الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأونروا في قبضة ترامب

نشر بتاريخ: 22/01/2018 ( آخر تحديث: 22/01/2018 الساعة: 19:17 )

الكاتب: محمد حجازي

الأونروا في قبضة ترامب إحالة للتقاعد وتبديد لقضية اللاجئين
طرحت قضية تقليص دعم إدارة ترامب لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين , تساؤلات عديدة وضعت مستقبل الوكالة على المحك وعرضته لحسابات السياسة و المصالح، بإعتبارها التجسيد العملي القانوني و السياسي لقضية اللاجئين ، ولمناقشة تداعيات قرار ترامب، هناك ثلاثة مستويات وجب الوقوف عندها ، خاصة و أن قرار ترامب جاء بعد قراره السابق بنقل السفارة و إعتبار القدس عاصمة لإسرائيل .
بدون أدنى شك بأن هذه الإجراءات لم تأت بشكل عشوائي ، بل أتت بسياق سياسي واضح ، وهو فرض حل على القضية الفلسطينية بدون أن يتضمن القدس ولا قضية اللاجئين، المعضلتان الكبيرتان في أي حل , إرتبط ذلك أيضا بقرار نتياهو بضم الضفة الغربية و قرار القدس الكبرى " الشرقية و الغربية " وهناك أحاديث أيضا بشأن غور الأردن، إذا قرار ترامب الخاص بوكالة الغوث لم يأتي إعتباطا .
تشكلت الأونروا في 8 كانون الأول عام 1949 بموجب قرار الجمعية العمة للأمم المتحدة رقم 302 , بدأت بأعمالها بصورة رسمية في أيار عام 1950، وكانت مهمتها تشغيل و توفير الإغاثة وتيسير الوصول لحل لوضع اللاجئين تمهيدا لعودتهم و بالتالي هي مؤقتة ، و أعقب قرار تشكل الأونروا قرار الجمعية العامة رقم 194 الذي أكد على حق العودة و التعويض، بعد أوسلو وضعت الأونروا خطة مفصلة حول الدور الذي ممكن ان تلعبه وفق المفاوضات التي كانت سائرة في ذلك الوقت .
ذكرت الباحثة الأمريكية " دونا آرزت " عام 2001 في بحث مطول تشكل الرؤية الأمريكية لحل قضية اللاجئين :
1- منح الفلسطينيين جنسية مزدوجة من قبل السلطة الفلسطينية و الدول المضيفة .
2- يتلقى اللاجئون الفلسطينيون الذين تمت إعادة توطينهم مساعدات و مخصصات مالية عبر صندوق دولي ينشأ لهذه الغاية .
3- إستيعاب إسرائيل ل 75 ألف لاجئ فلسطيني من لبنان .
4- يصبح اللاجئون مواطنين دائمين كاملي المواطنة أي ليسوا مقيمين في الدول المعنية.
وضح مما ذكر أنه يجري التعامل مع قضية اللاجئين " بالمفرَق" أي تقسيمهم لجماعات متفرقة و المس بوحدتهم, بدون الإشارة لحقوقهم السياسية ولا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الذي يشكل المرجعية القانونية ، إلى جانب قرار 181 , واقتصر التعامل مع موضوع اللاجئين من جهة إنسانية فقط ، دعم مالي ومخصصات مالية , حتى رقم 75 ألف إختلفت إسرائيل حوله وفسرته بأنه مناط فقط بمواليد فلسطين قبل عام 1948 , أي من المسنين بدون زيادات سكانية مرتقبة , لماذا كل التركيز على قضية اللاجئيين ومحاولات تبديدها , بإختصار لأنها تشكل جوهر القضية الفلسطينية , هناك محاولات أمريكية و إسرائيلية و بدعم من بعض العرب إلى إصدار قرار أممي بتقاعد الأونروا , عبر تجفيف الدعم وبشكل متدرج عبر مراحل متعددة , للوصول إلى صيغة أمر واقع . وهي نقل ملفات اللاجئين الفلسطينيين من ملاك الأونروا إلى ملاك المفوضية العامة للاجئين الدولية , بحيث يصبح اللاجئ الفلسطيني يعامل مثل أي لاجئ في العالم , أي إخراج اللاجئ الفلسطيني من خصوصيته وقضيته السياسية , وفي هذا الإطار إتخذت المفوضية العامة للاجئين الدولية قرارا " غير معلن " بضم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا و لبنان مقابل معونات ، وهناك هجوم متواصل من إسرائيل على الأونروا تبنته إدارة ترامب ، تتهمها بأنها تحرض على العنف وعلى الإرهاب، " في إشارة لمناهج التعليم " تصريح نتياهو في 7 يناير الماضي حيث ربط الأونروا بالإرهاب و طالب بشطبها خير على ذلك .
أعطى أداء السلطة الفلسطينية إنطباعا في أثناء المفاوضات مع إسرائيل، برعاية أمريكية طيلة السنوات الماضية، أن قضية اللاجئين كانت بندا مرنا قابلا للمساومة وويربط ذلك بتفسير قرار 194 على أنه إما العودة أو التعويض وهذا كلام خاطئ و خطير، فالقرار ينص على العودة و التعويض عن الخسائر التي نجمت عن الهجرة و تخريب الممتلكات، إلى جانب إستغلال إسرائيل الدولة المحتلة لأملاك اللاجئين من أراض و منشآت .......إلخ
أمام هذا كله وجب على الفلسطينيين كما يشير المفكر الفلسطيني الكبير غازي الصوراني في بحثه المطول حول اللاجئين الفلسطينيين إلى : أولا التأكيد على وحدة اللاجئين الفلسطينيين , لا أن يترك لاجئي سوريا ولبنان عرضة للتصفية , إلى جانب التركيز على خطاب العودة وهو خطاب قانوني وسياسي يهدف إلى الوقوف و الإعتراض على كل المشاريع التي تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين .
إن الإعلان عن بدأ فعاليات وحملات الدعم و التبرع , التي أطلقها المفوض العام للوكالة في قطاع غزة السيد بيير كرنبول وجب دعمها ، من خلال الأنشطة المبتكرة التي من الممكن القيام بها للتأكيد على حق العودة، و على عدم المس بالأونروا , لأن الدعم الدولي هو مسؤولية أخلاقية و سياسية إتجاه اللاجئين الفلسطينيين , وخاصة في قطاع غزة المحاصر المكان الأكثر فقرا من كل المناطق , خاضت إسرائيل على قطاع غزة ثلاثة حروب بشعة , كانت تهدف إلى إزاحة كتلة القطاع البشرية نحو الجنوب أي نحو سيناء , المنطقة المستهدفة لحل القضية الفلسطينية وفق السيناريوهات الإسرائيلية و الأمريكية , لولا الأونروا لما صمد الغزيين , سواء عندما فتحت الأونروا مدارسها لإيواء المهجرين من مناطق تخوم القطاع ، أكثر من 350 ألف فلسطيني كانوا يتلقون مساعدات يومية ورعاية صحية ووجبات غذائية , في ظل عجز الحكومتين الفلسطينيتين في غزة ورام الله , ولا ننسى أن الأونروا توظف أكثر من ثلاثين موظفا فلسطينيا في التعليم و الصحة , وتقدم حوالي ل 150 ألف أسرة معونات شهرية , إضافة لبرامج التشغيل المؤقت , ودورها في إعادة إعمار المنازل و المنشئات التي دمرتها إسرائيل في الثلاث حروب الماضية .
إحالت الأونروا للتقاعد هو مس سياسي إجتماعي إغاثي بمستقبل اللاجئين الفلسطينيين , فالتقليصات في الخدمات نتيجة توقف الدعم الأمريكي والذي يشكل نصف موازنة الأونروا، يشكل صدمة وكارثة إنسانية في منطقة منكوبة كقطاع غزة .