الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

السيادة الفلسطينية على الثروات الطبيعية من الثوابت

نشر بتاريخ: 02/02/2018 ( آخر تحديث: 02/02/2018 الساعة: 09:57 )

الكاتب: د.هشام صدقي ابويونس

إن السياسات والممارسات الإسرائيلية ليست عشوائية، بل هي جزء من سياسة ممنهجة ومتعمدة تنفذ بغرض السيطرة على الأرض والموارد الطبيعية بعد ان هجرت السكان الفلسطينيين بالقوة من بلداتهم وقراهم، حيث نشهد تكثيفا لهذه السياسات والممارسات المصحوبة بمصادرة الأراضي بغرض بناء المستوطنات، وجدار الفصل العنصري خاصة في منطقة القدس المحتلة ومنطقة الأغوار التي تشكل أكبر مساحة زراعية في فلسطين ,ولان القطاع الزراعي الذي يمثل الحجر الأساسي في بقاء ونمو الاقتصاد الفلسطيني الذي هو عامل أساسي لقيام الدولة الفلسطينية وتطورها، فقد عمدت إسرائيل لإعاقة الفلسطينيين عن القيام بالدور الاستراتيجي من خلال الممارسات والسياسات الإسرائيلي المختلفة و التي تحاصر كل موارد الدولة الفلسطينية وتعمل على استغلالها ونهبها .
وبالتالي فان الدراسات أكدت أن الاقتصاد الفلسطيني بات محروما من الوصول إلى أربعين بالمائة من موارد أراض الضفة الغربية واثنين وثمانين بالمائة من المياه الجوفية فيها وان إسرائيل تستغل حاليا أكثر من تسعين بالمائة من الموارد المائية الفلسطينية استخداما حصرياً بما في ذلك استخدامها في المستوطنات الإسرائيلية ، ويخصص أقل من عشرة بالمائة لاستخدام الفلسطينيين فقط بما لا يلبي احتياجات المواطن الفلسطيني العادي من المياه ، ونتيجة لذلك فإن متوسط استهلاك المياه في الأرض الفلسطينية المحتلة هو سبعين لترا فقط للفرد في اليوم الواحد، وهو دون الحد الأدنى التي توصي به منظمة الصحة العالمية وهو مئة لتر للفرد يوميا، وهو أقل بكثير من متوسط يقدر بثلاثمائة لتر نصيب الفرد في اليوم الواحد في إسرائيل".
ولهذا لم ولن يتم تحقيق اقتصاد قوي أو تنمية مستدامة في دولة فلسطين دون تحقيق الحرية والسيادة على الموارد الطبيعية، وبالتالي يجب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والذي يتطلب قرارات وإجراءات عملية من المجتمع الدولي .
رغم ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي في قراره 2007/26 شدد على أهمية إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط على أساس قرارات مجلس الأمن، بما فيها القرارات 242 (1967)، و338 (1973)، و425 (1978)، و1397 (2002)، و1515 (2003)، و1544 (2004)، ومبدأ الأرض مقابل السلام، فضلاً عن الامتثال للاتفاقات التي تم التوصل إليها بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة الشعب الفلسطيني.
وفي القرار نفسه الذي طلب فيه المجلس الاقتصادي والاجتماعي من جميع الأطراف احترام قواعد القانون الإنساني الدولي، والامتناع عن ممارسة العنف ضد السكان المدنيين وذلك وفقا لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة 12 آب /أغسطس 1949.
ومن هنا لا بد من ضمان حرية انتقال الأشخاص والبضائع في الأراضي الفلسطينية بما في ذلك إزالة القيود المفروضة على الدخول إلى القدس الشرقية والخروج منها، وحرية الانتقال إلى العالم الخارجي ومنه. وكما أن الجدار الذي تشيده إسرائيل في الأرض الفلسطينية ، بما في ذلك القدس الشرقية وما حولها، مخالف للقانون الدولي وأنه يعزل القدس الشرقية ويقسم الضفة الغربية ويضعف بشدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، ويجب إلى الامتثال التام للالتزامات القانونية الواردة في الفتوى التي أصدرتها محكمة العدل الدولية والذي أكدت فيه أيضا الجمعية العامة علي ذلك القرار من جديد الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني والسكان العرب في الجولان السوري المحتل في جميع مواردهم الطبيعية والاقتصادية، ودعت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، إلى عدم استغلال هذه الموارد أو تعريضها للخطر أو التسبب في فقدانها أو استنفادها، وأكدت أيضاً من جديد أن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، غير قانونية وتشكل عقبة أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودعت إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وطلبت من الأمين العام أن يقدم إلى الجمعية العامة عن طريق المجلس، تقريراً عن تنفيذ القرار إلا ان إسرائيل تقذف كافة القوانين في عرض الحائط.
وبالتالي باتت الموارد الاقتصادية الفلسطينية والسيادة عليها واستغلالها لصالح المواطن الذي حرم منها عقودا طويلة وهي من الثوابت الهامة في الصراع والمفاوض الفلسطيني بتجربته الطويلة لم ولن وبأي شكل من الأشكال أن قفز عنها أو إهمالها في مفاوضات الحل النهائي , لكن كما يسارع الاحتلال بالتهويد و الاستيطان في القدس لازال الاحتلال يفرض واقعا قاسيا وظلما مستمرا يعاني منه الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية ويستولى على كافة موارده الاقتصادية من مياه وغاز وبترول ومعامل توليد الكهرباء ، بينما المجتمع الدولي يقف عاجزا أمام قوة الاحتلال التي تعتبر نفسها فوق القانون وتواصل انتهاكاتها لكافة بنود القانون الدولي ولميثاق وقرارات الأمم المتحدة دون رادع, وبهذا لن يتم تحقيق اقتصاد قوي أو تنمية مستدامة في دولة فلسطين دون تحقيق الحرية والسيادة على الموارد الطبيعية وعدم إعاقة الفلسطينيين من استخدامها بل أن الفلسطينيين لهم الحق في الموارد الاقتصادية والثروات الطبيعية في فلسطين كلها أرضاً تاريخية عربية فلسطينية وليس أراضي الدولة الفلسطينية التي ستقام على حدود العام 1967 فقط .