الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

اسرائيل: هزيمة واحدة لا تكفي

نشر بتاريخ: 15/04/2018 ( آخر تحديث: 15/04/2018 الساعة: 10:57 )

الكاتب: عوني المشني

ينطبق على سوريا هذه المرة الحكمة القائلة "الضربة التي لا تميتني تزيدني قوة"، فالضربة الثلاثية الضخمة جدا اعلاميا والمحدودة جدا موضوعيا عززت بطريقة او بأخرى قوة سوريا والتحالف الإيراني الروسي حولها، ضربة لم تترك اي تحولات بالمفهوم الاستراتيجي او العملياتي، ولكنها حفظت ماء الوجه لامريكيا، ربما انها تمثل بمحدوديتها الحكمة بعدم الانجرار الى حرب واسعة تشارك بها اطراف مختلفة، وربما انها كانت نتاج اتفاقات روسية امريكية ضمنية لابقاء الامر تحت السيطرة.
سوريا لم تتأثر كثيرا وتستطيع المضي بسياستها، روسيا استجابت بشكل محدود للضربة باسقاط عدد من الصواريخ وبالتالي لم "تقف مكتوفة الايدي"، امريكيا نفذت وعدها بضرب سوريا، انتهى الامر!!!
الذي لم ينتهِ لديه الامر اسرائيل، اسرائيل راهنت على ضربة تضعف النظام الى حد كبير جدا ان لم تسقطه، تحجم الوجود الإيراني في سوريا ان لم تنهيه، تشل عمل حزب الله في سوريا ان لم يكن في سوريا ولبنان ايضا، وكل ذلك لم يحصل، وربما ان الضربة أبعدت احتمال حصوله مستقبلا، هكذا وفِي حسابات الربح الخسارة فان اسرائيل هي الخاسر الأكبر في النتيجة، اسرائيل وصلت الى نتيجة مفادها ان الوجود الروسي في سوريا شكل ويشكل ضمانة حماية من اي خطر استراتيجي يهدد سوريا حتى امام امريكيا بما ينطوي عليه الامر من احتمالية مواجهة كونية فكيف امام اسرائيل ؟!!! بالتالي حتى اسرائيل بقواها الذاتية لن تستطيع عمل شئ يشكل تغييرا استراتيجيا مع سوريا، كما ان الوجود الإيراني في سوريا لا يتعارض حتى الان مع الهيمنة الروسية وبالتالي سيتعزز ويقوى وسيصبح في القريب العاجل معطى استراتيجي في معادلة الصراع، وثالثا وهذا الاهم ان امريكيا لم ولن تذهب بعيدا في حروبها في سوريا الى ابعد من مصالحها ولن تنجر لصراع كوني من اجل مصالح اسرائيل، والاخطر ان مصالح امريكيا في سوريا هامشية الى الحد الذي يعلن ذلك ترامب جهارا سنخرج من سوريا وليتدبروا في سوريا امرهم بعيدا عنا وان تأجلت عملية الانسحاب أشهرا فان التأجيل لا ينم عن تغيير في هذه الرؤية.
هزمت اذن اسرائيل في سوريا، هزمت في حرب لم تخضها، وهزمت بالمفهوم الاستراتيجي، هذا الهزيمة ستترك تأثيرها الاستراتيجي، واذا ما اقدمت روسيا كما أعلنت عن تعزيز منظومات الدفاع الجوي فذلك يعني ان اسرائيل ليس انها لم تحقق اي هدف من هذه المواجهة بل وستتقلص حرية الحركة لديها في محاربتها للوجود الإيراني في سوريا وسيكون لديها قدرات محدودة في هذا الاتجاه.
لكن هزيمة واحدة لا تكفي، ربما تحتاج اسرائيل الى اكثر من هزيمة أعمق من هذه، واكثر فعالية. كيف؟؟؟
تحولت اسرائيل الى رهينة بيد ايران !!! عندما تقول ايران ان اي هجوم غربي ضدها سيواجه بحرق اسرائيل فهذا يعني ان اسرائيل تحولت الى رهينة، هذا الوضع لا يكبل اسرائيل فحسب بل ربما يكبل امريكيا في موضوع الملف الإيراني، عندها تكون الهزيمة التالية، الهزيمة الأعمق والأكثر تأثيرا بالمفهوم الاستراتيجي.
هذا ليس نهاية الامر، الثابت في الشرق هو المتغير، والمنطقة حبلى بكل ما جديد، ونيران الشرق الأوسط ستكوي كل من يعبث بها، اسرائيل التي توقعت ان تطورات المنطقة تعطيها قوة وأفضلية خابت توقعاتها، من قال ان روسيا وإيران على حدود اسرائيل هي افضلية لاسرائيل، وحتى التحالف مع "صبيان الخليج" لن يقدم شيئا يذكر لاسرائيل، فهؤلاء يحتاجون لمن يحميهم لذلك لا يستطيعوا ان يحموا اسرائيل، ربما اذا استطاعوا ان يخرجوا من وحل اليمن هذا كثير عليهم. وكل ما يملكونه هو المال الذي لا يحل مشكلات اسرائيل الاستراتيجية.