الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشعب الفلسطيني يتجاوز النكسة

نشر بتاريخ: 05/06/2018 ( آخر تحديث: 05/06/2018 الساعة: 12:42 )

الكاتب: عباس الجمعة

نعيش هذه الأيام ذكرى الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، واحد وخمسون عاماً تفصلنا عن ذلك اليوم المشؤوم، يوم أراد العدو الصهيوني كسر أحلام الجماهير العربية في تحرير فلسطين، هذا الشعار الذي حملته الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، أعوام طوال تفصلنا عن يوم الهزيمة، حين استطاع كيان الاحتلال احتلال الضفة الغربية، وسيناء وهضبة الجولان العربية السورية، جاءت بعدها استقالة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر لتزيد من طعم مرارة النكسة، عدوله عن استقالته أحيا أملاً جديداً في الأمة العربية بإمكانية تجاوز النكسة على طريق الانتصار.
وامام تلك الظروف ورغم الهزيمة انطلقت الثورة الفلسطينية لتعلن بداية المقاومة الفعلية للعدو الصهيوني ولمشاريعه في المنطقة وتؤسس لمقاومة عربية ظهرت فيما بعد، رغم الهزيمة أطلق عبدالناصر لاءاته الثلاث: لا صلح، لا اعتراف، ولا مفاوضات مع الكيان الصهيوني. كان الشعار من أبلغ الردود على الهزيمة، "إسرائيل" أرادت من هذه الحرب تطويع إرادة الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، لكن رد أمتنا تبلور في كلمات قليلة، مقاومة "إسرائيل" والإصرار على عروبة فلسطين من النهر الى البحر.
وفي ظل الاوضاع التي كانت تنتظرها الجماهير العربية كانت معركة الكرامة في 21 مارس/آذار عام 1968 وجاءت في حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية. وتوج الانتصار عام 1973 حين أثبت الجندي العربي قدرته على تجاوز المحنة كما شكل انتصار المقاومة في لبنان عامي 2000 و2006، انتصار للمقاومة في فلسطين، وانتصار للمواجهة والتصدي للمشروع الاميركي الصهيوني في المنطقة، حيث اعطى دعماً قوياً ونهضة ثورية جديدة للأمة العربية بأسرها والوصول إلى النصر.
ومن هنا نؤكد على أن أول الدروس المستفادة من الحرب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني في حزيران/ 1967 على الدول العربية واحتلاله لأراضي فلسطينية وعربية جديدة، يتمثل في حقيقة ان المشروع الصهيوني- الاستعماري في جوهره مشروع هيمنة وسيطرة على كل المنطقة العربية ويستهدف، بالتالي، كل شعوب الأمة العربية، وهذا بحاجة الى وحدة القوى الثورية والديمقراطية العربية للتصدي للانظمة المستسلمة التي تتحلل من التزاماتها القومية اتجاه القضية الفلسطينية، ومجابهة الاتجاه المتنامي نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وأخذ زمام المبادرة من أجل وقف حالة الانهيار والتجزئة والتبعية، والعمل على استعادة روح المجابهة والتحدي الكفيلة بإدخال شعوبنا في مسار الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في إطار مشروع نهضوي عربي ديمقراطي.
ان تجاوز النكسة ورغم مضي كل هذا الوقت، لم تتراجع التحديات، والصعوبات، والمخاطر المحدقة بقضيتنا العادلة، والتي هي من أعدل قضايا العصر لأن حكومات الاحتلال المتعاقبة، لم تقم أي اعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني، ولم تألُ جهداً في انتهاج سياسة الإرهاب والعدوان، عبر القضم المتدرج للحقوق والأراضي الفلسطينية، إن يكن في القدس، أو الضفة الفلسطينية المحتلة او بالحصار الكامل لقطاع غزة والتنكر لحقوق شعبنا الثابتة في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة، حيث تخرق ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية.
ولهذا نرى اليوم ان الشعب الفلسطيني الذي يقدم خيرة ابنائه في مسيرات العودة والتي كانت اخرها ايقونة فلسطين الشهيدة المسعفة رزان النجار ، يتطلع الى كل أحرار العالم، من اجل نصرة حقوقه الوطنية المشروعة وعزل الإدارة الأمريكية وعزل الاحتلال الإسرائيلي.
لذلك نرى من واجب كافة الفصائل والقوى العمل على حشد كل الطاقات على المستوى الوطني والشعبي والرسمي لمواجهة كل المؤامرات، وتحويل مسيرات العودة الى انتفاضة شاملة في الضفة والقدس وغزة ضد الاحتلال.
إن الوجع الفلسطيني يتعاظم يوماً إثر يوم، ومرارة اللجوء والتشرد علقم في أفواه كل الفلسطينيين في داخل الوطن أو خارجه، وشعبنا الفلسطيني يدفع باتجاه حقوقه العادلة والتاريخية التي تكفلها قرارات الأمم المتحدة، ولكن كل ذلك بحاجة الى تطبيق وترجمة قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة والعشرون الى فعل من خلال تعزيز الوحدة الوطنية هو العنوان الأول والذي يعزز صمود الشعب الفلسطيني ويشد من أزره في مواجهة ما يستهدفه خاصة، ، وخاصة اننا نرى بأن الحالة العربية والإقليمية، والدولية مشغولة بهمومها، ومشكلاتها، الا ان الشعب الفلسطيني يصمد في مواجهة التحديات والمخاطر، والصعوبات، وان وقائع الحياة والتاريخ تؤكد، إن الادارة الامريكية وحكومة الاحتلال مهما تعاظمت قوتهم وجبروتهم، لم ينجحوا في اغتيال نضال وتاريخ الشعوب المقهورة لا في نقل السفارة الى القدس ولا بصفقة القرن، ودليلنا على ذلك، أن كل شعوب الأرض قد تحررت من محتليها، و(إسرائيل) هي الاحتلال الأخير في العالم، لذا نؤكد على الوحدة الوطنية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني والحفاظ على هويتنا الوطنية، لاننا بذلك نملك أسلحة صناعة حاضرنا ومستقبلنا.
ختاما: واحد وخمسون عاما على النكسة وما زال الشعب الفلسطيني متمسكاً بحقوقه التاريخية وبعدالة قضيته رافضاً كل أشكال التسويات والصفقات التي تُكرّس الكيان والاحتلال، وتصادر حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال، مؤكدا للعالم من خلال مسيرات العودة والمقاومة الشعبية سيتصدى بصدروه العارية لصفقة القرن ولكل المشاريع الاستعمارية الجديدة التي تقودها ادارة ترامب في البيت الأبيض، وان دماء الشهداء أعطت حافزاً وقوة في الاستمرار بمسيرة الكفاح الوطني حتى تحرير الارض والانسان.