الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الى اخي ابو لؤي في ذكرى استشهاده الحادية عشر

نشر بتاريخ: 10/06/2018 ( آخر تحديث: 10/06/2018 الساعة: 14:34 )

الكاتب: اللواء د.محمد المصري

الى اخي ابو لؤي في ذكرى استشهاده الحادية عشر "لا يريدونني ان أنسى"
في مثل هذا اليوم 11/6/2007، استشهد شقيقي أبي لؤي برصاص افراد من حركة حماس، لم يستشهد شقيقي فقط، بل استشهد ابنه ابراهيم وابن شقيقي ايضاً فرج، استشهدوا في مثل هذا اليوم قبل احد عشر عاماً، عندما كانت حركة حماس تقتل الناس على الهوية وعلى الانتماء.
بدأت المذبحة التي عصفت بأسرتي الصغيرة عندما اوقف حاجز لحركة حماس سيارة اجرة كان يستقلها ابن شقيقي الذي كان يعمل سائقاً ومرافقاً لدي، وعندما تعرف عليه افراد الحاجز اطلقوا النار بغزارة على ساقيه ثم قذفوا به الى بيارة وتركوه ينزف بلا أدنى مساعدة.كان هذا الاعتداء -على الهوية– بداية تلك المذبحة التي غيرت مصير كثيرين في اسرتي الصغيرة والكبيرة على حدٍ سواء.
ففي ذلك الوقت، بدأت حماس بالتكشير عن أنيابها وبتكسير عظام مخالفيها في الرأي والرؤية. في ذلك الوقت بدأت حماس بفرض السيطرة وانتزاع الحكم بالقوة، بادئة بذلك تاريخاً جديداً في السِفر الفلسطيني الطويل.
بدأت حماس في ذلك بالسيطرة على الشوارع والحارات واجزاء من المخيمات وبدأت تعتقل او تقتل على الهوية وعلى الانتماء وعلى الجهة وربما على امور اخرى.
واعود الى حياتي واسرتي، بعد ان اطلقوا النار على ابن اخي ورموه على قارعة الطريق، كان ذلك ايذاناّ بمواجهة مريرة مع افراد عائلتي، استشهد على أثرها شقيقي ابو لؤي وولده ابراهيم وابن اخٍ آخر لي يدعى فضل فرج. كانت مذبحة بكل معنى الكلمة، على الاقل بالنسبة لعائلة المصري في بيت حانون، اذ هكذا تخطف ثلاث حيوات مثل لمح البصر، وتقدم هذه السروات الثلاثة على مذبح اطماع واهواء وكثر اخذت الوطن كله الى المجهول.
منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وبعد 11 عاماً، فأن هذه الجريمة النكراء تكبر وتكبر على عكس كل ما هو طبيعي. الموت يصغر بمرور الزمن، الا هذه المذبحة، فهي تكبر كل يوم بما نراه من تعميق للانقسام وترسيخ للفرقة.
ان الرصاصات التي قتلت أفراد اسرتي ما تزال ترن في الهواء وما تزال تنغرس في الصدور او الظهور، من اجل مطمع أو وهم ما يزال يعيش ويتغذى ... يتغذى على ايدلوجيا الاقصاء والتخوين وكل يوم يكبر الحقد ويقل التسامح، يزداد الفقير فقراً والكارهين، الكراهية لكل شيء.
شقيقي الذي كان متورطاً الى اذنيه بتدبير شؤون عائلته الصغيرة، وغارقاً الى اذنيه في مساعدة بقية الاسر القريبة والبعيدة، لم يكن حزبياً ولم يكن فصائلياً، بالعكس كان يحب الجميع والجميع يحبه، كان دائماً ابن الجامع، يعبد الله الذي نعبده، يتقدم الصفوف لإصلاح ذات البين.
اخي عيد محمود محمد المصري "أبي لؤي" لم يكن وحده في تلك المذبحة، فقد ارتقى معه ابنه وابن شقيقه، نعم كانت مذبحة بحق اسرتي الصغيرة واسرتي الكبيرة، هكذا أراد من وقف خلف القتلة بأن يبعث رسالة ممهورة بالدم/ لي شخصياً، ولعائلتي في بيت حانون، ولعائلتي الكبيرة والشعب الفلسطيني كله.
رسالة بالغة الرداءة والصلف والوقاحة، قالت ان الفلسطيني يهون على الفلسطيني، وان العدو قد يكون الأخ والشقيق وليس من اغتصب الارض، وهذا لن يكون ابداً، وسيبقى الأخ أخ ولن نضعه في مربع الاعداء، ومن يريد استمرار الانقسام، لا يريدنا ان ننسى جراحنا و أحبائنا الذين تم الغدر بهم.
رسالة القتلة قالت ان الحل هو الاحتكام الى البندقية وليس للقانون، وان الثورة قد تنجب نقيضها أو عدوها، وما يحدث اليوم وما يقدمه شعبنا من دروس، بأننا قادرين على تضميد جراحنا، وسننسى أحبائنا بمن ذهبوا، ونكبر على الجرح، ولا نريد شيئاً سوى لم الشمل، ووحدة الموقف لمواجهة من يريد أن يدمر قضيتنا ويمسح تاريخنا.
لا يريد من يقف خلف قتل أحبتي أن ننسى، وبدلاً من ان تصغر المذبحة بالمصالحة والوحدة، كبرت بهذا اللؤم والانقسام، وبدلاً من ان ننسى ما حدث- وهو أليم لا ينسى- ظل من قتل افراد عائلتي يتمتعون في غلوائهم وتطرفهم. عقلية لا تريد انهاء الانقسام، ولا تريد لجراحنا أن تندمل او تتسامح ، وتريد لموتنا ان يبقى يكبر ويكبر، ونورث أحفادنا حقداً لا نريده.
اكتب هذا الكلام وقلبي ينزف دماً، ليس على ثلاثة من عائلتي قتلونا وإنما على كل شعبي وبينهم من ساهم بالقتل، واستفاق والان يعاني من حصار غزة، والله قلبي ينزف على وطن يذبح صباح ومساء، وادعو الله ان يكون ذكرى استشهاد اخي ابو لؤي الثانية عشر، وقد تم انهاء الانقسام.