الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل فصل الأونروا للموظفين في غزه يعتبر فصلاً تعسفياً؟

نشر بتاريخ: 30/07/2018 ( آخر تحديث: 02/08/2018 الساعة: 09:32 )

الكاتب: هبة بيضون

لم يكن يتصور الموظفون الذين يعملون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في غزة، بأنهم سيكونوا الضحية لحل الأزمة المالية التي تعاني منها الوكالة، والتي بلغ العجز فيها 800 مليون دولار أمريكي العام الماضي. تلك الأزمة الناتجة عن عدم تسديد العديد من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلتزاماتها المالية المقررة نحو الوكالة.
لقد تسببت هذه الأزمة المفتعلة والتي تم إختلاقها لهدف سياسي بالدرجة الأولى هو تصفية قضية اللاجئين، تسببت في وقف العديد من الخدمات التي تمس حياة اللاجئين في مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان وقطاع غزة والضفة الغربية، حيث توقفت الوكالة عن تقديم الخدمات الصحية وعن صرف الأدوية في المستشفيات التابعة لها.
كما طالت التقليصات رواتب العاملين في الأونروا خاصة المعلمين والمعلمات في مدارس الوكالة، وتعرّضت مدارسها في غزة إلى القصف الصاروخي من قبل الطيران الإسرائيلي، وأصبح هناك حاجة لإعادة بناء تلك المدارس.
كان آخر الإجراءات التي قامت بها إدارة الأونروا في مكتب غزة الإقليمي هو تسليم 125 موظف دائم لديها رسائل إستغناء عن خدماتهم إبتداءً من نهاية شهر آب، كما أنه سيتم تحويل 570 موظف إلى الدوام الجزئي بنصف الراتب حتى نهاية العام، وحوالي 280 موظف سيبقون على رأس عملهم أو يتم نقلهم إلى دوائر أخرى بعقود حتى نهاية العام، بمعنى أنه تم الإستغناء عن خدمات ما يقارب 1000 موظف ممن كانوا يعملون في خدمة اللاجئين. هذا بالإضافه إلى فصل 154 موظف آخر يعملون في الضفة الغربية على ميزانية الطوارىء. وهنا أنوه إلى أن ميزانية الأونروا توزع على ثلاثة أنواع من العمل: البرامج والمشاريع والطوارىء، ولسبب ما، تم إختيار تقليص عدد الموظفين من العاملين على ميزانية الطوارىء.
وهنا أتساءل، هل فصل عدد من الموظفين ينهي الأزمة المالية التي تمر بها الأونروا؟ هل هذا هو الحل؟ !
إن استجابة الإدارة السلبية على المقترحات المقدمة من قبل إتحاد الموظفين لأنهاء الأزمه وعدم إستعدادهم لمناقشتها يعني أن الهدف كان فصل الموظفين وليس إيجاد مخرج للأزمة المالية بدراسة جميع الخيارات والحلول المقترحة.
أما حالات الإغماء والإنهيار التي تعرض لها بعض المفصولين، فهي ردة فعل طبيعية، ففي الوقت الذي تجاوزت مدة الخدمة للبعض 15 سنة و20 سنة للبعض الآخر، نجد أن القرار له نتائج إجتماعية كارثية، خاصة بالنسبة للموظفين الذين أخذوا قروضاً بضمانة راتبهم وأعطوا شيكات التزموا بسدادها في تاريخ الإستحقاق، إلا أن الحال قد اختلف بين عشية وضحاها، وأصبح البعض مهدداً بالسجن في حال عدم تسديد إلتزاماته المالية.
إن المسؤول عن هذه القرارات التي قد تكون تعسفية حسب القانون - وأقول قد تكون لأنني لا أعرف إن كانت تعتبر تعسفية من ناحية قانونيه أم لا - هو المكتب التنفيذي للمفوض العام، حيث صدرت القرارت من مكتب المفوض العام إلى مدراء المناطق لتنفيذها، والسؤال هنا هو ألم يكن بإمكان مدراء المناطق الرفض والدفاع عن موظفيهم وحمايتهم؟ ألم يكن بإمكانهم أن يقولوا بأنهم لا يستطيعون الإستغناء عن موظفيهم ؟! أم أن هناك من الإدارة من تواطأ وتآمر على زملائه ومرؤوسيه وساعد في تسريع وتنفيذ فصلهم دون أن يأبه لظروفهم المعيشية وما يمكن أن تؤول إليه حالهم ؟! مع العلم أن ما تم التصريح به من قبل الناطق الإعلامي للأونروا بأن عقود المفصولين قد انتهت هي معلومات غير صحيحة وتم نفيها من قبل مسؤولة إتحاد الموظفين.
ما هي يا ترى مصلحة البعض في التآمر على فصل الموظفين، وما هو المقابل الذي حصلوا عليه؟ أهو مكافأه ماليه أم ترقيه؟ لا بد وأن يكون هناك غنيمه من وراء قطع أرزاق الآخرين.
والأمر المهم من وجهة نظري هو أن نعرف إن كان الإجراء الذي اتخذته الأونروا بحق الموظفين يعتبر قانونياً؟ وهل يحق الفصل الفوري لبعض الموظفين دون إعطاء فترة إنذار ليرتب الموظف أموره ويحاول إيجاد فرصة عمل أخرى؟ هل يجوز إنهاء العقد بهذه البساطة؟ وهل يعتبر سبب مرور الوكالة بأزمة مالية كافياً لفصل الموظفين؟ وعلى أي معايير تم إختيار الموظفين المفصولين؟ هل ستدفع الأونروا لهؤلاء تعويضات نهاية الخدمه حسب القانون؟ .
وفي حال كان الإجراء غير مبرر قانونياً ويقع ضمن فئة الفصل التعسفي، هل يمكن للموظفين اللجوء إلى القضاء وتقديم دعوى بأنهم فصلوا فصلاً تعسفياً؟ ما هو دور وزارة العمل في هذه الحالة ؟.
الموظفون الآن في حالة إعتصام وإضراب بدعم من إتحاد الموظفين، ويطالبون برحيل مدير عمليات الوكالة في غزة وكذلك كل من ساهم ويسهم في المؤامرة عليهم، آملين أن يتم التراجع عن القرار، وفي حال عدم تحقيق مطلبهم، سيتم إتخاذ إجراءات تصعيديه...فهل ينجحون؟
من حق اللاجئين أن يحصلوا على الخدمات التي اعتادوا عليها، لا ذنب لهم في أي أزمة مالية ولا أزمة سياسية، لا بد أن تستمر الخدمات التي يتلقونها إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة، ولكن، كيف يتحقق ذلك وقد فصلوا ما يقارب الألف موظف ممن يقدمون تلك الخدمات !.
القضية كبيرة وجادة، والوضع يتطلب التدخل على أعلى المستويات، على الأمين العام للأمم المتحده أن يتدخل ويتحمل مسؤولياته في تأمين التمويل اللازم للوكالة وتعويض ما تم إقتطاعه، وعلى الدول المانحة أن تتدخل وتساهم في حل الأزمة بالإيفاء بإلتزاماتها، ولكن لن يحصل ذلك إلا عندما يدرك الجميع بأنهم لن ينجحوا في تصفية القضيه الفلسطينيه ولن ينجحوا في تصفية قضية اللاجئين كما القدس .