الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس ترمب: ظاهرة حكم جديده

نشر بتاريخ: 02/02/2018 ( آخر تحديث: 02/02/2018 الساعة: 18:50 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري


كان مثيرا للاهتمام ما قاله الرئيس الاميركي ترمب بعد مضي سنه على حكمه في البيت الابيض وذلك في التاسع والعشرين من يناير "ما عجز عن اتمامه اي شخص اخر سنكون نحن قادرين على اتمامه" . وفي هذا السياق لا ارى غير قرار الكونغرس المتعلق بالقدس الذي طبقه الرئيس ترمب بعد 22 عام من صدوره وذلك بعد ان تجاهله كل من سبقوه من رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين .
بالطبع هذا لا يعني ان ترمب بلدوزر الرئاسه الاميركيه وانما يكشف بذلك عن سر هام من اسرار فوزه في الانتخابات الرئاسيه الذي لم يكن يحلم به او يتوقعه في يوم من الايام ولا اعتقد انه كان فعلا يريده . اذ لم يعد سرا ان ما قاله لزوجته لتهدئتها من مخاوف الضرب تحت الحزام الذي تتميز به حملة الانتخابات الاميركيه بعد ان طالها من الضرب نصيب, قال لها انها ايام وسنعود بعدها للبيت وذلك لاعتقاده كما كان حال كل المراقبين في استحالة نجاحه في الانتخابات .
وهو ما اكده كذلك للمقربين منه في اليوم الانتخابي وقبل ظهور نتائج الفرز من انه غير معني بنتيجة الانتخابات فقد حقق اليوم ما اراده الا وهو الشهره التي من الواضح انها جل طموحه في الحياه. وهو ما فسره بقوله " ما يجعل للمرء قيمه هو ان يكون محط اهتمام الاخرين سلبا ام ايجابا "وقال ايضا "ان يكرهك الناس افضل من ان تكون مجهولا لديهم".
من هنا يظهر اهتمام هذا الرئيس ترمب بتغريداته وعلى غير عادة سابقيه وذلك لاثارة الاهتمام اذ والرغم من خلو تغريداته من اي مضمون ذو قيمه يليق برئيس اكبر دوله في العالم الا انها اصببحت الاكثر متابعه كذلك هو عداءه للاعلام والاعلاميين بشكل غير معهود ل.رؤساء اميركا يبدو انه متعمد من اجل ان يخدم نفس الطموح واستخدامه كاداة شهره. فهذه وسائل الاعلام تتابعه في كل خطوه يخطوها و وتسجل كل كلمه يبوح بها لدرجه ان بعضها وبسبب هذه المتابعه الحثيثه والدقيقه تقول ان ترمب يكذب كل 3 دقائق وبعضها كل 5 دقائق واخرى تقول بانه اذا تكلم فهو لا يقول الحقيقه. الكاتب السياسي مايكل فيناغين يقول لا يوجد في السياسه الرئاسيه المعاصره مرشحا يقلب الحقائق بشكل روتيني مثل ترمب .
هذه الصفات البشريه المتطرفه في الكذب والعشق الطفولي للشهره في عالم السياسه الذي يجهله ترمب تماما اذ انه وفي حديث متلفز وذلك على سبيل المثال ,قال فيه انه التقى رئيس جزر العذراء (الفيرجن) واكال له المديح دون ان يعرف انها جزر اميركيه وهو بالتالي رئيس هذه الجزر. وبالطبع عشقه الجنوني للجنس موضوع يطول شرحه (كلفه اسكات ممثله اباحيه, مبلغ 130000 دولار). هذه الصفات جعلت منه ظاهره جديده في الحكم كيف لا وهو يزعم انه عبقري ومتزن عقليا وفي نفس الوقت يخضع نفسه للفحص الطبي من اجل اثبات ذلك, وبالتالي هناك من وجد في هذا العبقري ضالته من اجل تحقيق غايات لا يستطيع سياسي عاقل من تحقيقها فهو كما قال عن نفسه ذو قدرات لا يملكها الاخرين .
ايلان بابي المؤرخ اليهودي اليساري المعروف قال في واحده من قراآته المتعدده للحركه الصهيونيه " معظم الصهاينه لا يؤمنون بان الله موجود ولكنهم يؤمنون بان الله وعدهم فلسطين". هذا التناقض في الفكر الصهيوني وهو ما دأبت عليه هذه الحركه العنصريه كفلسفه لخلق تجانس بين الممكن وغير الممكن ونجاحها في ذلك يجعل منها صاحبة مصلحه في اكتشاف واحتضان ترمب وتوظيف الممكن وغير الممكن من اجل ايصاله للبيت الابيض كما كان الحال في احتضان داعش كادوات لا تخطئ في تحقيق اهداف تأخرت منها القدس ومنها تطويع العرب وتفريقهم بالاضافه الى ضمان استمرار تفوق اسرائيل على مجموع دول المنطقه.
ألرئيس ترمب يعتقد ان ما يراه الاخرين مدمرا هو يراه بناء وعليه فهو يعتقد انه باعترافه بان القدس عاصمه للشعب اليهودي يكون قد فعل خيرا للفلسطينيين وربما لألف وسبعمائة مليون مسلم وكأنها اي القدس عبأ عليهم ولا يعرفون ما يفعلون بها وربما ولا استغرب انه يتوقع ان من الواجب ان يتقدم له المسلمين بالشكر على ذلك.
وعليه فانني اجزم بالقول انه واهم كل من ينتظر ان يتراجع ترمب عن قراره بخصوص القدس ليس لانه لا يملك هذه الرفاهيه التي هي ملك من اوصله للرآسه وانما هي لغة جسده ونشوة انتصار معتوه التي بدت على وجهه وهو يعلن قرار اعترافه بالقدس عاصمه للشعب اليهودي هي ما يؤكد ذلك.
اعتراف الرئيس ترمب هذا لا يمت باي صله للواقع لا اخلاقيا ولا سياسيا ولا قانونيا وبالتالي فهو لا يعني اصحاب الشأن اصحاب الارض الحقيقيين الفلسطينيون الذين هم اول من سكن فلسطين واخر من سيسكن فلسطين وهم الذين ذكرو في التوراه قرابة 74 مره.
حتى ان الذين اوصلو ترمب للرآسه من اجل القيام بهذه المهمه يعرفون ذلك ولكنهم ارادو لهذا الاعتراف ان يعيد بعض اعتبار لمعتقداتهم التي قفز عنها قرار اليونسكو المتعلق بهذه المدينه المقدسه اسلاميا ومسيحيا.
اعتراف ترمب لا محاله خلق حالة بلبله ضاره ولكنها نافعه بحيث سارعت في كشف التواطؤ الاميركي وشراكة اميركا العضويه مع الاحتلال الصهيوني الاستعماري لفلسطين وكذلك في كشف بوادر تواطؤ في النظام العربي الرسمي الذي اتمنى ان يتصدى له ويوقفه المارد العربي الشعبي قبل فوات الاوان وقبل ان تنهار عروش من اجل القدس كما انهارت من قبل من اجل فلسطين.
القدس ليست العاصمه الابديه لفلسطين وانما باسلاميتها ومسيحيتها هي كل فلسطين.