الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

سيناريوهات الحرب المحتملة

نشر بتاريخ: 17/02/2018 ( آخر تحديث: 17/02/2018 الساعة: 13:20 )

الكاتب: د. حسن عبد الله

اسقاط طائرة "أف16" الإسرائيلية بصاروخ سوري، ليست حدثاً عابراً أو آنياً، بقدر ما يحمل عدداً من المؤشرات، التي من المؤكد أنها تخضع لتحليل الأطراف المعنية، خاصة إسرائيل، وفي مقدمة هذه المؤشرات أن الأجواء السورية لم تعد مستباحة وأن الطائرات الإسرائيلية لم تعد قادرةً على العمل بدون قيود، أما المؤشر العسكري السياسي المزدوج، فإن هناك قراراً سورياً مدعوماً إيرانياً بالتصدي، على اعتبار أن ليس للسوريين ما يخسرونه، في ظل هذا الاستهداف الإسرائيلي من جهة، وتحديات الداخل من جهة أخرى، وأن قرار التصدي يرتبط بأبعاد سياسية ومعنوية، في حين أن إيران تجد في لجم الاندفاع الإسرائيلي فرصة مواتية لتغيير قواعد اللعبة في سوريا، لا سيما وأن إيران موجودة بقوة على الساحة السورية وأصبحت قريبة وقادرة على التحريك والمشاركة المباشرة في أية حرب محتملة. كما أن حزب الله يتجهز منذ سنوات للمواجهة ولديه استراتيجية، والسؤال المطروح إذا ما حدثت مواجهة شاملة ما هي السيناريوهات المحتملة.
السيناريو الأول، أن تعود إسرائيل لجس نبض سوريا مرة أخرى بقصف محدود أو واسع من الجو، لاختبار الدفاعات السورية واكتشاف إذا ما كانت هذه الدولة تمتلك قدرات غير تلك المعروفة والمعلنة، وينتهي الأمر بقصف مواقع عسكرية أخرى وإصابة طائرات إسرائيلية بالمضادات السورية.
السيناريو الثاني – أن تتوسع المواجهة إلى أبعد من التصدي لإعتداءات الطائرات إلى صواريخ تطلق في الاتجاهين تستهدف مواقع حيوية في سوريا وإسرائيل على حد سواء.
السيناريو الثالث – مواجهة أوسع بمشاركة حزب الله في سوريا ولبنان ومشاركة أكثر فعالية من القوات الإيرانية على الأرض السورية ودخول المقاومة الفلسطينية على الخط من قطاع غزة.
قد لا تكون هناك فواصل بين السيناريوهات الأربعة، وقد يتحول الأمر من سيناريو إلى آخر وصولاً إلى السيناريو الرابع، وفي حالة حدوثه، فإن كل الأطراف ستتحرك بأقصى قدراتها، بعد أن تخرج الأمور من نطاق الضوابط والسيطرة الروسية والأمريكية على الساحة السورية، لتصبح المواجهة شاملة.
أما النتائج المتوقعة فهي ضرب مواقع عسكرية واقتصادية في سوريا ولبنان وغزة، لكن إسرائيل ستكون في مرمى الصواريخ وستتكبد خسائر كبيرة وستضطر للتعامل مع تداعيات خطيرة في الجليل والجولان وعلى الحدود مع لبنان وربما بعمق كيلومترات على مستوى البلدات والتجمعات السكانية الإسرائيلية في هذه المنطقة.
أما على المستوى السياسي والدبلوماسي فستسارع أطراف دولية ومنها روسيا والولايات المتحدة ودول عربية أخرى في محاولة لوقف الحرب، لكن بعد أن تتكبد الأطراف المشاركة بخسائر اقتصادية وعسكرية وبشرية، أما القضية الأكثر أهمية التي لا تغيب عن الدوائر السياسية والعسكرية الإسرائيلية، أنه بعد انتهاء الحرب، فإن قواعد اللعبة في الشرق الأوسط ستتغير، وستجد إسرائيل نفسها أمام معادلة جديدة، ليس من السهل تقبلها إسرائيلياً، لأن الخسائر الكبيرة ستسوعب عربياً وإيرانياً في إطار أن المنطقة تعيش ترتيبات وتداعيات خطيرة، فمنذ سنوات يتم تدمير دول وتشكيل هياكل وتحالفات جديدة، بمعنى أن الوضع العربي غير مستقر ومتحرك، فيما أن الجديد في حال اندلاع الحرب، فإن اللاستقرار والتداعيات المتسارعة ستطال إسرائيل نفسها، ويصبح الكل في " الهم شرق"، أي أن إسرائيل ستجد نفسها وقد دخلت في معمعان التداعيات، بعد أن تكون ضربت وضُربت، دمرت ولم تنج بدورها من ردود أفعال الآخرين الموجعة الذين لديهم أدواتهم وخبراتهم وعقيدتهم القتالية. ما بعد الحرب المتوقعة كل شيء سيكون مختلفاً، وستسقط القواعد والضوابط القديمة. والسؤال هل تستطيع إسرائيل التعايش مع مقاييس عسكرية وسياسية ومعنوية مختلفة جذرياً تطال السياسة والامكانيات العسكرية، في ظل غياب انتصارات حاسمة وحروب خاطفة وتفوق لا يقاس بقوة الطيران فقط، لأن الطيران ليس اللاعب الوحيد بكل تأكيد.