الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

نحن نحرق اطفالنا ايضا!

نشر بتاريخ: 12/06/2018 ( آخر تحديث: 12/06/2018 الساعة: 17:54 )

الكاتب: موفق مطر

سيلعننا التاريخ ان لم نعمل ما استطعنا لحماية أطفالنا، فليس فخرا ترك اطفالنا في الميادين، ونعزي امهاتهم وآبائهم بملصق شهيد وبيت عزاء (حزبي مسيس)، وانما الفخر بقدرتنا على حماية اطفالنا، حتى يبلغوا القدرة والاستطاعة لأخذ مكانهم الطبيعي في مسيرة الكفاح والنضال الوطني والبناء.
الرابط بين محمد ابو خضير المقدسي، وهيثم محمد الجمل الغزي خيط رفيع، بخلاف الجذور العميقة المشتركة بينهما، فهما طفلان فلسطينييان أبا عن جد، لم يكملا الخمسة عشر ربيعا. الأول كان ضحية المستوطنين المستعمرين الاسرائيليين العنصريين، والآخر كان أحدث ضحية لعبثية قوى وجماعات قادتها من أبناء جلدتنا، يسارعون الى حساب الشهداء كرقم في رصيد ومكاسبهم الحزبية، حتى لو كانوا اطفالا !!.
أحرق المستوطنون المجرمون المتوحشون الطفل المقدسي ابو خضير حيا، أما الطفل هيثم محمد الجمل، فقد اغمض المسؤولون عن تنظيم فعاليات مسيرات العودة عيونهم، وصموا آذانهم، وتركوه، فاندفع كأي طفل لا يحسب جيدا حجم المخاطر الى ميدان الحرائق، وعندما صار في مدى بندقية الجندي المجرم، احرق براءة طفولته، فأصابه في مقتل، فاذا بنا نحن والجندي الذي لا يرحم قد احرقنا أكباد امه وابيه وجده وذويه.
نحن نعلم أن على الجانب الآخر من السلك ما بين غزة المحاصرة والمحتلة والوطن المحتل، مجرمي حرب لم يردعهم قانون دولي، ولا اخلاقيات محاربين، ونقيم الدنيا ولا نقعدها ولا نكف عن الصراخ في وجه العالم ليلتفت الى الجريمة، لكن لماذا لم يبادر قادة الفعاليات، ولجانهم الميدانية (ان وجدت) الى حماية أطفالنا ومنعهم من الوصول الى دائرة نيران يجد الرجال والشباب المتمرسون صعوبة بالغة في تجاوز شبكة الخطر المميتة ؟!
متى سيبلع الذين يتصدرون قيادة المسيرات، ويحتلون شاشات الفضائيات (بجلابيات صلاة الجمعة) ألسنتهم، ويكفون عن استخدام طاقة التوتر العالي اثناء الكلام عن الوطن والوطنية!! وعليه ان يخرس والى الأبد، ذاك وذلك الذي لا يفكر ولا يعمل على حماية جيل المستقبل !!.
نعرف حتى اليقين أن هؤلاء لا يكترثون لقضية (احراق الطفولة) ووصول اطفالنا الى دائرة موت عبثي حتمي، فهؤلاء المجردة قلوبهم من الرحمة والمشاعر معنيون، يسكنهم ظن آثم، أن العالم سيكترث لنا ان رأى مشاهد قتل اطفالنا، وكأنهم لا يعلمون ان العالم سيلومنا لأننا لم نفكر بمصائر صغارنا، ولم نوفر سبلا اخرى للتعبير عن مشاعرهم واحاسيسهم الوطنية غير سبيل الولوج الى ميادين وحقول الرمي بالرصاص الحي، حيث يتدرب جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي على قنصهم كأهداف حية متحركة، في افظع جرائم قتل تبث على الهواء مباشرة اسبوعيا، ورغم ذلك لم تحرك جرائمهم سوى بعض الشعور بالقلق عند (الدوليين الكبار)!!.
لا تقدر روح طفل ازهقت بأي ثمن، ولعلنا نجد في تصريح والد الطفل الشهيد أبو خضير لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أمس برهانا على ما نعتقد فهو القائل:" لن نقبل بأي مبلغ مالي مقابل دم طفلنا... لقد رفعنا القضية ضد المستوطنين وكان هدفنا منعهم من الخروج من السجن ومنعهم من السفر".
اخبار المنح المالية من حماس وطهران وغيرهما لعائلات الشهداء وللجرحى بعد كل (جمعة) من تظاهرات (كسر الحصار) – هكذا صار هدفها بعد ان كانت للعودة الى كل فلسطين - !!! تتزاحم عبر (وسائل اعلام مؤدلجة) اثر ارتقاء الشهداء، لتحجب قصصا انسانية عن كل واحد منهم لو تليت على جبل لتكسرت صخوره من الأحزان، ونحسب الأمر مقصودا في افظع عملية استغلال للظروف المادية التي كان يعيشها الشهداء ارباب العائلات، او عائلات الشهداء الشباب العزاب والأطفال، فقد قال شهود ونعتقد انهم صادقون، أن الطفل الشهيد هيثم محمد الجمل ارتقى اول أمس شرق غزة." صائما، جائعا. بعد حياة حافلة بالفقر والشقاء".
افتدى علماء يابانيون كبار في السن علماء في سن الشباب اثر كارثة فوكوشيما بعد زلزال اليابان الكبير في 11 آذار 2011، وتسرب الاشعاعات من مفاعل فوكوشيما النووي، حيث آثر الكبار البقاء في المفاعل على اساس ان الحياة ما زالت طويلة امام الخبراء الشباب، خاصة وان الدراسات عندهم تفيد أن أثر الأشعاع على كبار السن أبطأ من تأثيرها على الشباب، وباعتبار أن جيلهم مسؤول عن اقرار استخدام الطاقة النووية وعليهم تحمل المسؤلية... نحن لسنا اليابان.. لكن علينا تغيير فهمنا لمعنى التضحية.