الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"ثلجة ولو طارت"

نشر بتاريخ: 27/01/2018 ( آخر تحديث: 27/01/2018 الساعة: 16:36 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

عندي وجهة نظر لا يؤيدها معظم اصدقائي، وهي أن إسرائيل نزعت البركة والخير عن أرض فلسطين منذ قامت. حتى الأمطار عبثوا بها وخربوها، حتى الثلوج حسدوها. حتى المسطّحات المائية دمّروها، حتى الانهار نشّفوها، حتى البحار لغّموها. ويسخر أصدقائي مني ويقولون إنني متحامل بعض الشئ وأخلط المناخ بالسياسة. ولكنني أزداد إصرارا على أن الاحتلال هو سبب تدمير المناخ في فلسطين.
وفي النقاشات، تراني أفقد صبري ويزداد تشنجي فأذهب الى القول: إن الحمقى من العرب والعجم يعتقدون أن إسرائيل دولة متطورة زراعيا، وهذه كذبة إعلامية كبيرة روّج لها الإستعمار لتثبيط عزيمة الفلاح العربي. والحقيقة أن اليهود المستعمرون الذين جاؤوا من الغرب لم يمتلكوا خبرات الزراعة، وانما كانوا بمعظمهم يعملون في الربا والصيرفة، وأنهم لم يعملوا في الزراعة في أوروبا أبدا. بل كانوا من سكان المدن وليس لهم أي شأن بالزراعة، وهم الذين سرقوا خبرات المزاعين الفلسطينيين وأنظمة الري وتهجين البراعم، وهم أقاموا كيبوتسات زراعية لكنها اعتمدت على المال ومصادرة الأراضي ولم تعتمد على الخبرات الزراعية. والاّن يدمر الاحتلال الزراعة في غور الاردن ويعتدي على توازن البيئة فيها من خلال زراعة محمومة لبعض الاصناف التجارية دون غيرها ما سينهك الرمال وينهب المياه الجوفية.
ويخرج علينا حاخامات الاستعمار من امثال أريه درعي الذين يستوطنون في منازل بلدة المالحة في القدس  والتي سرقوها كما هي مع مسجدها ، ويقولون إن الامطار هطلت لانهم صلّوا صلاة الاستسقاء !!! وهل يقبل الله صلاة لصوص من امثالكم !!!
وفي مجال المياه، كان اليهود المستعمرون من أفشل الأمم في خبرات المياه، والدليل على ذلك ان هؤلاء اليهود الغربيين المقامرين قاموا خلال فترة حكم اشكول عام 1952 بأكبر جريمة مائية في فلسطين حين جففوا بحيرة الحولة ودمروا التوازن البيئي ورحلات الطيور المهاجرة من أوروبا إلى افريقيا، ولغاية الان تدفع فلسطين ولبنان وسوريا أثمان كارثية لهذا الإعتداء على توزازن البيئة.
من ناحية أخرى قام الاحتلال ويقوم ببناء جدار إسمنتي في الأراضي الفلسطينية ومع حدود الأردن ولبنان وسوريا. وهي جدران خطيرة على البيئة وعلى الاّبار الارتوازية وتدفق المياه الطبيعي، ومنع السيول والجداول من حركتها الطبيعية ما يدمر توازنات بيئية هامة، ويمنع حركة الحيوانات من بلد الى بلد ومن منطقة الى منطقة. كما تسبب الجدار في إنقراض أنواع هامة من النباتات الحرجية والوحوش (ينقرض البلوط والزعرور والميرمية وتنقرض الوحوش البرية ). ولمن يشكك في كلامي عليه أن يرجع إلى صفحة وزارة البيئة الاسرائيلية ويقرأ هناك عن حجم الكوارث البيئية التي سببها الجدار مع حدود سيناء ومع الاردن وسوريا ولبنان!!!
ومع ذلك يطلع علينا بين الفينة والأخرى وزير عربي سخيف أو وزير افريقي "أهبل" ، يخرج على شاشات التلفزيون ويقول بكل وقاحة: نريد أن نتعلم من تجربة إسرائيل في الزراعة!!! أي تجربة أيها التافه؟؟؟ وماذا تعلم أنت عن تجربة الزراعة في العالم العربي؟؟ ومن أين لليهود أصلا خبرات زراعية ومائية وهم أمضوا اّخر 500 سنة يعملون في مؤامرات أسوق المال والربا والصيرفة ومحلات رهان مصاغ الذهب!!!!
جفّف الاحتلال بحيرة الحولة، ونهب بحيرة طبريا باستهلاك غير واعٍ، وأقام الحواجز على طول نهر الأردن، ويحاول نهب نهر اليرموك، كما حاول تدمير نهر الليطاني في جنوب لبنان وسرق مياهه وترابه الخصب ونقله الى مستوطنات الجليل. اليهود المستعمرون هم الذين تسبّبوا في جفاف البحر الميت من خلال إستخدام مفرط ومجنون لمياه الجداول، كما نهبوا وجففوا جميع (أقول جميع وليس معظم) ينابيع وجداول الضفة الغربية مثل (عين يالو في الولجة ونبع العروب ونبع ارطاس ووادي البيار وحتى وادي البيذان واّبار مرج بن عامر ومئات غيرها).
الاحتلال أيها الاخوة ، منع تطور كليّات الزراعة في فلسطين وصادر الأرض والمياه، ومنع دخول المعدات، وإعتقل الخبرات الزراعية وصادر الاموال المخصصة للتطوير الزراعي وقهر القرية العربية ونافس الأسعار في السوق المحلي وسرق الزيتون وأحرق الحقول ولف أخصب أراضي مرج بن عامر بالطرقات السريعة التي دمرت البيئة.
وفي تقرير لوزارة البيئة الاسرائيلية (الاسرائيلية وليس العربية) جاء أن اسرائيل  تقوم بشق الطرق من أجل الاستيطان وليس من أجل تسهيل حركة السير، ورغم أنها قامت في بلد "فلسطين" به مطاران، هما مطار اللد ومطار قلنديا، وسكة حديد تربط بين حيفا والقدس والخليل بدمشق وبغداد والحجاز، الا أنها عطّلت سكة الحديد ونهبت أراضيها ومنعت تطور حركة المواصلات الطبيعية في فلسطين وإستبدلتها بطرق ملتوية و" غبية " دمّرت توازن البيئة وتتسبب بمقتل مئات الركاب سنويا وتدمير الحياة الطبيعية بين الريف والحضر.
إسرائيل يا سادة . لعنة بيئية كبيرة.. وهي السبب في كل مصائبنا المناخية ، حتى الثلوج لم تهطل بسبب الاحتلال..
يقول أصدقائي: أنت تبالغ يا ناصر. تبالغ جدا.