الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

هدنة فلسطينية

نشر بتاريخ: 22/02/2018 ( آخر تحديث: 22/02/2018 الساعة: 12:04 )

الكاتب: أحمد طه الغندور

ربما يكون خطاب الرئيس أبو مازن في مجلس الأمن قبل يومين قد فتح "نافذة على العالم" تعرض صور متنوعة من المواقف الدولية لأعضاء مجلس الأمن، بدءًا من صدق الفلسطينيين في رفض الهيمنة الأمريكية على قضيتهم الفلسطينية، والتطور الجاد في الموقف الروسي في مجمل قضايا الشرق الأوسط، إضافة إلى مزيد من الوضوح حول " دبلوماسية الغريق " التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها " تل أبيب " والتي كانت أخر فصولها في مجلس الأمن؛ والتي استشرف الرئيس الفلسطيني خداعها مبكراً فغادر القاعة قبل أن يقوما ممثلا الغريقين بالصراخ داخل أروقة الأمم المتحدة " أنقذونا من عباس " وأنقذوا السلام منه، ونحن لدينا خططاً للسلام لن نعرضها عليكم الأن!
لماذا لن تُعرض الأن؟
هل تقول الولايات المتحدة للدول الكبرى في العالم، أنكم بلهاء ولن أعرض شيء وسأمضي في خطة "بينس وترامب " في خلق " مملكة صهيون " التوراتية من النيل إلى الفرات وسأدمر الأقصى حتى يأتي المخلّص. ولدينا الطوق الإسلامي والتوافق العربي المؤيد لذلك.
كل ذلك ورغم رفضنا له متوقع بكل تفاصيله في الأمم المتحدة، لكن غير المتوقع هو ما أظهرته النافذة من صور لنا نحن العرب والفلسطينيون كأجراء استباقي للخطاب في مجلس الأمن، ومن ردود فعل على ما جاء في الخطاب.
فجأةً كان هناك من تذكر غزة ورفع الحصار عنها، وفتح المعبر لتسهيل الهرب على الفارين من جحيمها، وظهور مبادرات الإنقاذ التي تجمع كل أطراف التناقض الفلسطيني والعربي، ولا مانع بأن نلف هذه المبادرات براية القدس حتى نخفي تحتها بروز محاولات الانفصال عن فلسطين وتحجيم القضية في دولة غزة، مع الحرص على ألا نُسقط ورقة التوت التي قد تفضح كون البعض منا كفلسطينيين رهن نفسه دمية لأنظمة قبلت دور الخيانة إرضاء لسيد البيت الأبيض ولصوص الاحتلال.
إن الخيانة لا حل لها ولا علاج منها، والعدو لا يخجل من أحد، وهو ليل نهار يفضح المتعاونين معه وبكل السبل، لأنه يعلم أنه لا يستطيع السيطرة على الأقوياء ولذلك هو يريدهم أيضا ضعفاء مشكوك في أمرهم كما يشككون هم في قيادتهم.
لا مجال ولا قيمة لتكرار الحديث عن انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية مع أناس لا يدركون مفهوم الوطن لا دينياً ولا وطنياً.
لذلك، وبالرغم من الإجراءات المتسارعة في تهويد القدس وتفتيت البقية الباقية من الضفة الغربية، وبالرغم من اشتداد الموت على غزة وأهلها الصابرين، أطالبكم " بهدنة فلسطينية " يسعى فيها العقلاء منا لمنع تسرب الخيانة إلى داخل القيادات والفصائل الفلسطينية، هدنة لن تطول إذا عدنا لديننا الحنيف وأخلاقنا الفلسطينية.
إيماننا بأن الحل لقضيتنا هو فلسطيني ينبع من داخلنا، وأننا لسنا أداة لكائن من كان، وأن الله خير رقيب علينا يجري الحق على ألسنة الناس، يتطلب من أن نعيد تفكيرنا بما يجب أن نكون عليه.