الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

أبو مازن المؤسسة تعمل… دعوها تعمل!!!

نشر بتاريخ: 06/06/2018 ( آخر تحديث: 06/06/2018 الساعة: 20:30 )

الكاتب: سلطان الحطاب
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَاب) والقدس تهّود وتؤسرل وتجعلها إسرائيل عاصمة لها(شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا) وأنت لا تستطيع أن تتفهم أو أن تقبل صمتهم المريب، فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.. وظنوا بالقدس وأهلها ظن السوء، واعتقدوا أن شعبنا سيسلم إرادته لمغتصبيه، ولم يدركوا أنه منذ وطأت أول قدم صهيونية ترابه الوطني وهو يقاوم بكل أشكال المقاومة، وأنه من افتدى المقدسات وما زال يفتديها ويعمل في سبيل حريتها.
نعم الْمُخَلَّفُونَ عن القدس من الأعراب والمنافقين والذين في قلوبهم مرض من بعض الفلسطينيين ممن ارتضوا أن يحتطبوا في جبال الآخرين وان يتحولوا إلى طعنة في ظهر شعبهم المناضل..
تقدم فلسطين في كل يوم نماذج مذهلة من الصمود والإصرار على حق تقرير المصير والحرية.. وتكفي هذه النماذج لتقنع العدو قبل الصديق بحق شعبنا في حريته وبناء دولته الوطنية المستقلة فإلى متى؟؟
الذين تطيّروا بمرض الرئيس، منهم من خاف خوفه على فلسطين ومنهم من انتظر غياب الرئيس الذي كان عقبة في وجه مراهقتهم وطموحاتهم غير المشروعة، حين كشف خططهم وما يدبرونه وفضح ارتماءهم في حضن أموال النفط العربية التي أرادوا أن يستقووا بها على شعبهم وعلى شرعية تمثيله..
(“من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات”) ومن كان يؤمن بالقضية الفلسطينية فإنها حيّة باقية من نفوس أبنائها وصدورهم وإرادتهم وأسباب حياتهم وعيشهم، فالرجل يمرض ولكن لن يضل من تبعوه من مؤيديه وأنصاره وتنظيمه وشعبه إن تمسكوا بالمؤسسة واحترموها ..فالمؤسسة الفلسطينية التي عمل أبو مازن من أجل بقائها ومدها بأسباب الحياة عن طريق إعادة إنتاجها بالتجديد والانتخاب، هذه المؤسسة لم يساوم الرئيس عليها ولم يفرط بها، بل ظل يمسك بمكوناتها ويضخ فيها الحياة، ولذا كان إصراره دائما أن يخلصها .. يخلص منظمة التحرير الفلسطينية من المهاترات والانقسامات الداخلية و الخارجية .. ظل يضع المنظمة نصب عينيه رغم أنه كان يدرك حصارها ومحاولات إضعافها وتكرر الانشقاقات عليها وقيام بعد الأطراف بطرح بدائل لها …
يؤمن الرئيس بأن التمثيل الفلسطيني وبقاءه وسلامته شئ أساس لا يجوز التفريط به، وأنه الحصان الذي يقود العربة فلا سير إلى الأمام في القضية بدون القيادة وما تمثله ولهذا كانت الحركة الصهيونية تعمل وتطالب دائماً ممن ينسحب نفوذها عليهم أو يرغبون في إنفاذ خططها في أن لايكون للشعب الفلسطيني قيادة مستقلة منتخبة من بين صفوفه, ولذا عملت الحركة الصهيونية منذ بداية القضية الفلسطينية أن تكلف أو تطلب أو تترك أن تأتي القيادة الفلسطينية من خارج شعبها أو بإملاء على شعبها وأن لا يكون لها قرار مستقل تؤمن به وتدافع عنه..
البعض لن يفهم إصرار الرئيس أبو مازن على هذه النقطة الجوهرية وهي المتمثلة في عنوان الشعب الفلسطيني ومرجعيته وتمثيله ولذا فإنه قاتل حتى تبقى الشرعية الفلسطينية وتجدد ويجري إنقاذها قبل كل شئ.
كانت الشرعية الفلسطينية والتمثيل الفلسطيني وتجديد مؤسسات العمل الفلسطيني وبعثها وإعادة إنتاجها واستكمال مكوناتها هي هاجس الرئيس الأول وهي البند الأول في أجندته ..فلا مقارعة للاحتلال سلماً أو غير سلم ولا متابعة للقضية الفلسطينية والانتصار لها بدون قيادة وطنية فلسطينية.
ولا قيادة فلسطينية يمكن أن تنجز أهداف الشعب الفلسطيني وتستجيب لطموحاته وتديم نضاله من أجل حق تقرير المصير وبناء الدولة المستقلة دون إستكمال بناء المؤسسات وانتظام عملها فالقيادة هي مؤسسة تعلو المؤسسات الأخرى وتصونها وتوجه العمل الوطني الفلسطيني وتترجمه..
ولذا فإن الرئيس كان راضياً حين زرته في رام الله اثناء تلقيه العلاج وهو يتحدث عن استكمال بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني السياسية والاجتماعية..فقد بدأ بالحزب الأول والأكبر حزب الرئيس وهي “فتح” بتجميع شتاته وعقد المؤتمر السابع وسط ظروف ذاتية وموضوعية إقليمية صعبة , ولكن الرئيس لم يتذرع ولم يتحجج بل مضى إلى عقد المؤتمر وقبول نتائجه وتوظيف هذه النتائج في التجديد..ولم يتوقف وكان بذلك يزيل كل أشكال الصدأ التي علقت بالتنظيم و أوهنته وأفقدته المرونة واللياقة بعد انقطاع طويل عن الانعقاد.
ثم إلتفت الرئيس إلى المنظمة الإطار الأكبر وأراد أن يعيد ترميم أساساتها وروافعها فدعا إلى انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني وسط حالة من المدّ والجزر ووسط موجات من الإشاعات والتشكيك والتقويل ..ووسط من دعوا إلى التأجيل والتذرع بعدم أهلية الوطن كمكان بادعاء أنه تحت حراب الإحتلال وكأن العواصم المرغوبة الأخرى هي خارج سطوة الاحتلال وخارج المطاردة والتضييق على الوطنية الفلسطينية ورغبتها في الحركة.
فند الرئيس حججهم ودعاهم إلى كلمة سواء وهيأ كل الأسباب والظروف ودعا القاصي قبل الداني كما دعا مراقبين دوليين ودول وأحزاب صديقة وكان النجاح غير المتوقع في عقد المجلس الوطني الذي انتظم بفرز أعضائه والذين بدورهم انتخبوا اللجنة التنفيذية ومجلسها المركزي وحيث ما زال التحدي قائما في استكمال بناء دور المجلس المركزي ليكتمل بذلك العمل ..
أبو مازن لن يتطير ولن يترك وراءه بعد عمر مديد أطفال “زغب الحواصل” بلا ماء أو شجر وإنما شعب يمتلك مؤسسات تعمل اختبرها في مرضه وانحجابه الجزئي عن العمل ووجد أن ماكنه المؤسسة تعمل بحضوره وحتى بوجوده بالمستشفى, فلرب ضارة نافعة، وله من مرضه أنه اختبر المؤسسات التي عمل مع رفاقه على انجازها وسرّه ذلك كما سرّه اتساع الانجاز وتعاظمه والذي لا يمكن أن يتم لولا بناء المؤسسات.
وضرب على ذلك التقدم في مجال الطب المستشفى الذي تعالج فيه الرئيس من حيث الإمكانيات الطبية والفنية والخدمية ,فالرئيس رغم أن بلده تحت الاحتلال يؤمن بقدرات أبناء شعبه ولذا لم يسافر للعلاج كما يفعل زعماء دول كثيره لا تؤمن بإمكانيات شعوبها وضرب مثلاً على الانتشار الفلسطيني المميز من الأشخاص الموهوبين والمتميزين عبر دول العالم والذين يشار إليهم بالبنان في كل المجالات وكافة المستويات..
فالبلد كما قال الرئيس محمود عباس وهو يشكر من زاره من الداخل والخارج ومن أطمئن عنه أو من أمن بنهج قيادته عامرة برجالها وأهلها رجالاً ونساء وهؤلاء هم روافع الدولة وسندها ووقودها..
فشعبنا يستحق دولة وهو أجدر من كثير من شعوب العالم في كل قاراته التي تمتلك دولاً تحفظ هويتها وكرامتها ومقدراتها
” البلد ماشية” ” والمؤسسات تعمل” حضر أبو مازن أم غاب. فقد ترك في شعبه ما لا يضل سياسياً ما تمسك بمؤسساته والرئيس يدرك أن المشوار طويل وأن هذه المؤسسات ما زالت بحاجة إلى المزيد من الإنضاج والتكامل والعمل لذا فإنه سيمضي في ذلك إلى أخر المشوار وسيبعث في كل أبناء شعبه أرادة البناء وإكمال المسيرة, فالتحدي الإسرائيلي قائم على أشده من خلال استمرار الإحتلال وما يحدثه هذا الإحتلال في القدس..
ظل أبو مازن من مدرسة تؤمن بأن إقامة الدولة الفلسطينية حتمي ولذا لا بد من توفير كل أسباب بنائها ومكوناتها من مؤسسات وأدوات قبل إعلان الدولة وأنه اليوم جاهز لذلك ولذا فإنه لم يضع جانباً من خدمة شعبه وبناء مؤسسات الصحة والتعليم وخلافها حتى تقوم الدولة وإنما هو أعد لذلك وهو عمل أيضاً على إكساب كل الإنجازات التي قدمها الشعب الفلسطيني وعلى رأسها بالاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
إن من المناسب أن يطلق على الرئيس عباس صفة ” مجسد الدولة” الفلسطينية العتيدة فقد بشر بها وعمل من أجل ذلك منذ قبول البرنامج الوطني للمنظمة والعمل على إعلانه عام 1974 ومنذ حواراته الأولى مع كل أطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وحتى مع القوى التقدمية في الأحزاب الإسرائيلية التي تؤمن بحق شعبنا في الاستقلال وبناء دولته.
ظل الرئيس يؤمن بضرورة انخراط كل الشعب الفلسطيني في الكفاح من أجل بناء الدولة الفلسطينية ووجد أن الشعب شأنه شأن كثير من شعوب العالم المكافحة يجمع على المقاومة السلمية الشعبية الواسعة التي تسمح لكل الفئات والشرائح والأطياف أن تنخرط في النضال السلمي الشعبي بشكل واسع …ووجد أخيراً أن أولئك الذين رفضوا وكابروا وأخذتهم العزة بالإثم قد اختاروا ما دعا له الرئيس أبو مازن لأن الظروف الذاتية والتفكير الموضوعي الوطني المستمر لا ينجز في هذه المرحلة غير ذلك ولذا فإن هبّة غزة من اجل العودة تصنف في باب ما دعا إليه الرئيس وإن كانت أطراف مغامرة ومراهقة أرادت تحميل هذا الشكل النضالي الشعبي المقاوم الفذ برامجها الحزبية الضيقة وتوظيف كل تلك التضحيات والدماء والأرواح الشابة للخروج من مأزقها الذي صنعته بالانقسام والتبعيات غير الوطنية والمزايدة على الشرعية الفلسطينية.
أن المقاومة الشعبية السلمية الواسعة التي أمن بها الرئيس ودعا لها ومارسها كانت كفيلة أن تحصد الكثير من الأهداف وأن يجري توظيفها بسهولة وبإسناد عالمي رأى في الخطاب الفلسطيني الرسمي المستعمل وسيلة فضلى لإعادة بناء رأي عام عالمي يؤيد الشعب الفلسطيني في بناء دولته ..
نعم قالها الرئيس أن قضيتنا موجودة لأنه عمل على ابقاءها حية ولم يسمح بدفنها أو استعداء العالم عليها وهو يدرك أن العالم يساعد ويدعم بالقدر الذي يحفظ مصالح دوله وشعوبها وأن المهارة هي في توظيف هذا الدعم وقد فعل الرئيس وما زال يفعل..
وها هي فلسطين تتقدم على مؤشرات تكامل الدولة المستقله وتجد أطروحات الرئيس السلمية كل قبول, وهذا ما يدفع الرئيس أبو مازن ويشجعه للقول :نريد أن نقاتل بالسلام لأنه وسيلتنا لإدراك السلام ووسيلتنا لبقاء قضيتنا العادلة التي لا تحتاج إلى قتل الآخرين وخاصة الأبرياء أو إلى مداهمة العالم والسباحة فيه عكس التيار, فكثير من الحركات التي انتمت إلى فكر لا يصنع السلام تلاشت ويعتقد الرئيس ان من لا يؤمن بالمقاومة السلمية الشعبية يعرض القضية الفلسطينية إلى التصفية ويعيدها إلى ملفات وإ التاريخ لان الشعوب انتصرت حين أسست قواسم مشتركة لطروحاتها النضالية ..
أبو مازن لا يحجبه عن العمل إلا المرض وقد تمرد عليه أكثر من مرة ولولا إجبار أطبائه لمضى يعمل ولكنه اليوم وقد عاين ما أنجز في فترة امتحانه في مرضه فإن الرضى هو ما بدا عليه ، فلن يخذل هذا الشعب وفيه كل هذا الكم من المناضلين والمفكرين والعباقرة والمساهمين في الحضارة العالمية …
إن بلداً تحت الاحتلال وفي يديه قيود يقدم في أمته ولأمته وللعالم أكثر من بلدان في الإقليم تقول إنها حرة ولعل الإسهامات الملموسة من الفن والموسيقى وحتى الطب والهندسة أبرز مثال على ذلك ..فالفلسطينيون تحت الإحتلال يحصدون جوائز في التفوق والتميز والمساهمة أكثر مما تحصده دول تزعم أنها مستقلة.
نعم المؤسسة تعمل ..والفلسطينيون لن يكونوا في مهب الريح فهم يعرفون عدوهم ويعرفون كيف يتعاملون معه ويطلبون من اللّه أن يكفيهم شر من حُسبوا من أصدقائهم!!!