرائيل."
تحذير اولمرت هذا خطر ببالي وانا اتابع اقتحام مدينة جنين من قبل قوات الاحتلال انتقاما لقتل مستوطن صره، اليات عسكرية وجرافات وهدم بيوت وقتل وجرح مدنيين لا احد يدري ان كان لاي من هؤلاء اي علاقه بقتل المستوطن ام لا مع ان الاجابة على التساؤل ايجابا ام سلبا لا يعني شيء لان الارهاب الصهيوني ليس بحاجة الى ذرائع.
بدليل الامثلة التي ما زالت حيه في ذاكرتنا حريق الدوابشه وابو خضير وقنص المقعد ابو ثريا والقائمة طويلة بطول عمر الكيان الصهيوني، واقول كيان كون هذا المصطلح يزعج الاسرائيليين جدا خصوصا وانهم يزعمون بأنهم الدوله الديمقراطيه الوحيده في المنطقه علما ان الواقع يقول عكس ذلك.
ليس بسبب ان اسرائيل كيان قائم بالاحتلال وهو الاسوأ في التاريخ فقط ولكن لكون اسرائيل ما زالت تفتقر لمقومات الدوله كونها بلا حدود وبلا عاصمه معترف بهما دوليا وتقوم على ارض مسروقه اضافة لعدم ايفائها بشروط عضويتها في منظمة الامم المتحده الى يومنا هذا.
وعودة الى ما بدأت به ومن منطلق حرمة وقدسية الدم الفلسطيني اعود لاكرر ما طالبت به سابقا بل واتوسل من اجل قليل من الذكاء الذي هو طبيعه فلسطينيه ان لا نعطي لجيش الارهاب الصهيوني اي ذريعه لقتل اي من عشاق الحريه والحياه الفلسطينيين او من هدم بيوتهم وذلك باتباع الطريق غير الدموي التي ستودي بنا الى ما اشار اليه اولمرت خصوصا وان اسرائيل دمرت والى غير رجعه خيار حل الدولتين باستيطانها بحيث لم تبق اي امكانيه لاقامة دوله فلسطينيه قابله للحياه كما نصت عليها الشرعيه الدوليه التي على اساسها اقيمت اسرائيل عام 1948.
اسرائيل دوله ابارتهايد بامتياز وهي الحاصله على شهاده بهذا الخصوص, مهندس نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا هندريك فيرورد وهو حليف استراتيجي لاسرائيل قال في عام 1961 "اليهود اخذو اسرائيل من العرب بعد ان عاش العرب فيها الاف السنين واضاف اسرائيل دولة ابارتهايد مثل جنوب افريقيا".
ومع انني خريج مدرسة ما اخذ بالقوه لا يسترد بغير القوه الا ان هذه المدرسه اغلقت ابوابها في حدود فلسطين التاريخيه بعد توقيع اتفاقيات سلام غير قابله للالغاء مع الدول المحيطه بفلسطين اضافة الى الواقع الذي ورثناه عن اوسلو وتدمير اسرائيل لملامح حدود الدوله الفلسطينيه هذا كله يفرض علينا التعامل مع هذه المتغيرات كحقائق تزداد تجذرا يوما بعد يوم وبشكل افضل مما تعاملنا به مع اوسلو الاتفاقيه التي بدأناها بالنوايا الحسنه وانتهينا بنهايتها الى ما نحن عليه نظام ابارتهايد بامتياز.
الخطأ الذي وقع به الشهيد عرفات انه اعتقد ان رام الله التي تتنفس اكسجين اسرائيلي هي نفس بيروت المفتوحه على العالم.
وبسبب هذا الاعتقاد غير المدروس لم يمنع عسكرة الانتفاضه الثانيه التي اودت بحياته واطالت من عمر الاحتلال بذريعة الامن مقارنة بانتفاضة الحجاره التي فتحت له ولكل من عادو معه وبعده ابواب الجنة في فلسطين . الاحتلال يعرف متى وكيف يثير رد الفعل الفلسطيني وخصوصا الدمويه منها حتى في حروبه في غزه بدأها الاحتلال باستفزاز صهيوني املا لرد فعل فلسطيني غير محسوب . وبحسابات بسيطه نجد ان كل ما نتج عن اطلاق الاف الصواريخ من غزه من دمار مادي وبشري للاحتلال لم يعادل الدمار الذي احدثته طلعة طيران اسرائيلي واحده كتلك التي قصفت غزه قبل منتصف النهار اثناء ذهاب واياب تلاميذ المدارس .
ليومنا هذا نتحدث عن اعادة اعمار غزه التي دمرتها الة الحرب الصهيونيه من الجو والبحر والبر في ظل صمت عالمي غير اخلاقي بزعم ان ما قامت به اسرائيل كان مجرد دفاع عن النفس كما ادعى وزير خارجية دوله التشيك عندما كانت تترأس الاتحاد الاوروبي في ذلك الوقت.
ربما حان الوقت لدور اكثر ايجابيه للمثقف الفلسطيني والمبدع الفلسطيني للشروع في البحث عن وسائل علميه مدروسه تشكل نواه لمعارك غير عسكريه حتى تكون نديه تؤسس لاستراتيجيه فلسطينيه اساسها القدرات الفلسطينيه وبتماهي كامل مع الشرعيه الدوليه والقانون الدولي الانساني.
القضاء على النظام العنصري في جنوب افريقيا تم عن طريق المقاطعه والعقوبات الاقتصاديه وسحب الاستثمارات وذلك بعد ان نهشت انياب المقاطعه جسد ذلك النظام العنصري الى ان استسلم. ولهذا السبب نرى ان اسرائيل تجند كل طاقاتها لوأد المقاطعه المعروفه ( BDS) في المهد حتى لا تكبر ويصبح لها انياب.
صواريخ الترويع وقتل المستوطنين تزود اسرائيل بشاشات دخان هي بحاجه لها من اجل تغطية جرائمها التي ترتكبها يوميا بحق الفلسطينيين العزل الواقعين تحت احتلالها . هذه الجرائم قال فيها وزير الاستخبارات الجنوب افريقي روني كاسريلز وهو من اصل يهودي عندما زار فلسطين في عام 2004 بانها ابشع بكثير مما كان يرتكبه النظام العنصري في جنوب افريقيا .
وبالتالي فان انقشاع شاشات الدخان سيكشف لكل العالم حقيقة التوأمه السياميه القائمه ما بين النظامين العنصريين جنوب افريقيا السابق والنظام الحالي في اسرائيل.
ليس غريبا ان تكون اسرائيل الوحيده في العالم التي لم تقاطع النظام العنصري البائد في جنوب افريقيا وليس غريبا ما قاله الراحل العظيم نيلسون مانديلا في عام 1977 "نحن نعرف جيدا ان حريتنا لا تكتمل الا بحرية الفلسطينيين".
. السفير حكمت عجوري