الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المرحلة، العبرة، وما العمل؟

نشر بتاريخ: 08/02/2018 ( آخر تحديث: 08/02/2018 الساعة: 09:47 )

الكاتب: د.سعيد زيداني

يعرف العارفون، القاصي مثل الداني، والاعجمي مثل العربي، ان لا سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين اليهود بدون السيادة الفلسطينية على القدس العربية ( والبلدة القديمة داخل الاسوار لؤلؤة تاجها)، او المشاركة في السيادة على مدينة القدس بكاملها. فاذا كان الرئيس الامريكي ترامب يعتقد ان ازالة موضوع القدس عن جدول اعمال المفاوضات بين الطرفين المتصارعين يصب في خدمة العملية السياسية، فهذا يدل اما على عمى معرفي او على نية فاحشة في السوء، او على كلتا الرذيلتين معا. غني عن القول بان تحليه باحدى او كلتا الرذيلتين يفرح حكومة اليمين المتطرف التي يراسها نتنياهو "ويراقصها حتى نهاية الحب"!

اما العبرة التي على الفلسطينيين استخلاصها فهي ذات شقين هما:
ا) ان المسيرة السياسية التي انطلقت قبل اكثر من ربع قرن قد اتت على نهايتها رسميا،
ب) ان لا مجال في الظروف الرديئة الراهنة لاطلاق عملية سياسية واعدة برعاية بديلة او بقوة دفع بديلة او برؤية بديلة. بكلمات اخرى، طريق التفاوض الواعد بين الطرفين في المستقبل القريب مسدود، مسدود يا ولدي!

فما العمل؟
شئنا ام ابينا، فقد ادخلنا قرار الرئيس ترامب بتاريخ 6/12 في مرحلة جديدة، سمها "مرحلة ما بعد اوسلو". وهي مرحلة يتوجب استغلالها فلسطينيا لاعادة ترتيب امور البيت، واستجماع القوى، والتاهب لمرحلة نضال جديدة. هي مرحلة يتوجب خلالها انجاز مهام كالتالية:
١- اعادة بناء المؤسسات القيادية ل م.ت.ف. على اسس تمثيلية قويمة، تشاركية وديمقراطية.
٢- تحقيق المصالحة المنشودة بين سلطتي غزة والضفة الغربية.
٣-فك الارتباط بين السلطة والمنظمة (بعد اعادة بنائها)، بحيث تتفرغ الاولى ( بعد اعادة تعريف دورها) لتقديم الخدمات المدنية للناس، بينما تتفرغ الثانية لقيادة النضال مجددا من اجل التحرر والاستقلال. غني عن القول بان وقف التنسيق الامني هو احدى نتائج فك الارتباط هذا.
٤- اعادة النظر جديا في "حل الدولتين الكلاسيكي"، والذي تداعى في وسط الظهيرة، واستبداله بحل الدولتين المرتبطتين كونفدراليا او المتشاركتين في وطن واحد او ما شابه.
٥- تبني وممارسة انماط نضال ميداني تتسم بالكفاءة اولا، وبالتوافق مع معايير الشرعية الدولية ثانيا.

وباختصار، الرد الوطني المناسب والمتناسب على التحدي الذي جاء من واشنطن بتاريخ 6/12 هو فعل نضال في المقام الاول والاهم. ولكن مثل هذا الفعل لا تقوى على احداثه الا قيادة تجاوزت واقع الانقسام، واجتازت اختبار اعادة البناء على اسس قويمة.

استاذ الفلسفة في جامعة القدس.