الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإقتصاد الفلسطيني بين الواقع والتطور

نشر بتاريخ: 14/02/2018 ( آخر تحديث: 14/02/2018 الساعة: 11:29 )

الكاتب: رائد شهوان

مرّ الاقتصاد الفلسطيني بمراحل متعددة تنوعت بحسب الحقبة والظروف المحيطة به من إنهيار وتماسك وإنتعاش ونمو... وقد إستطاع الاقتصاد الفلسطيني برغم المعيقات والتحديات الى الصمود تحت مختلف الظروف معتمدة على العنصر البشري والقوانين والتشريعات الفلسطينية التي تتطور وإن لم تكن بالشكل المطلوب بالإضافة الى القطاع الخاص الذي بني على أساس عائلي ويتمدد بإستمرار والذي يصعب العبث وتعديله في المرحلة الحالية والذي يشكل ما نسبته 85% من الاقتصاد وحسب الدراسات والأبحاث فإنه فترة خلق الحكومات للوظائف إنتهت لما يسببه من مشاكل وعقبات مستقبلية في طريق التطور والذي يمكن تعويضه ويلعبه القطاع الخاص من خلال البرامج والمشاريع الخلاقة وإستغلاله للإتفاقيات الدولية التي يمكن ان تزيد من قوته في التعاملات الخارجية وتهميش العمل من الباطن بالإضافة الى الدعم الدولي الغير مستغل حسب رؤوية المانح ولكن يعتبر الاقتصاد الفلسطيني كباقي الاقتصادات المختلفة تؤثر وتتأثر بالبيئة والاقتصاديات المحيطة وهو ما عمل على إضعافه بشكل كبير خصوصاً من حيث الغلاف الجمركي الموحد والتبعية للاقتصاد الاسرائيلي وهنا لا يمكن إغفال إمكانية الإستفادة من التطور والتجربة وإستخدام التكنولوجيا الحديثة لدعم الاقتصاد الفلسطيني.
ومن وجهة نظر مختلفة ومركزة على جانب يرى كل متتبع للدراسات والحقائق أن هناك صعوبات وعوائق وأخرون يعتمدون على الإيجابيات المتضمنة الفرص والتحديات، وحيث أن الأقتصاد الفلسطيني الوليد يعتبر مكاناً جيداً للاستثمار والتجارة والذي نمواً وتراجعاً معتمداً على الحالة السياسية والعملية السلمية رغم الفرص الهائلة للاستثمار.
وعلى الرغم من نسبة البطالة المرتفعة والمتركزة بمناطق محددة والتي يمكن أن تكون إيجابية لتوفر الأيدي العاملة الفتية المهرة وإنخفاض تكلفتها فإنه هذه المؤشرات التي تؤكد حالة النمو الحالي الذي يتمتع به الإقصاد الفلسطيني على الرغم من كافة المعيقات والصعوبات التي تحاصره.
تعتمد الأهداف الإستراتيجية والتنموية على دراسات وأبحاث تعكس حقائق ثابتة قابلة للتحقيق والواقعية لتحسين الوضع القائم بما يتماشى مع السياسات العامة وتطوير التشريعات القانونية والأنظمة لتنفيذ الإصلاحات نحو تحقيق التنمية المستدامة، وحيث أن النمو السكاني الفلسطيني يظهر قفزات بالنسبة ما بين عام وأخر وأن نسبة المشاريع الصغيرة والعائلية هي الأعلى والمشغل الأكبر للاقتصاد الفلسطيني والتوجهات نحو التعليم التقني أسوة بالدول الصناعية والباحثة عن النمو والتطور وإستخدام مصادر الطاقات البديلة كل ذلك يجب ان يتم الإعتماد عليه في كافة المتغيرات المستقبلية لا سيما في ظل محدودية المصادر والتعثر في العملية السياسية.
وحيث أن تطوير عمل القطاع المصرفي والمحافظة على إستقراره ومتانته وتقديم التسهيلات والتمويلات اللازمة للمشاريع يعتبر الرافد الأساسي للعمليات التنموية ويرتبط حجم التمويل بالإدارة الجيدة للتوظيف لإحـداث النمـو لكافة القطاعات الاقتصادي بما يعمل على تحقيق تنمية مستدامة وفقاً لتخطيط السياسة المالية، فقد عملت سلطة النقد الفلسطينية التي تلعب دور الوسيط بصفتها البنك المركزي ما بين المشاريع والبنوك والتي عملت على تأسيس نظام بنكي نفتخر به وبفترة قياسية من خلال القوانين والتشريعات فإن المساهمة المقدمة من البنوك والمؤسسات المالية العاملة في فلسطين لدعم القطاعات الاقتصادية المختلفة لم تكن بالقدر والمستوى المطلوب وهو ما شكل إنتقاداً للمؤسسات المالية فهي ليست مؤسسات فقط لتجميع الودائع وإنما يجب وتقع على عاتقها مسؤولية كبيرة بالمشاركة الإجتماعية والتنموية نحو القطاعات الاقتصادية، كما يجب على سلطة النقد والجهات المعنية العمل على وضـع خطـط لتطـوير المناخ الاستثماري.
في ظل التوجهات العالمية والإنتكاسات والكوراث البيئية التي حلت بالعالم عملت الاقتصادات الكبرى على الاستفادة من الطاقة البديلة لتعتبر مصدراً جديداً للطاقة النظيفة وما يطلق عليها الطاقة الخضراء والتركيز على طريقة استثمارها بالشكل المطلوب، ورغم الحوافز التي أعلنتها الحكومة الفلسطينية في سبيل تحفيز المشاريع والمنشأت الصناعية للإعتماد على الطاقة البديلة إلا انه لم تصل الى الهدف المنشود رغم علمنا مسبقاً بمحدودية المصادر الطبيعية ليكون دافعاً قوياً أمام القطاع الخاص الفلسطيني المتطلع الى الإبتكار والتحفيز وتنويع المصادر الى جانب التوفير وإيجاد مجالات إستثمارية جديدة تتطور يومياً.
ولتطوير الإقتصاد الفلسطيني وإعتماده ذاتياً يجب الإستفادة لتطوير التعليم المهني والتقني الذي يعتبر أساساً للصناعة الفلسطينية المستقبلية ورغم المحاولات لم ترتق لما هو مطلوب لا سيما وأننا تحدثنا مراراً وتكراراً حول العامل البشري الذي هو الكنز والجوهرة الدفينة، وعل الرغم من نظرة المجتمع السلبية والأخذه بالتغير لهذا النوع من التعليم إلا أن حاجة السوق الفلسطيني الى التخصصات المهنية والتقنية بتصاعد وذات فائدة ونمو كبير والذي يجب ان تكون كافة التطلعات والسياسات تتركز عليه.
ونتيجة لمحدودية المصادر في الاقتصاد الفلسطيني تنشأ أهمية المغتربين والشتات وخصوصاً مجتمع الأعمال المغترب في نقل المعرفة ورؤوس الأموال اللازمة لإنشاء المشاريع وتوفير فرص العمل سواءً من خلال الاستثمار المباشر او غير المباشر لا سيما وأن عدد فلسطيني الشتات كبير جداً وموزع بين جميع الدول والمجالات وهنا تكمن أهميته الإستفادة منه وذلك لتعزيز العمل المشترك لخدمة فلسطيني وتطوير الإقتصاد الفلسطيني.
إن كل ما تم سرده من حقائق يعبر عن النظرة الحقيقية وواقع الاقتصاد الفلسطيني والتوجهات التي يجب أن يقوم عليها بإتجاه الإستدامة والتطور وإستقلاليته، وهنا يجب عدم إغفال الإستفاده من تجارب الدول بكافة المجالات، وتحديث وتطوير القوانيين والتشريعات بين فترة وأخرى لمسابقة دول المنطقة بجذب رؤوس الأموال وخصوصاً أننا سوق جديد وحديث يحتاج الى تطوير بكافة المجالات وهو ما يشكل عامل جذب إضافي.