الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حــتــى لــــو ....

نشر بتاريخ: 20/04/2018 ( آخر تحديث: 20/04/2018 الساعة: 13:18 )

الكاتب: عوني المشني

حتى لو حقق المجلس الوطني النصاب القانوني، وانتخب لجنة تنفيذية جديدة، فان تلك الشرعية وان كانت قانونية صحيحة فإنها وطنيا وسياسيا مخدوشة وضعيفة هذا في ظل مقاطعة الجبهة الشعبية وحماس والجهاد الاسلامي للمجلس، انها شرعية ضعيفة، ولا تشكل اعادة اعتبار لمنظمة التحرير، ربما تشكل اعادة اعتبار لمن يتم انتخابهم وتعطيهم قوة ولكن على حساب زيادة ضعف منظمة التحرير وتشرذمها.
حتى لو ارادت امريكيا تصفية القضية الفلسطينية، امريكيا التي يعتبرها البعض قدرا لا مناص من تحقيق ارادتها، وحتى لو وتامرت او تحالفت معها بعض الأنظمة، فان مجرد رفض الفلسطينيين بجماع قواهم وأطرهم للموقف الامريكي فان ذلك سيسقط هذا الموقف ويفشله، فلا يوجد في هذا الكون ولن يوجد من يشطب قضية شعب حي لم يمل ولم يستكين طيلة قرن من الزمن، شعب يتفوق على نفسه ويحترم المعجزات لينال حريته واستقلاله.
حتى لو أصبحت ملأت اسرائيل بمستوطناتها ارضنا الفلسطينية، ومسحت الخط الأخضر من الوجود، وضيقت الخناق على شعبنا فان كل تلك السياسات الى زوال، فما تم فرضه بميزان القوى سيتغير بتغير ميزان القوى، وميزان القوى لم يكن يوما ولن يكون أبديا، إمبراطوريات تنهار، وممالك اصبحت في ذمة التاريخ، لا روما بقيت روما ولا بريطانيا دامت إمبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس، ميزان القوى هذا التي نصر الباطل سيتغير يوما لنصر الحق، والمسألة مسألة وقت.
حتى لو كانت قرارات القمة العربية الاخيرة مجرد حبر على ورق، وكانت موافقة بعض الزعامات العربية عليها نفاقا او خوفا، فان مجرد اجماع القمة على التاكيد على الثوابت الفلسطينية المتمثّلة في اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية، ان هذا الموقف يشكل صفعة لها مدلولاتها لما سمي بصفقة العصر، بل ومسمار اخر في نعشها، انه موقف له من الأهمية ما يجعله خطا احمر لم يستطع حتى المتعاطفين سرا مع صفقة نتياهو ترامب ان يتجاوزوه.
حتى لو كانت حماس تستخدم مسيرات العودة لتحقيق مصالح حزبية ضيقة، فان تلك المسيرات بالزخم الشعبي المتعاظم ويتفق تطورها تشكل منهجا إبداعيا فلسطينيا جديدا ينقل المقاومة الشعبية السلمية من مربع العمل النخبوي الموسمي الى اعتباره شكلا نضاليا فعالا قادر على احداث متغيرات على مستقبل الكفاح الفلسطيني.
حتى لو كان لدينا الف ملاحظة على النظام السوري واستبداده، وعلى دور ايران في سوريا، فان الوقوف مع سوريا ضد الهجمة الامريكية البريطانية الفرنسية هو في صميم الموقف الوطني الملتزم بمصالح امتنا العربية، فامريكيا ليست هي الجهة الحريصة على شعب سوريا وهي التي قتلت الملايين في العراق وتدعم قتل الالاف في فلسطيني وتسعى من رواء موقفها من سوريا الى دعم اسرائيل اولا والسيطرة على مقدرات امتنا ثانيا.
حتى لو شرعنت الحكومة الاسرائيلية عبر عشرات القوانين نظام الفصل العنصري.
وحتى لو زادت الفاشية في اسرائيل لتطال حتى اليسار اليهودي اضافة للفلسطينيين، فان اكثر من نصف سكان فلسطين هم فلسطينيين وثلث سكان البلاد هم يهود شرقيين واكثر من عشرة بالمائة من اليهود هم صنف من اليهود لا يُؤْمِن بالصهيونية كعقد اجتماعي، هذا يعني ان مسارات التحولات الاجتماعية والسياسية في هذه البلاد ستقود الى تفكيك وإعادة تركيب للتحالفات بما يجعل الصهيونية عقد سياسي اجتماعي ذاهب الى زوال، ان عقدا جديدا يقوم على مساواة السكان سياسيا واجتماعيا سيبدأ يفرض وجوده كهدف لأغلبية المجتمع بما يضمن تغييرا لا في شكل العلاقات بل وفِي جوهرها ، هذه هي النتيجة المنطقية لانتهاء فكرة دولتين لشعبين.
حتى لو سارت حركة المقاطعة لاسرائيل ببطئ، وحتى لم لم تترك تاثيرات عميقة على الاقتصاد الاسرائيلي، فان المقاطعة تشكل تحولت استراتيجيا وبالتحديد في التعاطي العالمي مع اسرائيل من كونها "واحة الديمقراطية في الشرق" الى حقيقتها كنظام عنصري كريه، هذه الحقيقة اصبحت جلية وواضحة وتتعزز بسرعة متزايدة، ليس في اوروبا فقط بل وفِي امريكيا ذاتها، الوقت الذي استطاعت فيه اسرائيل ان تخدع العالم في طريقه للنهاية والمقاطعة ستكون من اهم أدوات العمل ضدها، لقد انطلق قطار حصار اسرائيل كنظام عنصري ولن يستطيع احد ايقافه.