الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة القرن بين الرفض والتعديل؟!

نشر بتاريخ: 08/03/2018 ( آخر تحديث: 08/03/2018 الساعة: 11:09 )

الكاتب: وليد الهودلي

كثيرة هي المقترحات والصفقات والمشاريع الامريكية التي سقطت ولم تساو ثمن الحبر الذي طبعت به، على سبيل المثال مشروع روجرز في عهد الرئيس الامريكي نيكسون عام تسع وستين، عدد نقاطا عشرة لانهاء حالة الحرب بين مصر ودولة الاحتلال الاسرائيلي يتبعه حلا اخر مع الاردن ويلحق الشأن الفلسطيني بين الحلين لتضيع القضية الفلسطينية وتبقى القدس على حالها ويبقى اللاجئون مشردون في شتاتهم، وقد انكشف في حينها الموقف الامريكي بانحيازه السافر ومحاولته اللاهثة لتفصيل المنطقة حسب الهوى الاسرائيلية مائة بالمائة. وقد عارض المشروع في حينها الاتحاد السوفييتي بعد التشاور مع مصر وعارضه الفلسطينيون والادهى وأمر أيضا عارضته سلطات الاحتلال لانها كانت تتوقع من امريكا اكثر من هذا.
صفقة القرن هذه الايام يجري الحديث عن تدخلات عربية في اللحظات الاخيرة وكان الامر قطار وحيد يريد ان ينطلق ان لم يلحّق العرب حالهم ويركبوا به راحت عليهم، وان السياسة الامريكية قدر يحل على المنطقة لا مفر منه وطالما اننا عاجزون عن مواجهته فلنسعى لانقاذ ما يمكن انقاذه والدفع باتجاه بعض التعديلات لتخفيف حجم الكارثة او الخسارة، وهذا من قبيل شيء احسن من لا شيء وما لا يدرك كله لا يترك جله !!.
ان الفوز باجراء بعض التعديلات ممكن في حالة الصفقات حالة كون الصفقة تتوفر فيها أساسيات الاستحقاقات المطلوبة وهناك بعض النواقص والخلل الذي بالامكان تعديله وتصويبه، فصلح الحديبية مثلا كانت المصلحة العليا متوفرة وفق استراتيجية الهدف للجماعة التي تريد ان تغير الجزيرة العربية وتصنع لها دورا حضاريا يؤهلها للبشرية جمعاء ، لذلك كان التعديل والاستجابة لبعض النقاط التي لا تضرب هذه الرؤية الاستراتيجية. 
وفي صفقة القرن يختلف الامر اذ المشكل على البنية الاساسية في أبجديات الحالة الفلسطينية واشتباكها مع المحتل الذي يريد أخذ كل شيء ، والمقدمات الاساسية للصفقة تؤكد حالة الدمار البنيوي الذي ستقدمه الصفقة، منها مثلا ان تقدم امريكا للصفقة بالاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال ومن المعروف ان القدس من الملفات المتروكة -حسب اتفاق اوسلوا المعروف انه برعاية أمريكية وموقع في البيت الابيض - لاتفاق الحل الدائم ، فان يقدم الراعي للاتفاق بهذا الفعل الكارثي فهذا مؤشر جلي على طبيعة هذه الصفقة وخلل بنيوي فيها .
كل المؤشرات تدل على ان مقدم الصفقة لا هم له سوى تحقيق مرضات ربيبته ولا يحسب اي حساب للعرب ، لا يوجد ما يخاف عليه ، مصالحه مستقرة ومؤمنة ، ارادته السياسية نافذة ،المال والنفط تحت يده ، لذلك ما الذي يجعله يخفف من حدة انحيازه لحليفه الاستراتيجي في المنطقة ؟
من العبث البحث عن تعديلات ومحاولة اللحاق في ركب الصفقة باي ثمن ، الحل الواقعي والصحيح هو رفض الصفقة كما رفض مشروع روجرز وغيره من المشاريع والصفقات الهابطة ، وطرف المعادلة الاصعب والاهم والقادر على قلب الطاولة هو الطرف الفلسطيني لانه اولا صاحب الحق ثم انه المتضرر الاكبر منها وكذلك ليس له ما يخسر اكثر من هذه الحالة التي بتنا عليها ، ليس للفلسطينيين دولة ولا سلطة حقيقية ولا سيادة على ارض او حدود او جو او مياه او اقتصاد .. ما الذي سنخسره اكثر مما نحن عليه .. الموقف الصحيح والواقعي والحر هو ما نحن عليه قبل اوسلو الذي سرنا فيه مع الشيطان دون ان نصل الى الحد الادنى من المطالب الفلسطينية ، زادونا ضعفا وقهرا واوغلوا فينا استيطانا وتضييقا واعتقالا وعدوانا دائما بكل الاشكال والالوان ، والان لسان حال الفلسطينيين يقول ليتنا نتخلص من اوسلو ونتائجه وما الت اليه امورنا بسببه .. المطلوب منا فقط ان نقول لا وان نتحمل تبعات هذه الكلمة لان ما يلحقنا من كلمة نعم للامريكي سيكون اضعاف اضعاف تلك اللا لصفقة الدمار الامريكي .