الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بانوراما الواقع الاقليمي الراهن ...

نشر بتاريخ: 28/02/2018 ( آخر تحديث: 28/02/2018 الساعة: 10:58 )

الكاتب: يونس العموري

من الواضح ان جلسات المحفل الأممي المسمى بمجلس الأمن المتتالية حول القضايا الساخنة في المنطقة ( فلسطين، سوريا اليمن، العراق، الخ ...) اصبحت مجردة من فحوى القواعد والاسس التي من المفروض ان يرسيها هذا المجلس وأثبتت صحة التعبير الساخر الذي يقول أن (السياسة هي فن الكذب) فأغلب ممثلي الدول العظمى التي تقود النظام العالمي الجديد يكذبون، ويعرفون أنهم يكذبون، وكل العالم يعرف أنهم يكذبون، ويستمرون في الكذب، فروسيا تحمي الشرعية، وأمريكا تحمي الديمقراطية، وبريطانيا وفرنسا تحمي المدنيين، مع أن لديهم جميعا طائرات تقصف، ومقاتلين على الارض، وقواعد عسكرية ثابتة، وقنوات إعلامية تؤجج، والمدن الفقيرة تدمر، والدماء تسيل، والأطفال والنساء والشيوخ يقتلون، والجرحى والمرضى لا يجدون الدواء ولا الغذاء، وقد عجز مجلس أمنهم - أو رفض- أتخاذ قرار إنساني بالهدنة حتى يمكن إجلاء المدنيين، وعلاج الجرحى وإنقاذ الأطفال والنساء والشيوخ، ورغم ذلك فكلهم يدعون البراءة، والآخر هو المذنب، وكلهم (حواريون) ... فمن (يهوذا) ...؟؟
وصناعة الزعامات على مختلف الصعد والمسميات أضحت التجارة الرائجة في ظل عصر القطيع والحريم... والكل يتبارى في ترويج بضاعته هنا وهناك على اساس خدمة المصالح.. والفرضيات تفرض نفسه على حقل التجارب والحقول هي هنا وبالضبط هنا في المنطقة الفاصلة ما بين عبيد المرحلة والاتجار بالافكار والسياسات والعرب العاربة المستعربة خارج الفعل وردة الفعل السمة الأبرز في العناوين الظرفية ... ولسان الحال ان الفُقراء لا يموتون جوعاً، بل يموتون قهراً ...
والكل يتبارى في محاولة لضمان موقع له بالوكالة في النظام الشرق الاوسطي المتشكلة زواياه الأن وبهذه اللحظة الفارقة والتاريخية بتاريخ المنطقة... وذلك من خلال رسم التحالفات الدولية المنعكسة بالضرورة على الوقائع الاقليمية .. السعودية ... ايران اسرائيل .. تركيا ... تحالفات الرباعية العربية واخرى لها علاقة بالمحاور المذهبية وعلى الجانب الأخر لها علاقة بالممانعة والمقاومة .. وخلق الفزاعات العدوانية لكل محور قائم بذاته ... وهنا نجدنا دائما في دوامة الصراع والتصارع والقاتل والمقتول بالوكالة لصالح ديناصورات العالم المُتحضر المسيطر على قوانين اللعبة واللعبة أضحت مكشوفة وواضحة ...
ومن خلال نظرة بانورامية مشهدية المقطع للواقع الراهن تتبلور الفرضيات المُصنعة في دهاليز المحاور وغرف عملياتها ...
وهي الفرضيات التي تغزونا ليل نهار وربما بلحظة نتوه وتتوه معنا كل اشكال امكانية التنبؤ بحقيقة المستقبل القريب لطبيعة النظام المُراد له ان يسيطر على المنطقة في ظل الانهيارات الكبرى الحادثة في اقليمنا الشرق اوسطي وتغير معالم الخارطة الوجودية له ...
والكثير من الخيارات والاختيارات المطروحة والطارحة لذاتها فثمة من يسوق ويحاول بشتى السبل والوسائل الترويج للمشروع الفارسي وتعزيز مفاهيم مشروع الدولة الاسلامية وحكم الاسلام وان يكون الاقليم الجغرافي لمفهوم الدولة الراهنة ليس جمهورية اسلامية واحدة إنما جزء من الجمهورية الاسلامية الكبرى الذي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه القائد المدرك للذمة الملزم قراره.... ( وفقا لحسابات المصالح ) ومعادة اصحاب الطريقة التلمودية الجدد جزء من مقاومة الأخر بصرف النظر عن ذاك الاخر ومكوناته والفرق شاسع ما بين المقاومة للمشروع التلمودي والترويج للبضاعة الفكرية القادمة من هناك وقد يكون القبول بالتعايش في ظل غابة التناقض ممكنا... ويتناقض هذا المشروع بشكل مباشر مع مفهوم الخلافة الاسلامية واعادة الاعتبار لها والبيعة واجبة ومن يموت في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية وللمرشد العام او أمير المؤمنين ان يحدد حقيقة وطبيعة شكل البيعة ومجلس الشورى يباشر فتاواه دون حسيب او رقيب وله حق الولاية على ذلك وما بين المشروع الاسلامي الفارسي وذاك المنطلق من بيداء الخليج وصولا الى ارض الكنانة والجهاد بارض الياسمين ( الشام ) من موجبات العصر الجديد ما بين هذه المشاريع مسافات متناقضة، والصراخ والضجيج بات سيد الموقف هذا على الضفة الاولى المقابلة لبحر تلاطم امواج التناقضات والخربشات التي تعصف بها الساحة الشرق اوسطية عموما وبالمقابل يتصاعد نجم الليبرالية الجديدة التي باتت ترى في الاوطان والاقطار مشاريع بزنس للشركات عابرة القارات والمتعددة الجنسيات ذات النظرة المعولمة وللعولمة حساباتها الراشدة ...
وتأجيج الصراع الطائفي والمذهبي على تفسير معاني كلام الرب في اوجه والكل يعلم ويدرك ان الله محبة وحب وادراك قبل ان يكون معتقدا مذهبيا يتناحرون بالتفسير والتفاسير عند اعتاب النصوص الربانية وما بين الحلال والحرام مسافات ومساحات من حقنا ان نتعايش معها ومن خلالها وان نقرر بشانها وان لا يتم تغييبنا وان نصبح مجرد كائنات منفذة لتعليمات من يولي نفسه وكيلا للرب على الارض ...
يحاولون ان يسموا انفسهم بالكثير من الاسماء والعناوين ويكفرون من يختلف معهم وقد يخرجونه من الملة ومن الأمه وحينما يعتلون المنصة يعلنون انهم يملكون الحقيقة الحصرية ويحللون ويحرمون ويؤججون الفتن ومن يتجرأ من العامة الفقراء على ممارسة نمطه الحياتي الطبيعي فحتما هو الزنديق الفاجر بأعرافهم ولابد من ممارسة كل وسائل الترغيب والترهيب حتى يكون واحدا من رعاياهم ... وان كان من سادة القوم او من النخبة فثمة الكثير من الوسائل من الممكن التعاطي معه من خلالها لعل اهمها اتهامه بالكفر واقامة الدعاوي عليه وفقا لما يسمى بنظام الحسبة ...
وحرية الرأي والتعبير عنها واحدة من افعال الشياطين لطالما انها لا تتوافق او تتساوق مع ما يقوله ارباب المعبد المأسورين خلف نصوص قالها اسلافهم عن طريقة التنظيم لجماعة الاخوان المسلمين او لحزب التحرير او لمن ينطق اليوم باسم الجهاد في سبيله ارباب القاعدة ربائب البنتاغون ووكالة المخابرات الامريكية والجدد على الساحة ( السلفيين والوهابيين ) الممولين من خادم الجزيرة العربية حصرا كبير آل سعود المتربع على العرش باسم المؤسس الوالد قدس الله سره وامد الله ظل سلفه راعي رعاة الابل في المملكة وهي الوطن البدوي الكبير هذا الوطن الذي تمت تسميته باسم عائلة واضحت مزرعة مملوكة حصريا للعائلة وحيث ان للدين رعاة فكان لهم ما كان من ابتداع النهج الجديد في اسواق الطرق الدينية والمناهج التفسيرية والشغل الشاغل لكل من يتنطح بالقول الكريم تعليم العباد اداب دخول بيت الخلاء ولبس الدشداشة والعباءة والحجاب وتحليله وتحريمه وللمقاييس العلمية مكامن اخرى ...
وأولى القبلتين ما زالت بانتظار فعلهم وحرث افكارهم، وحينما اعتلوا المنصة واصبحوا متحكمين برقاب العباد وقد اضحوا الملوك لم يغيروا شيئا عما فعله من كانوا متهمين قبلهم بالتفريط وبيع المقدسات والاقداس في مزادات الاسواق الاممية بل انتظرنا طويلا حينما قال السيد الكبير ترامب الشهير عن ان القدس لن تكون الا العاصمة الابدية للدولة العبرية وانتظارنا طال لسماع الصوت الهادر من ارض الكنانة الجديدة غضبا واستنكارا او زمجرة قوية من بقايا الوطن العربي من المحيط الى الخليج .. فكان الصمت سيد الموقف بل ان اسكات الصوت سيدا فعليا للموقف ... ليس سكونا او سكوتا فحسب بل اسكاتا للرعاع ومن تخول له نفسه ان يحتج او ان يقول قولا متناقضا لما قاله السيد الكبير ترامب العظيم ... فهو مانح العطايا لهم ومن كان له الفضل الكبير في ان يكونوا سادة المشهد في اقطارهم وهو من يمنح الملك لهم ومن ينزعه عنهم ان اراد ذلك وتبقى اللحظة التاريخية هي من تحدد اولويات المرحلة وفقا لحسابات دقيقة على اسس المعادلة الوجودية لما تسمى بالمنطقة الشرق اوسطية ....
ومنظومة التعامل معهم لابد انها منضبطة بالرغبات، والقشور باعرافهم هي الاساس والاساسيات، وما كان ممنوعا قد يصبح بلحظة مسموحا ... والادلة على ذلك كثيرة جدا فلا بأس برام الله ان تكون العاصمة ومن الممكن صناعة عاصمة اخرى في ابو ديس وكانت الدعوات مباشرة وصريحة وصفقة القرن بإنتظار الإعلان ... ونحن هنا القاعدون بانتظار اطلاق العملية التسووية الجديدة بالرعاية والرعاة الجدد ..