الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل تصنع مركزية فتح أزماتها؟

نشر بتاريخ: 10/06/2018 ( آخر تحديث: 10/06/2018 الساعة: 11:10 )

الكاتب: أحمد طه الغندور

يبدو أن إجراءات فتح ضد قطاع غزة قد بينت أن هناك صراع خفي على السلطة بين أجنحة اللجنة المركزية، وأن هذه اللجنة بدأت تصنع أزماتها بحيث أصبحت تؤثر على الحياة السياسية في فلسطين سواء على مستوى منظمة التحرير الفلسطينية أو على مستوى الحكومة.
هذا الصراع يتمثل في أمرين إثنين؛ أولهما رغبة الفرقاء في إثبات قوتهم داخل فتح وبأن هذا الشخص هو الأقوى من خلال جمع الأفراد والأصوات حوله في أطر التنظيم والمنظمة، ومن ثم هو يبعث رسائل إلى الخارج بأنه الأجدر في خلافة الرئيس عباس في الحكم، وهذا هو الأمر الآخر للصراع والذي يدفعهم إلى الوحشية في فرض الإجراءات وبالأخص ضد غزة.
أيضاً يتم هذا في سبيل بيع الوهم بأن مثل هذا الشخص هو الأقدر والأجدر على تولي القيادة مهما كانت أضرارها على المستوى الوطني من استمرار للانقسام والتمهيد لتمرير "صفقة القرن"، مما يمنحه رضى الأطراف العربية المشاركة في "صفقة القرن" ومباركة الولايات المتحدة وربيبتها "تل أبيب".
ومن أجل توضيح الأمر بصورة أفضل دعونا ننطلق من جلسات المجلس الوطني الأخير وكيف كان الصراع واضحاً في رغبة الفرقاء في ضم أشخاص لها صبغة الولاء لآخرين بعينهم دون الولاء للوطن، وقد أثارت بعض وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي في حينه هذه المسألة، في حين أن المشاركين من غزة ـ إلا من رحم ربي ـ كانوا شخصيات هامشية لم ولن يُسمع صوتها ضماناً لمصالحها الشخصية أو أنها لم تكن من ضمن فتح في يوم من الأيام إن لم تكن ضدها.
ومع ذلك فقد جاء ضمن قرارات المجلس الوطني وجوب تنفيذ قرار المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله والتحرر من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها بروتوكول باريس، بما في ذلك المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الاحتلال، بما يدعم استقلال الاقتصاد الوطني ونموه، ويؤكد المجلس ضرورة التزام اللجنة التنفيذية ومؤسسات دولة فلسطين بالمباشرة في تنفيذ ذلك.
وتوقف المجلس الوطني مطولا أمام الوضع في قطاع غزة وخاصة ما يعانيه أبناء شعبنا، حتى أن الرئيس امر بإرجاع رواتب الموظفين قائلاً: "بأننا لا نعاقب شعبنا".
فهل جاءت الممارسات على الأرض وفقاً للقرارات الصادرة في 3/5/ 2018؟
بالطبع لا بل أن الأمر إداد سوءا ! وأصبح التركيز فقط على قضية قطاع غزة دون غيرها من القرارات التي ركز عليها المجلس، فهم لا يملكون القدرة لمناقشة تلك القرارات، كما أنهم لا يريدون إغضاب من يخطبون ودهم للوصول إلى سدة الحكم، إذا هناك ملف غزة فقط ليقولوا للجميع "أننا ننفذ قرارات المجلس الوطني، وأننا نعاقب من يقف وراء الانقسام" !!!
وها هي تُعاد الكرة مرة أخرى لمزيد من الاجتماعات والنقاشات حول صرف رواتب الموظفين أو بالأحرى لمزيد من الخصومات على الرواتب والإحالة للتقاعد غير الشرعي، والتي يرغب البعض في تصوير بأنها "العصا السحرية لانهاء الانقسام"، وهذا غير حقيقي بل هو إمعان في إذلال فتح غزة وفقاً لما سبق ذكره.
وبمعاينة المشهد الأخير الذي تعرضه وكالات الأنباء، يُعلن السيد "أبو جهاد العالول" عن إصدار الرئيس محمود عباس تعليماته بعقد اجتماع يضم أعضاء اللجنة المركزية والجهات المعنية في الحكومة، لبحث مسألة تسديد فاتورة الرواتب لموظفي القطاع.
في حين أن ما جاء على لسان السيد "أبو نداء الأحمد" يوضح، إن لجنة المتابعة العليا الخاصة بقطاع غزة ستلتئم غداً السبت، لافتاً إلى أن هذا الاجتماع لن يكون من أجل ملف رواتب الموظفين في غزة.
هذه الصورة تؤكد ما ذهبنا إليه من وجود الصراع داخل فتح، وضرورة إقصاء "فتح غزة" عن التدخل المباشر في هذا الأمر، لأنها كانت ومازالت منذ تاريخ الثورة الفلسطينية تملك الكلمة الصافية للحفاظ على الهوية الفلسطينية وهي الرائدة دائماً في النهوض بالمشروع الوطني، وأنها لن تكون بأي حال من الأحوال بوابة المتآمرين لتمرير "صفقة القرن" مهما كانت الإجراءات غير الشرعية ومهما استبد الظلم من ذوي الأجندات الخاصة.
إن وجود "فتح غزة" على الطاولة يُشكل تهديداً مباشراً لذوي الأجندات الخاصة، وقد يقلب معادلاتهم ويدمر مصالحهم غير الشرعية، حيث ذلك يكشف كل من يعرض نفسه في "المناقصات اليومية" للقبول بشروط الولايات المتحدة والقبول بجريمتها.
إن إرجاع الحقوق إلى أصحابها لا يحتاج إلى لجان أو نقاشات ذات غير صلة، جلُ ما يحتاجه هو اعترافكم بالجريمة التي ترتكب والاعتذار للصابرين المحتسبين عما بدر في حقهم.
والأفضل أن تعودوا للحق، وألا تتمادوا في جريمتكم أكثر من ذلك؛ فالوقت والتاريخ لن يكون لصالحكم فقد كُشفت سوءاتكم.