الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ارض النخيل على الصفيح الساخن ...

نشر بتاريخ: 21/02/2018 ( آخر تحديث: 21/02/2018 الساعة: 12:18 )

الكاتب: يونس العموري

هي حكاية وطن مسيج بأكاليل الشوك في هذه اللحظة، وهي رواية مرعبة الفصول والاحداث وما آن لها ان تنتهي، وما من مُخلص، والكل يتبارى في أتون الخراب والتخريب لمفردات العشق والتحرير والانعتاق والتحليق في عوالم الحرية وتقرير المصير ...
وهو عرس الدم مستندا الى الانقسام والإنفصام المتواصل... وهو الضياع والسقوط بلا قاع، والذبح على هوية الإنتماء السياسي والفكري... وبات العقاب للجغرافيا جزء من طقوس العرس، وارض النخيل النحيف الجزء غير المُجتزء من وطن الياسمين بكل مكوناته بالبحر والجبل والبيداء الضحية ولها ان تأن وتشكو وان تظل باكية في ظل ليلها البارد .. وما من مُغيث ... والمعبر الفاصل ما بين العبودية والتوق للحرية بأوامر القيصر بالسلاسل موصد امام عباد القدير الخالق الواهب للمُلك ...
ومحترفو الفعل السياسي بملعبهم يرتعون، والاحتراف له علاقة بدبلوماسية الحفاظ على المصالح والبحث عن التقاطعات ما بين الشاة والسكين ...
وهي العبثية المليشياوية المتجولة بالأزقة البائسة ، بعد ان كانت اساسات لمكونات بنادق الاحرار الباحثين عن الهوية الحضارية لجماهير اللجوء ...
وهم من يدعون امتلاكهم للحقيقة، وان ارض المحشر والمنشر تعنيهم فقط ... ولا مكان للآخرين عليها... يريدون تدشين ممالكهم واماراتهم عليها... هم القتلة مع سبق الإصرار والترصد... وهي رائحة الموت قد اصبحت المسيطرة على المشهد اليوم ... ولمن لا يعرف هم المقنعون ايضا خلف اوهام عرش كرتوني هش ... وكما قلنا لا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها وان نكشف اللثام عن مجريات أمور الفعل وحقيقته...
ما بين (امارة هناك بأرض النخيل.... وحاكمية هنا لبعض من التلال والروابي... ) تدور المعارك... ما بين من يدعي امتلاكه للحقيقة المطلقة وحقه بمقاتلة (اللحديين...) ومن لا يرى بالوطن سوى صفقات الربح والخسارة ويوظف اطروحاته السياسية خدمة لسادة العولمة... وما بين من يريد ان ينصب نفسه (اميرا للمؤمنين) على البسطاء في تلك الامارة وبين من يعتبر انه من انصار الواقعية السياسية الجديدة تدور المعارك.... ولتلك المعارك اخوات وانصار ومساندون ايضا... فالعائلات انقسمت واستنفرت ابناءها لحمل سلاح الموت والرقص بعرس الدم المتواصل لاستنفار العصبويات العشائرية والثأر للقتلى... ومراكز القوى اضحت جزء من لعبة الموت هذه والبزنس المتوحش له النصيب الأكبر، وصراع ( الإكس X) وضع تحت هذا ( الإكس X) ما تشاء من مسميات (والدم بدم والرأس برأس... ولن نصالح على الموت الا بالموت..) وهذه شعارات اللحظة الراهنة ....
اذن لم يبق مكان للعقل في هذه الفتنة الدائرة رحاها بكل الامكنة، التي حصدت وتحصد المزيد من الموتى والقهر والابتذال . وقرار الحسم يبدو أنه اتخذ، والمواجهات بلغت نقطة اللاعودة، مع الإعلان الجديد ولن يتراجعوا حتى يكون لهم فعل الحسم على الأرض ، والحسم وقته لم يحن ولا يُراد له ان يكون ، والكل له الشروط والشروط يتم تفصيلها وفقا لإرادة المعادلات الوجودية في هذا البحر المتلاطم الامواج ، والحصار متواصل على الفقراء واليتامي وعابري السبيل ، ونحن هنا جزء من حالة الحصار تلك ، ولكم دينكم ولنا ديننا ، ولن يكون العرس المُنتظر ( بنتكم عندكم وابننا عندنا .. ) وهذا الكلام الفصل والواضح والأوضح والمُلخص والمتلخص للحالة في ظالة الإنتظار المتواصل للخطاب الهام والاهم والمهم والمفصلي والعابر للكلمات في المحفل المُسدس نجمته ...
هذه هي الصورة دون اي شكل من اشكال التجميل وهذه هو الصراع وبهذا الشكل يتواصل وعلى هذا الأساس يجب ان نفهم ونعي حقائق الأمور...
أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية لا يمكن توصيفه ومن وجهة نظر المتقاتلين تارة والمتخاصمين تارة اخرى وفقا لطبيعة الحالة يكون التوصيف لحالة التناحر والتناقض القائمة ما بين اطراف المعادلة ثنائية الوجه ... الا كونه الفرصة الأخيرة لهم لتثبيت ما يريدون على الأرض.. فمنهم من يعتقد ان فعل الحسم لابد منه بصرف النظر عن الاسلوب والوسيلة ان كانت عسكرية او دبلوماسية او حتى تفاوضية لتقاسم ومراعاة المصالح ،على الأرض قد اضحى ضرورة ملحة وفعلية ليحكموا بما (انزل الله ومحاربة الكفرة وتحرير ارض النخيل واجتثاث العملاء والخونة منها ..) والآخرون يعتقدون ان البحر قد باتت مرتعا لقوى الشر والظلامية وتعيق تنفيذ برامجهم الواقعية.. والشعب يدفع فواتير تناقض المصالح.. وهي بالفعل مصالح تتصارع على الأرض... فليس هناك من قوى ظلامية ولا يمكن ان نعتبر ان ثمة قوة لحدية تغزو المكان والزمان ... ولا يمكننا ان نتفهم من كان بالأمس حليفا وشريكا بصناعة التفاهمات وصناعة فصول في التاريخ القريب قد اصبح بقدرة قادر( لحديا..) بل لا يمكننا ان نستوعب ان من وقف الى جانب كبير كهنة المعبد ذات يوم بمراسم اداء اليمين قد صار اليوم عميلا....
مع العلم ان ما يسمى باتفاقات وبرتوكلات التصالح والمصالحة كانت قد تم انجازها ما بين (القوى اللحدية والقوى الظلامية والتكفيرية .. كما يدعون) .. وفلاسفة القوم قد انبروا بالتهليل والتكبير ...
مرة اخرى لا بد من مواجهة ومجابهة الحقيقة.. والحقيقة ساطعة سطوع الشمس وتتمثل تلك الحقيقة بأن صناعة الموت وبشتى الطرق هي الرائجة في ارض التين والزيتون والقهر .. وان سماسرة فعل القتل والذبح هم من يجدون لأنفسهم امكنة في سدة الحكم ...
لا بد من نتيجة فعلية لكل ما يدور ولا بد من مصارحتنا بالنتيجة هذه... وتلك النتيجة وكان قد قالها الكثيرون وصرح بها سادة وقائع الواقع الراهن .. ( بأن لا نتيجة والنتيجة قد اضحت عبثية وبعيدة المنال .. والتصالح وتطبيقه على ارض الواقع يصطدم ما بين التمكين وانجاز الشروط وبين اعادة قوت العيش للمفصولين والمستنكفين والتفريغات للمفرغين وللعاملين ...
ووسط كل هذا عاصمة العواصم تأن وتستغيث والابراج العسكرية على الباب الدمشقي للعبور الى العتيقة قد اضحى الواقع .. والرافعات العملاقة منصوبة بساحة البراق وهذه الحقيقة الساطعة .. وللبيت العتيق رب ربما يحميه ...
وبين من يريد ومن يستطيع تكبر المسافات ... فالذي يريد ربما لا يستطيع ، والاستطاعة لها علاقة بالعوامل الفاعلة القادرة على صناعة اللحظة المتوافقة والإرادة ، والاستطاعة متوافرة ولكنهم لا يريدون انهاء هذه الحالة الشاذة والطارئة على التاريخ وقد ضاق التاريخ بكتابة حروف العهر والعدمية العبثية ، والقتلى بلحظة اتخذوا القرار بالتمرد على القبور والإنبعاث من تحت الارض ... وتبقى ارض النخيل على الصفيح الساخن و لا تقبل بأنصاف الحلول ولا تصافح الأيدي المرتجفة ولا تصاحب الخبيث حتى لو بقيت وحيدة مهملة ... والانتظار سيد الموقف ...