الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

إيّاكم وردّة الفعل الخاطئة القاتلة

نشر بتاريخ: 26/04/2018 ( آخر تحديث: 26/04/2018 الساعة: 13:21 )

الكاتب: فراس ياغي

كثير من الحكماء قالوا أن القراءة بين السطور أهم من قراءة السطور، وأن ما بينهما هو الحقيقة الغائبة عن ذهنية العامة وبعض من النخبة، لذلك يستغل السياسي عدم فهم عامة الناس لطبيعة السياسة التي يُريدها ويعمل عليها وفق خطة مُحكمة ويستغل الظروف القائمة في المنطقة ليُسرّعها وبما يخدم عقلية التفكير بالذات الفردي الفئوي والمصلحي، لكن يغيب عن ذهن من يُفكر بذلك أن إمكانية الإستمرار في هكذا طريق لن يجلب له سوى العار في الحياة والممات، وأن الشعب الفلسطيني سينتظر اللحظة ليحاسب كلّ من إستخف فيه وبه، وتآمر عليه بإسمه.
عقد المجلس الوطني الفلسطيني ضرورة لا بدّ عنها، وهذا مطلب الحريصين على وحدة الشعب الفلسطيني ككيانية سياسية تمثيلية، شرط أن تحقيق ذلك، لا أن يباعد بين كل فئات الشعب الفلسطيني ويُعزز القائم في بيت السلطة ويُحقق تمثيلياً ما هو موجود على أرض الواقع جغرافيا وسلطويا.
المسألة ليست تجديد الشرعيات ولا رفد القيادة بدماء شابة خاصة ان الذين يُتوقع حضورهم معدل أعمارهم تتجاوز السبعين عاماً، وما سينتج من هياكل وممثلين هو نتاج طبيعي لهؤلاء الأعضاء، إذاً لماذا الإصرار على عقد المجلس الوطني؟!!! هل المقصود فعلاً تجديد الشرعيه ورفد القيادة بالشباب؟!!! أم المقصود تعزيز الإنقسام وخلق ردّات فعل خاطئة من الطرف الآخر؟!!!هل عقد الوطني في ظل الإنقسام من حيث المكان والزمان سيكون الرد على الصفقة المتوقع أن يعلنها "ترامب"؟!!!
أسئلة كثيرة إجاباتها للنخبة السياسية واضحة ولكن لعامة الناس تتخلط الأمور عليها حتى الآن ولا تستطيع معرفة المقصود السياسي والوطني، بل إن البعض لا يزال يرى ان المجلس الوطني الحالي هو رد وطني على كل المؤامرات التي تُحاك ضد القضية الوطنية والحق الفلسطيني.
في عام 1948 حدثت النكبة وإعتقد المتآمرون أن تشريد الشعب الفلسطيني وتحويله للآجئين سيُضَيْع الحق والوطن، وعام 1967 حدثت النكسة وكانت ردة الفعل الثورة المعاصرة، واليوم يُريد المُتنفذون أن يأخذونا إلى الهاوية بعد أن وصلوا لطريق مسدود وإصطدموا بالحائط ولم يعد أمامهم اي مجال للمناورة، وبدل أن يُعلنوا للقاصي والداني ويعترفوا أنهم حاولوا وإجتهدوا لكنهم فشلوا، قرّرَوا أن يأخذوا مُنحنى فردي وشخصي مُعتقدين ومرة أخرى أنهم الأحرص على القضية الوطنية وأنهم الأعلم بالمصير القادم مستندين لما يُفكرون ووفقاً لمفهوم الفكر التآمري الذي عايشوه طوال حياتهم، رغم أنهم يعلمون يقينا أن شعبهم فاقت تضحياته كلّ ما قاموا وفكّروا وعملوا ولن يقبل بأقل مما تم التوافق عليه وطنيا من حقوق، خاصة القدس عاصمة للدولة الفلسطينيه على حدود 1967 وحق العودة والتعويض للاجئين.
أيها الناس: أنظروا لما بعد الكلام وما بينه، لا تُصدّقوا الأقاويل، فالمصالحة ليست بهدف تطبيق صفقة "ترامب" المرفوضة، وغزة بالمطلق لن تكون سوى رافعة للعمل الوطني كما كانت، وأصحاب فكر "الإنقلاب" ليسوا قدراً ولن يستطيعوا السيطرة على الشعب الفلسطيني، لكن الشراكة شيء أساسي لا بدّ منها وبدونها نخسر الوطن والمواطن، وشرط أن تكون شراكة وفقا للقانون وعلى اساس المُتفق عليه، فالسلم والحرب قرار توافقي بين جميع فئات الشعب الفلسطيني وتياراته وليس قرار فردي من هذا الطرف أو ذاك.
أَسمع من كثير من النخب إشاعة أن عودة غزة هي أساس صفقة "ترامب" المزعومه، والحقيقه الساطعه أن مسيرات العودة في غزة كانت الرد الحقيقي على كل من يفكر بفصل غزة أو حتى بإعتبارها مركز وأساس الدولة الفلسطينيه، غزة جزء اساسي ومهم وأحد أهم أجنحة الدولة الفلسطينيه التي مركزها سيكون عاصمتها القدس، ولن تقبل غزة لا بالتجويع ولا بالحصار ولا بالتآمر أي صفقة مشبوهة مهما كانت قدرة وقوة القوى الدوليه وإلإقليميه والمحلية الفلسطينيه، فالحق لا يمكن إلا أن يبقى حقاً، ولن يخبوا أو يتلاشى.
المهم أن يكون الرافض لعقد المجلس الوطني أكثر نضجاً وأكثر حكمه ويرى ما بين السطور ويرفض أن يُشكّل أجسام وهياكل قد يُنظر لها كبدائل، ويستعيض عن ذلك بحشد جماهيري ومؤسساتي وأطر تنسيقه غير مرتبطه بمؤسسه مُحدده وذات هيكلية واضحه، ردة الفعل يجب أن تكون توحيديه ووطنيه والتمسك بمفهوم إصلاح الإطار لا بمفهوم الإنسلاخ عنه، والتمسك بالإطار القائم ولا للتفريط به ،والمطالبه بالتجديد ورفض مفاهيم التشكيك، والدعوة ليكون صندوق الإقتراع هو الفيصل والحكم بين كل الأفرقاء والعودة للشعب صاحب الصلاحيه الوحيدة في إعطاء الشرعيه لمن يمثله.
كل المحاولات التي سبقت عقد المجلس الوطني والآن وما بعدها يجب أن تعييها كل النخب وأن المقصود منها ردّدات فعل ستحيلنا إلى أمراء كمليشيات الإرهاب "السوريه"، فإيّاكم وردة الفعل الخاطئه والقاتله!!!!.