الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

فتح.. والرجل الثاني

نشر بتاريخ: 09/03/2018 ( آخر تحديث: 10/03/2018 الساعة: 10:08 )

الكاتب خليل نزال - وارسو / بولندا
قد يبدو العنوان مستغرباً، لكن ليس لمن يعرفون فتح وبداياتها ومسيرتها الطويلة..
بعد هزيمة 1967 قرر أبو عمار الإنتقال الى الأرض المحتلة في مهمة مزدوجة: جمع السلاح الذي تركته الجيوش العربية وراءها، واستقطاب المقاتلين للعمل المقاوم ضد الإحتلال.. لم تكن المهمة سهلة، وكان أخوته في اللجنة المركزية يظنون أنه لن يعود منها حيّاً.. لذلك عندما سأل صحفيٌّ الأخ أبو إياد: من هو الناطق بإسم فتح؟ أجاب دون تردد: أبو عمار.. وكان الاخ أبو إياد يردد دائماً أنه اختار هذه الإجابة لأنه كان على يقين أن أبو عمار قد دخل الوطن في مهمة استشهادية وأنه بتسميته لأبو عمار "ناطقاً بإسم فتح" أراد أن يحرر العمل الفدائي من فضول الصحافة والإعلام، فمن أراد الحديث مع الناطق الرسمي عليه البحث عنه في الوطن.
لم نكن نشعر بالحرج أو الإرباك عندما يتم وصف الأخوة أبو إياد وأبو جهاد وأبو اللطف ب "الرجل الثاني"، ولم يكن هذا الوصف يثير حفيظة واحدٍ من قادتنا، فلم يكن لقب الرجل الثاني مغنماً أو مطلباً بقدر ما كان اعترافاً بالدور المنوط بكل منهم لتكتمل صورة قيادة الحركة. فكل واحد منهم عندما يجدّ الجدّ كان "رجلاً ثانياً" يتخذ القرار في الجانب الذي تخصص به.

أين نحن الآن من ذلك؟
من مصلحة شعبنا ومن مصلحة الحركة برئيسها ولجنتها المركزية وكل أعضائها أن نعيد الروح لمهمّة الرجل الثاني، ولا علاقة لذلك بالأخ الرئيس ولا بحالته الصحيّة أطال الله عمره، ولكن من أجل فتح نفسها، فمن واجب فتح علينا أن نتعلّم في محرابها سرّ الإستمرارية، وبدون هذا السر ما كان لفتح أن تستمر بعد غياب القائد المؤسس أبو عمار، وما كان لها أن تقول بلسان رئيسها العنيد: "لا" لإمبراطورية الشر ولكل "النواطير" الذين أوكلت لهم مهمة قيادة دول وممالك وإمارات ومحميّات لا تملك من أمر نفسها مثقال خردلة!
لا بد من تكاتف جهود الإطار القيادي لكي ينقل للقاعدة الفتحوية رسالةً يومية أن مهمة نائب رئيس الحركة التي انيطت بالأخ محمود العالول/ أبو جهاد قد تم إقرارها بتوافقهم وبما يضمن للحركة استمرارية قيامها بدورها في قيادة شعبٍ لا يرضى بأنصاف الحلول.
يجب أن نكون جاهزين للدفاع عن الشرعية وعلى رأسها رئيسنا أبو مازن، فالحصار قد يشتد لدرجة لا نتخيلها، وبالتالي علينا إعداد أنفسنا لنكون قادرين على كسر الحصار بكل الوسائل وأولها عدم تمكين العدو (أو الأعداء) من شلّ قدرتنا على اتخاذ القرار.

القرار الفتحوي هو قرار جماعي للإطار الأعلى، لكن رسالتنا للأعداء يجب أن تكون واضحة وقاطعة: لن يكون الحصار الذي يهددوننا به مدعاة للإختلاف والتنازع لأننا مسلحون بالثقة بخياراتنا التي اتخذناها في اوقات "البحبوحة" كي تحفظ لنا إتجاه البوصلة في زمن الشدائد.