الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

واقع غزة: بيئة جديدة لأمراض مجتمعية

نشر بتاريخ: 12/03/2018 ( آخر تحديث: 12/03/2018 الساعة: 09:56 )
واقع غزة: بيئة جديدة لأمراض مجتمعية
غزة-تقرير معا -لا يكاد يمر يوم في قطاع غزة حتى تتكشف جريمة هنا واخرى هناك قد تكون محاولة انتحار وقد تكون الاقدام على فعل القتل بدوافع مختلفة،،ولم تكن جريمة قتل "سائق الديلفيري" عدنان مصلح في قطاع غزة هي الجريمة الاولى وحتما لن تكون الاخيرة .
من الناحية النفسية يقول المختصون انه إن كانت البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية غير مريحة فهي عوامل مهددة لكيان الانسان لارتكاب الكثير من الجرائم سواء في حق نفسه أو في حق مجتمعه والسؤال هنا فكيف ان كانت كافة هذه الظروف الغير مريحة متوفرة وخصبة في قطاع غزة المحاصر.
الاخصائي النفسي والمحاضر في جامعة الاقصى في قطاع غزة الدكتور درداح الشاعر أكد أن الواقع النفسي لسكان قطاع غزة واقع مرير مبينا أن المجتمع الفلسطيني يشعر بنوع من الاحتراق النفسي والقلق الموصول والمستمر وبدرجة عالية من التوتر النفسي.
ولفت الشاعر الى ان هذا الواقع النفسي هو الذي يؤدي الى هذه الجرائم مشيرا الى وجود نسبة لا يمكن تحديدها من الاضطرابات النفسية العنيفة كالفصام والامراض العقلية بالإضافة الى اعداد هائلة من الذي يعانون من اضطرابات نفسية يترددون على العيادات النفسية.
وقال:" هناك 2 مليون فلسطيني هم بحاجة لنوع من المساندة المجتمعية والدعم النفسي الاجتماعي والاسعافات النفسية الاجتماعية نظرا للواقع الاقتصادي والامني والسياسي الخانق في قطاع غزة".
وحول وجود احصائيات حول اعداد الذين يترددون على العيادات النفسية في قطاع غزة اكد الشاعر انه لا يمكن احصاء هذه الاعداد لان من يتردد ربما يكون لا يتجاوز العشر "0.1" من الذين يعانون مضيفا:"ولكن لا نستطيع وضع ارقام حقيقية لان غير المترددين اكثر بكثير من المترددين وعدد المترددين لا يعكس الواقع النفسي للإنسان الفلسطيني".
ويعيش سكان قطاع غزة ظروف قاسية ومعقدة تحيط بالبيئة الاجتماعية بهم ما بين الحصار وما بين التهديد الاسرائيلي والتلويح بالحرب وافتقاد الامل في حل سياسي وانقسام شطري الوطن والبعد الاقتصادي الخطير.
سجل قطاع غزة الاسبوع الماضي عدة حوادث مختلفة على صعيد القتل والانتحار حتى اصبحت حديث الناس في هذا القطاع المحاصر.
الناطق باسم الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة المقدم ايمن البطنيجي أكد ان الارقام والنسب لعمليات القتل والجريمة طبيعية ولا يمكن اعتبارها ضمن الظواهر المجتمعية.
ولفت البطنيجي الى أن العام 2017 سجل 37 جريمة قتل وتم تفنيد انواعها واسبابها والغالبية العظمى بنسبة بلغت حوالي 60% ليس له علاقة بالوضع الاقتصادي في قطاع غزة مشيرا الى أن حالتين فقط كانا بدافع السرقة وحالتين في مجال النزاع المالي اما بقية الجرائم فقد كانت بعيدة كل البعد عن العنوان الاقتصادي.
وقال البطنيجي:"وهنا يطمئننا الوضع الاكثر ان هذه الجرائم لازالت في طورها الطبيعي ولا تشكل أي لون من الوان الخوف على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة".
اما منذ بداية العام فقد سجلت الشرطة الفلسطينية ست حالات انتحار محذرا من ارتفاع العدد اذا لم يتم التوعية بأهمية حل المشكلات النفسية التي يعاني منها البعض.
ويشهد الواقع الانساني في قطاع غزة تدهورا خطيرا هذه الايام حيث تتعرض جملة من حقوق الانسان الى الانتهاكات المستمرة بفعل الحصار المستمر منذ 11 عاما حيث يتم تقييد حرية الحركة وقيود كبيرة على الحركة التجارية والصادرات والواردات على البضائع.
الحقوقي والباحث في مركز الميزان لحقوق الانساني باسم ابو جري أكد ان الحصار والانقسام الفلسطيني اثرا بشكل ملحوظ على كافة اوجه الحياة في قطاع غزة وخاصة على جملة من الحقوق كالحق في العمل والحق في الصحة والحق في المياه النظيفة والغذاء والتعليم كل هذه الحقوق اصبحت أمنية بعيدة المنال امام هذه القيود والتحديات.
ولفت ابو جري الى أن قطاع غزة يعيش اسوء مراحل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في ظل الاجراءات العقابية التي اتخذت العام الماضي في تخفيض النفقات والتي اثرت على النمو الاقتصادي في السوق أدت الى انكماش اقتصادي كبير وخطير اثر على كل مناحي الحياة والاوضاع الاقتصادية والصحية في قطاع غزة وخلقت ضغوطات اجتماعية واقتصادية على السكان تدهورت من خلالها الاوضاع الصحية.
وحذر ابو جري انه اذا استمر هذا الوضع سيصبح قطاع غزة غير قابل للسكن وليس كما حذرت المنظمات الدولية في العام 2020 خاصة أن هناك انخفاض كبير في نسب الزواج في اوساط الشباب والتفكير الكبير بالهجرة جراء تراجع هذه المحددات التي اثرت على الوضع الصحي للنساء وزادت من الضغوط النفسية مشيرا ايضا الى ارتفاع في عدد الحالات النفسية التي تتردد على العيادات الحكومية وعلى المستشفى الصحة النفسية الوحيد في قطاع غزة.