الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

سدرة المنتهى

نشر بتاريخ: 04/03/2018 ( آخر تحديث: 04/03/2018 الساعة: 18:55 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

بعد أكثر من نصف قرن على انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة ومشاركة الكل الفلسطيني بانتماءاته وايدولوجياته الوطنية والاسلامية، المحلي الفلسطيني منها والمستورد وصلنا اليوم الى نهايه لا نحسد عليها وهي ان الرئيس الفعلي للشعب الفلسطيني هو وزير حرب العدو ورئيس وزرائنا الفعلي هو الحاكم العسكري للضفه بولي مردخاي. واقع مر بل علقم ولكنه حقيقة.
الامر الذي يتطلب وقفة مراجعة ومحاسبة لهذه المسيرة التي كانت تكاليفها المادية والبشرية باهظة.
هذا الواقع غير المسبوق بظلمه وعذاباته في تاريخ النضال المكتوب لا بد وان يتغير او على الاقل ان يتوقف مرحليا الى هذا الحد من اجل ان يعاد كتابته بشكل يليق بنضال شعب يصر على الانتصار ويصر على التحدي ومواجهة مؤامرة دولية نسجت خيوطها منذ اكثر من قرن.
في خضم كل هذا التردي ترانا نجد بيننا من لا يمانع في استمرار هذا الستاتس كو، أو الامر الواقع على اعتبار انه افضل الممكن ولم يكن بالامكان افضل مما كان علما ان الثورة الفلسطينية المعاصرة كانت في يوم مضى تقف على رأس كل حركات التحرر في العالم وكان يحسب لها الكثير من قِبل من أصبحوا يتآمرون عليها الان عربيا ودوليا.
رضى البعض من المستفيدين، فاسدين، انتهازيين كانوا او عملاء عن هذا الوضع والحمدلله انهم قله ولكن وللاسف ان منهم من هو متنفذ وحجم نفوذهم يصل الى حجم ما جمعوه من قوت الشعب بغير حق حيث يقال وهذا على ذمة الراوي المُطلِع ان اموال هؤلاء دخلت في ارقام فلكية في البنوك المجاورة.
المال السياسي حرام كونه الاب الروحي للفساد السياسي خصوصا اذا كان مصدره استغلال النفوذ وعلى حساب دم الشهداء وعذابات الجرحى والاسرى كما في الحالة الفلسطينية او اي حالة مشابهة وهذا يبرر ما قاله رئيس الاوروغواي "الكثيرون يحبون المال ولكن لا يجب ان يكون هؤلاء في السياسة" .
بالطبع لا يمكن ان نُحَمل هؤلاء الفاسدين لوحدهم مسؤولية خراب مالطه ولكن كونهم المستفيدين من هذا الخراب فالمنطق يؤكد على ضرورة اقصائهم وذلك اضعف الايمان لأن بقائهم في اي موقع نفوذ سيكون جبل عثرة في طريق  كان بالامكان افضل كثيرا مما كان. خصوصا وان وجود هؤلاء كان بمثابة حصان طرواده الذي اسس لهذا التعدي الصهيو-اميركي على سرقة الحق الفلسطيني في ارضه والوقوف سدا حيال حقه في تقرير مصيره اضافة الى تماهي وربما مشاركة هؤلاء مع التواطؤ العربي المفضوح والذي لم يعد ممكنا اخفاؤه او التستر عليه.
استمرار هذا الوضع سيؤدي بنا لا محالة الى كارثة قد يصبح الخروج منها او معالجتها اصعب بكثير مما هو عليه الوضع الآن. الامر الذي يستدعي تطبيق قانون من اين لك هذا على امل استرجاع ما يمكن استرجاعه ولو بعد حين نظرا لصعوبة هذه المهمة في هذا الوقت في ظل غياب سيادة الدولة على مقدرات الشعب وممتلكاته ولكن مجرد المحاولة واقصاء هؤلاء من اجل استعادة الثقة مِن مَن هم حقيقة وقود الثورة بقيادة نذرت نفسها من اجل استعادة الحق الفلسطيني بانهاء الاحتلال وقيام الدولة ذات السيادة على الارض الفلسطينية وعاصمتها القدس.
ألرئيس ابو مازن هو القائد الشرعي الوحيد في مؤسسة القياده الفلسطينيه كونه المنتخب من كافة ابناء الشعب وهو المؤتمن امام الله وهو المسؤول عن وضع حد لوقف الانزلاق نحو الكارثه.
احد اهم عوامل الانتصار هي وحدة الشعب ومشاركته في القرار اذ لم يعد ممكنا غض الطرف عن عدم رضى الناس عن كل ما يجري ولم يعد كافيا الاعتماد على رأي الاقليه التي لم تستطع عمل اكثر مما نحن فيه وعليه.
مشاركة الناس في القرار في الحاله الفلسطينيه هذه ليس ترفا سياسيا او ديمقراطيا وانما ضروره قانونيه ووطنيه من اجل تمتين قاعدة واساسات بيت على وشك الانهيار. الوضع الدولي الرسمي كعادته حصان اعرج حيث انه وبالرغم من ان هناك الكثير من الدول وخصوصا العظمى منها تختلف مع اميركا ومع اسرائيل وربما تاخذ مواقف مغايره لمواقفهما الا انه لم يسبق لاي من هذه الدول ان اختلفت لدرجة القطيعه ولأي سبب من الاسباب لا مع هذه ولا مع تلك بما في ذلك حلفاء فلسطين التاريخيين روسيا والصين.
كل ذلك بسبب المصالح المتشعبه والتي تجعل من سياسات هذه الدول خادمه لهذه المصالح وبما يتساوق مع المثل الشعبي الذي يقول انهم دافنينه سوى. وربما لهذا السبب لم يجرؤ اي كان بمطالبة اميركا من الخروج من جلسة مجلس الامن احتراما لابسط قواعد القانون كونها الخصم.
الواقعيه تحتم على اننا لا نستطيع ان نختلف مع منظمة الامم المتحده ولا ان نعاديها بالرغم من كل تقصيرها تجاهنا ولكن هذا لا يعني ان نستسلم لكل ما يجري في كواليسها من مخططات ترقى في كثير من الاحيان الى تآمر كما حصل في قرار التقسيم سابقا و كما هي الحال في عدم قدرة هذه المنظمه على الزام اسرائيل في تطبيق اي من القرارات الصادره بحقها كدوله مارقه بل وعلى العكس من كل ذلك فهي ما زالت تُبقي على اسرائيل عضوا في هذه المنظمه.
سدرة المنتهى التي ذكرها الرئيس ابو مازن خارج النص في كلمته امام مجلس الامن( 20/2) بمعناها المطلق شجره في السماء السابعه وجذورها في السادسه لا يصل اليها غير الانبياء و الشهداء والصديقين والقديسين ولا ادري ان قصدها في هذا السياق الذي يتماهى مع كلام الراحل الشهيد عرفات( شهداء بالملايين ) . اما سدرة المنتهى بمعناها الممكن والتي يجب الذهاب اليها في حال فشل المنظمه الدوليه فهي البيت الفلسطيني صاحب الامانه التي قبٍل الرئيس ان يحملها عندما تم انتخابه في عام 2005 من هذا الشعب وهي امانة انهاء الاحتلال , والا فعلى السيد الرئيس ان يعيد هذه الامانه الى اهلها وهم الشعب الفلسطيني الوحيد القادر على تحدي اميركا والانتصار عليها وعلى وكلائها في المنطقه بوحدته ومتانة بنيانه فهو ابو الولد وام الولد ولن يدخر جهدا في صون هذه الامانه اذ لم نسمع في التاريخ عن شعب لم ينتصر في النهايه على مُحتليه.
اختيار الرئيس لمجلس الامن كنداء اخير قبل الكارثه هو اختيار صائب لمن يثق بالشرعيه الدوليه والقانون الدولي ولكن ليس قبل تحررهما من براثن من اصبح خصم فلسطين المباشر وهو اميركا.