الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس وخيارات الهروب الى المصالحة

نشر بتاريخ: 08/06/2018 ( آخر تحديث: 08/06/2018 الساعة: 12:37 )

الكاتب: د.تحسين الاسطل

منذ ان فرضت حركة حماس منطقها على قطاع غزة في حزيران 2007، وبدأنا مسلسل غير مسبوق من التراجع على كافة المستويات، ورغم اقتناع اغلب قيادات الحركة المتنورين ان هذا الفعل تسبب بضرر حقيقي على الشعب الفلسطيني، وبات بشكل واضح انه فخ ومؤامرة كبيرة وقعت فيه الحركة لحاجة في نفس الشيطان الاكبر، والذي طلب من اوليائi بالمنطقة ان يزينوا لحماس هذا الفعل وانها يمكن ان يتعايش معها والاعتراف بها دوليا، ولم تستفد الحركة من تجارب الحركات الإسلامية الاخرى السابقة في أفغانستان والعراق وغيرها التي حصل ان وفر لها كل ادوات التمكين في بلادها حتى تصبح ظاهرة ومعروفة ومعروف هياكلها ليسهل الانتهاء منها بعد ان تنهي مهامها ووظيفتها المطلوبة منها، او ابتزازها وتهديدها لاخضاعها لشروطه.
حركة حماس في تكوينها وتربيتها لا تقوم على البعد الوطني، وانما على الانتماء للجماعة والحركة، وهذا معروف ولا ينكره احد.
ولا بد على الحركة في فلسطين ان تجيب على سؤال مهم هل هي تسيطر على غزة لخدمة الجماعة واهدافها ومشروعها، ام تسخر الجماعة وقوتها لخدمة المجتمع الفلسطيني والمشروع الوطني الفلسطيني، وحتى هذه اللحظة القناعة عند الجميع ان الحركة تسير الى الخيار الاول ولم تستطع الاقلاع من مربع الجماعة الضيق، وهذا ما تؤكده كل الدلائل على الارض سواء في تعطيل استلام الحكومة لمهامها لصالح شروط تخص الجماعة ومكتسباتها خلال الفترة الماضية، وانها تريد حكومة شكلية لا تحتكم على شيئ وان يبقى الحال على حاله مع وزراء دمى لاخذ الصور امام الولائم، وايهام الشعب ان المصالحة الفلسطينية تمت.
والآن نحن امام مشهد لابد ان يكون واضحا، ان حماس بعيدة عن تنفيذ الارادة الوطنية والجماعية الفلسطينية لانهاء الانقسام، وقرارات اتخذتها الحركة وقيادتها بهذا الصدد، الا بشروطها التي تصب في مصلحتها ونقطة، وفي نفس الوقت السلطة لا تنفذ القرارات من كل المستويات واخرها المجلس الوطني الفلسطيني لانهاء الاجراءات على غزة ومن ضمنها رواتب الموظفين، والاصرار على دفع ذات المبلغ الذي تصرفه حركة حماس لموظفيها، الذين عينتهم بعد حسم امرها بالسير باصرار الي الانقلاب وفرض اجندتها على الارض عام 2007، وفي نفس الوقت مطالبتها السلطة بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني، في اقرار منها انها تلتزم فقط بعناصرها وقادتها، وليس لها علاقة بأي احد خارج هذه الدائرة، بل انها تسخر امكانيات الشعب لخدمة هذه الدائرة.
فحماس فشلت رغم فوزها في الانتخابات التشريعية العامة وسيطرتها عسكريا على غزة، ان تظهر ولو مرة واحدة وفي احلك الظروف والازمات انها حركة وطنية لكل الشعب الفلسطيني، رغم ان معاناة الشعب كانت طوال المرحلة السابقة بسبب قراراتها وتصرفاتها غير المحسوبة.
ورغم رفضنا كما كثير من القطاعات العريضة من ابناء شعبنا، لاجراءات الحكومة بحق غزة، والتي ترى في هدفها ان لا يبدو الامر طبيعيا، وبالتالي توفير ادوات حقيقة لاستمرار الانقسام والانقلاب وازدهاره، مع استمرار خطره السياسي والاجتماعي، وتدميره لاي فرصة لقيام دولة فلسطين على حدود عام 1967م ، وافشال مشروع دويلة غزة الذي تريده قوى الظلم والاستكبار العالمي.
والرفض لهذه الاجراءات الحكومية للقناعة ان حماس ما زالت في مربع الجماعة، والا انها لن تكن لتسمح لاي شكل من اشكال المعاناة في غزة لو كانت في غير هذا المربع الضيق، ولذهبت فورا الى مصالحة شاملة مع كافة فصائل العمل الوطني.
والآن وامام ما تريده حركة حماس من المصالحة، هل الشعب الفلسطيني وابنائه ومستقبلهم مرهون بدفع ثمن افعال حماس في الاستحواذ على كل شيئ على الارض، وان يكون هذا الاستحواذ تحت يافطة السلطة الفلسطينية وحكومتها، وكل ما يترتب على هذا الفخ الاضافي لفخ الانقسام، الذي سيوقعنا في مواجهة دامية وحتمية مرة اخرى.
ومن هنا بات مطلوب من الجميع ان يتحمل مسؤولياته الوطنية وان لا يتصرف كأنه ليس ذي صلة بما يحدث، فالمصالحة لها ثمنها من الجميع، وايمان حماس بالمشروع الوطني وهروبها من مربع الجماعة الى المربع الوطني له ثمنه، وغير ذلك فالواقع على الارض يؤذي بان الجميع سيدفع ثمن باهظ ومؤلم ان لم يتم تدارك الخطر الذي يطرق الابواب بقوة لان الجميع فشل في الاقلاع بالجماهير الى مستقبل واضح، واننا جميعا في ازمة كبيرة بسبب الانقسام، الذي يراد منه ان يصبح انفصال وانفصال دائم، ان لم يتم التراجع عن كل الخطوات والافعال من الجميع من حزيران عام 2007، فتاريخ الازمة بدأ من هناك، ولم يبدأ مطلقا من نيسان 2017.