الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأقوياء لا يملكون الحلول . يملكون المشاكل فقط

نشر بتاريخ: 26/02/2018 ( آخر تحديث: 26/02/2018 الساعة: 11:34 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

تؤكد التجارب التاريخية أن الأقوياء لا يملكون الحلول ، وإنما يملكون القوة والسلاح لتحطيم ما هو قائم . وبعد فترة يعودون للبحث عن حل للنزاعات لأنهم يكتشفون ان القوة لا تصنع الحضارة ولا تؤسس لحياة أفضل .
وفي مؤلفه أصل الأنواع يعرض العالم البيولوجي الأنجليزي تشارلز داروين نظريات النشوء والتطور عند الكائنات الحية ، بدء من الاهمال والاستعمال الى التكيف الى العدوانية . وليس غريبا ان السلحفاة التي لا تملك أي ناب او مخلب وتزحف على قوقعتها تعيش لمئة عام ، بينما الأسد وهو من أقوى السنوريات وأكثرها فتكا ، لا يعيش سوى عشر سنوات وربما 15 عاما فقط .
الأقوياء يحطمون العالم بقوتهم ، وأحيانا يسرقون الحلول التي يطرحها الأقل قوة وينفذونها ، لكنهم غير قادرين على إجتراح أية حلول عادلة . وحين فاز شارون بالانتخابات عام 2001 عرض على الجمهور الاسرائيلي منطق القوة وأنه قادر على فرض قوة المدفع على الفلسطينيين لإجبار عرفات على التراجع ، وبالفعل إجتاح الضفة الغربية وقتل ودمّر وحطّم وحاصر ، ولكنه لم يحصد سوى المزيد من العمليات . وبعد أن إستنفذ ما لديه من قوة ، جلس فاشلا حائرا يبحث عن أي حل يخرجه من مأزقه . ووجد ضالته في ( حلّ ) عرضه بنيامين بن اليعازر لاقامة جدار حول الضفة الغربية . وهكذا فعل . وقد فشل الجدار لانه لا يشكل حلا للصراع وانما هو مخرج من ازمة شارون وفشل منطقه العسكري .
نظرة واحدة على الاقليم ، ونظريات القوة عند أصحابها سنعرف أنها فشلت ولم تحقق أي سلام أو هدوء ، وإنما إستجلبت المزيد من العنف ، في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغزة ...

في لحظة ما . يفقد القوي قدرته على السيطرة ، ويجلس مهموما لا يعرف لماذا لا يستطيع أن يرسم العالم كما يريد .. وهذا ما يشعر به الان رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ، ويشعر به قادة الحركة الصهيونية في تل أبيب .

وقد كشفت مصادر إسرائيلية أن الولايات المتحدة ، مارست قبل أيام ضغوطا هائلة على الرئيس عباس ليطرح مبادرة حل خلال خطابه أمام مجلس الامن . وهو إثبات اّخر على ان الاقوياء فقدوا القدرة على السيطرة . وينتظرون من الضحايا أن يطرحوا حلولا لمعضلاتهم .
إنها مسألة وقت ، وتبدأ القوى العظمى في البحث عن حلول ، لينقذوا أنفسهم من قوتهم المفرطة .وهناك على طاولة الرئيس الأمريكي 220 مشكلة في العالم تديرها امريكا منذ سنوات طويلة ، لكنها عاجزة عن طرح أي حل لها .
لان الظالم عاجز ولا يملك أية حلول .