الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ضاقت الزوايا على "أبو مازن"..كيف يفكّر هذا العرفاتي العجوز!

نشر بتاريخ: 08/03/2018 ( آخر تحديث: 09/03/2018 الساعة: 09:39 )
ضاقت الزوايا على "أبو مازن"..كيف يفكّر هذا العرفاتي العجوز!
رئاسة التحرير - لا يحتاج الأمر إلى ذكاء لتقدير الموقف في رام الله. ومن جلس وإستمع الى كلمة الرئيس عباس أمام المجلس الثوري لحركة فتح الاسبوع الماضي، يستطيع تقدير الموقف. الخيارات محدودة جدا، والضغوطات لا تتوقف، والتهديدات لا تنتهي، والأدوات ضعيفة، والتحالفات شكلية، وتعمل قوى صاحبة أجندات على إنهاك البيت الداخلي وتهييج العوام.
الرئيس ترامب إصطف بالكامل مع الحركات الصهيونية المتطرفة التي لا تريد أي حل سياسي سوى المزيد من السيطرة على الأرض والصلاحيات. وبعض الحكام العرب معجبون جدا بصفقة العصر، ويروّجون لها علنا وسرا ويلقون باللائمة على الرئيس عباس شخصيا. ولم يعد أي حاكم عربي يتطرق الى المبادرة العربية سوى الرئيس عباس الذي تضيق به الزوايا ولا يبق امامه سوى سيناريوهين فقط:
- العودة إلى مفاوضة إسرائيل والحصول على بعض الإمتيازات المادية والمعنوية للسلطة دون التطرق للمفات النهائية. بل إن الإصرار على طرح الملفات النهائية الان قد يرتد عكسيا على القضية الفلسطينية لان ترامب ونتانياهو يريدان الان بالضبط "الإنتهاء من الملفات النهائية". ولا يبدو أن أبو مازن وقادة فتح يقبلون بذلك الان.
- السيناريو الثاني هو الإنتقال من معسكر الى معسكر آخر. أي الانتقال كليا من المحور الامريكي الى المحور الإيراني سياسيا وإقتصاديا وسيكولوجيا ودبلوماسيا. ولا يبدو أن ابو مازن وقادة فتح يقبلون بذلك.
تجربة 50 سنة مع فتح، تعلمنا انها دائما تفاجئ الجميع. وفي آخر لحظة تجترح مخرجا عجيبا، قد لا يبدو حلا توازنيا ولكنه مخرج من دائرة الموت الى الحياة من جديد في غابة الشرق الأوسط المتوحشة. مخارج قد لا تخطر ببال المحللين وأجهزة المخابرات. ولكن العرفاتية لا تزال تسري في عروق الفتحاويين. ورغم أنهم يلوّحون دائما بغصن الزيتون الا أنهم يحتفظون بجراب المسدس طوال العمر ولا يسقطون الخيارات التي تقلب الطاولة على رأس الجميع.
نظريا.. لا يوجد أمام الرئيس عباس سوى واحد من هذين السيناريوهين، اما العودة للمفاوضات والرضوخ لضغوطات الادارة الامريكية، وإما أن يقلب الطاولة ويتحالف مع ايران ضد العالم كله.
ولكن.. من معرفتي الشخصية بالرئيس أبو مازن فهو السهل الممتنع مثل كل فتحاوي، حيث أثبت هذا الرجل (الطيب المسكين) أنه يحمل في داخله عنفوان فتح الذي يمثل العاصفة. والعاصفة لا تهب كل يوم، ولكنها اذا جاءت يهرب الجميع من وجهها. وأبو مازن داعية السلام الطيب لن يقبل بهذين الخيارين طالما هو على مقعد الرئاسة وسيمضي ما تبقى له في الحكم في حالة اللامفاوضات واللاقتال حتى لا يحطّم السلطة ويحطّم حركة فتح. فهو لا يريد أن يفاوض ولا يريد أن يقاتل إسرائيل، ولكنه ينتظر معجزة من السماء تؤدي الى تبديل الأحوال وزوال ترامب وصفقته. أو أنه يخطط لخطوة كبيرة يخفيها عن أقرب المقربين له.
أما حركة فتح فهي تحاول الاّن العودة إلى مشاربها وادبياتها السياسية، وتدرس خياراتها:
- قد تعمد إلى مواجهة الأزمة بأزمة اكبر.
- وقد تقبل المقامرة وتمضي بمشروع السلطة الى حافة الهاوية، قد لا تسقطه ولكنها ستمضي بها الى فوّهة البركان حتى تبلغ القلوب الحناجر.