الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ملفات وتحديات امام المجلس المركزي

نشر بتاريخ: 08/08/2018 ( آخر تحديث: 08/08/2018 الساعة: 17:47 )

الكاتب: د.فوزي علي السمهوري

التشرذم والضعف العربي الرسمي وغياب استراتيجية عربية متوافق عليها "ولو بالحدود الدنيا" دفع ترامب بسياسته العنجهية الداعمة والمنحازة لمجرم الحرب نتنياهو وزمرته لسن قوانين تتناقض كليا مع ميثاق الأمم المتحدة كما تتناقض مع العهود والمواثيق الدولية كما تشكل تحديا وانتهاكا صارخا للقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية والتاريخية.
أمام هذا الواقع تقف القيادة الفلسطينية وحيدة أو تكاد تكون في مواجهة المؤامرة الصهيونية المدعومة أمريكيا للمستوى الذي يصل بالإدارة الأمريكية للعمل على فرضها ترغيبا او ترهيبا بما تتمتع به إقليميا وعالميا من نفوذ وقوة سياسية واقتصادية وعسكرية.
هذه التحديات أوجبت الإسراع بدعوة المجلس المركزي الفلسطيني للاجتماع لاستعراض ومناقشة ملفات ووضع استراتيجيةعملية للتعامل معها بما يعزز نضال الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
من اهم التحديات والقضايا التي تمثل أولوية في هذه المرحلة وتتطلب من المجلس المركزي الفلسطيني الوقوف أمامها ما يلي :
أولا : مواجهة صفقة القرن.
ثانيا : مواجهة السياسة الصهيونية العدوانية.
ثالثا : العمل على بناء جبهة مساندة وداعمة لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
رابعا : استكمال ترتيب البيت الفلسطيني.
أولا : مواجهة صفقة القرن:
بلا أدنى شك أن الموقف الرسمي الفلسطيني يشكل العامل الحاسم في إسقاط واجهاض مشروع مجرم الحرب نتنياهو وزمرته الذي تبنته الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب واضفت عليه المشروعية الأمريكية بشكل رسمي تحت عنوان صفقة القرن بهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال العمل على إنكار وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية والتي كفلها ميثاق الأمم المتحدة وكفلتها العهود والمواثيق الدولية " حق تقرير المصير ، اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ، ممارسة حقه بالعودة إلى وطنه الذي طرد منه عام 1948 عملا بقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التحرر من نير الاحتلال والاستعمار الصهيوني ".
هذا الموقف الاستراتيجي الفلسطيني الشجاع للقيادة الفلسطينية المدعوم من كافة قوى الشعب الفلسطيني برفض الصفقة المنحازة التصفوية وما تبعه من حراك فلسطيني دؤوب على مختلف المستويات الثنائية والإقليمية والدولية أثمر عن عزل الموقف العدواني الصهيوامريكي على صعيد مؤسسات الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن والجمعية العامة.
هذا الموقف الدولي يتطلب من القيادة الفلسطينية " اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، المجلس المركزي ، الحكومة الفلسطينية " تشكيل خلية عمل بهدف الانتقال بالموقف الدولي من مربع الموقف الرافض إلى موقع الرافض الضاغط على دولة الاحتلال ووليها الأمريكي للاذعان إلى صوت المجتمع الدولي ودعوته لإنهاء الإحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
إن الاستراتيجية الفلسطينية التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة والعشرين تتطلب وضع خطية وآلية عمل كل مع نظيرتها بدءا بالتواصل والتنسيق مع مؤسسة القمة العربية للدورة الحالية وللدورة السابقة بهدف تنفيذ قرارات القمة العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية ولتشكيل وفود مشتركة نواتها السعودية ومصر والأردن وفلسطين للحوار مع الدول النافذة والصديقة حول كيفية ترجمة الدعم لحق الشعب الفلسطيني ورفض صفقة القرن أو أي كان إسمها إلى سياسة فاعلة مؤثرة تدفع للإمام نحو تحقيق هدف تصفية الإستعمار وإنهاء الاحتلال.
ثانيا : مواجهة السياسة الصهيونية العدوانية :
في ظل موازين القوى الحالية التي تميل لصالح الكيان الصهيوني العنصري بفضل الدعم الامريكي اللامحدود سياسيا واقتصاديا وعسكريا تتطلب العمل على استثمار ما نملك فلسطينيا وعربيا من أدوات لمواجهة الصلف والعنجهية والتعنت الإسرائيلي ورفضه إنهاء الاحتلال تنفيذا لميثاق الامم المتحدة الذي يحظر احتلال أراضي الغير بالقوة.
ومن الأدوات وعوامل القوة السياسية والسلمية ما يلي :
---- التوافق بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها على برنامج نضالي وطني لإنهاء الإحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
---- تجميد العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والتجارية والسياحية مع الكيان الصهيوني العنصري من قبل الدول التي ترتبط مع " إسرائيل " بمعاهدات أو اتفاقيات التفافية تحت عنوان مكاتب تمثيل تجارية أو غيرها وصولا لقطعها في حال استمرار العنجهية الإسرائيلية برفض إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية خاصة والعربية عامة.
---- قطع كافة اشكال الاتصالات السرية والعلنية المباشرة وغير المباشرة مع دولة الاحتلال التي اضحت عنوانا ورمزا للارهاب من قبل جميع الدول العربية والإسلامية والصديقة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية تعبيرا عن رفض استمرار الاحتلال واستنكارا لعدم احترام ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الصادرة عن مؤسساتها.
---- العمل على استصدار قرارات دولية من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤسساتها بموجب المادة " متحدون من أجل السلام " ليكتسب القرار قوة البند السابع للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن واجبة التنفيذ ولتجنب استخدام حق الفيتو " الجائر " من جانب امريكا تدعوا دولة الاحتلال لتنفيذ كافة القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية منذ عام 1947 تحت طائلة العزل والمقاطعة الشاملة تمهيدا لطردها من عضوية الأمم المتحدة.
---- اللجوء للمحاكم الدولية والمحاكم في الدول التي يسمح نظامها القضائي برفع قضايا على قادة الكيان الصهيوني تصنف كجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم كراهية أو عنصرية من قبل المواطنين وذويهم الذين تعرضوا لهذه الجرائم والانتهاكات.
---- الطلب من الحكومة السويسرية الدعوة لعقد اجتماع للدول الأطراف في إتفاقيات جنيف لتطبيق أحكام هذه الاتفاقيات على الأرض الفلسطينية كاراضي محتلة وفقا لها.
---- تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي والعلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة ترامب لانحيازها ودعمها الأعمى واللامحدود للاحتلال الإسرائيلي ولانتهاكها ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر احتلال أراضي دولة آخرى بالقوة في خطوة لحثها على احترام حق تقرير المصير للشعوب وتصفية الاستعمار عملا بميثاق الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية.
ثالثا : العمل على بناء جبهة مساندة وداعمة لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية :
سياسة ترامب وقراراته الداعمة والمنحازة لمجرم الحرب نتنياهو المتمثلة في إدامة الاحتلال وسياسة فرض الأمر الواقع وعدم احترام بل عدم الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني والحق بإنهاء الاحتلال المحظور بالقانون والشرعة الدولية أسفرت عن عزلة واسعة دولية للسياسة الترامبية تمثلت بالقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة في 19 و 20 و21 من شهر كانون الأول لعام 2017.
هذا الوضع يتطلب العمل على تأسيس خلية عمل نواتها الاردن والسعودية ومصر والمغرب وفلسطين تهدف إلى بناء جبهة دولية مساندة تعمل على دعم نضال الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعودة اللاجئين تنفيذ لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 وقرار 194 مذكرا أن تنفيذ هذين القرارين كان شرطا لقبول " إسرائيل " عضوا بالأمم المتحدة.
كما تهدف إلى ترجمة المواقف السياسية المؤيدة للحقوق الفلسطينية من واقع نظري إلى واقع عملي مشفوعة بخطوات عملية لعزل " إسرائيل " وأمريكا وأي دولة لا تحترم قرارات وميثاق الأمم المتحدة وفرض العقوبات عليها.
---- حشد رأي عام دولي عبر سلسلة من الاتصالات تتولاها المملكة العربية السعودية كرئيس للقمة تتولى الإعداد لمشروع قرار يعرض أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورته العادية القادمة يتضمن المبادئ التالية :
* تجديد الاعتراف بالدولة العربية الفلسطينية تنفيذا لقرار التقسيم رقم 181.
* دعوة المجتمع الدولي على اتخاذ كافة الإجراءات لضمان تطبيق الشق الثاني من قرار التقسيم أي إقامة الدولة الفلسطينية بعد أن قام المجتمع الدولي بقيادة بريطانيا وفرنسا بفرض اقامة الكيان الصهيوني " إسرائيل " وتجاهل تمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته العربية .
* توجيه إنذار " لإسرائيل " بتنفيذ إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة إثر عدوان حزيران 1967 كمرحلة أولى لتنفيذ قرار 181 تحت طائلة الطرد لانتفاء شرعية قرار قبولها عضوا بالأمم المتحدة.
رابعا : ترتيب البيت الفلسطيني :
بلا أدنى شك ستبقى منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والمظلة الشرعية لجميع مكونات الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها وستبؤ بالفشل كل المؤامرات الإقليمية والدولية التي تحاول وتسعى للنيل من شرعية تمثيلها الذي تجسد بالاعتراف العربي والإسلامي والدولي.
إن شرعية التمثيل يضع على كاهلها مسؤولية العمل على ضم جميع القوى الفلسطينية خارج إطار المنظمة تحت لواءها ما أمكن ذلك وهذا يندرج تحت عنوان ترتيب البيت الفلسطيني .
يلتئم المجلس المركزي الفلسطيني والقضية الفلسطينية تواجه أعتى واخطر المؤامرات مما يتطلب متابعة ترتيب البيت الفلسطيني لتعزيز قدرة وإمكانيات القيادة الفلسطينية الشرعية لمواجهة هذه المؤامرات بالتنسيق مع الدول المؤمنة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتصفية الاستعمار وممارسة حق تقرير المصير للشعوب.
المجلس المركزي الفلسطيني معني بدرجة عالية إيلاء عدد من الملفات والتحديات اهتماما كبيرا لما لها من تداعيات قريبة ومتوسطة المدى ومنها :
أولا : إنهاء الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الفلسطنية وقطاع غزة خلال فترة زمنية قصيرة فالانقسام وادامته لم يخدم ولن يخدم سوى الكيان الصهيوني العنصري الإرهابي.
ثانيا : نجم عن الإنقسام تجميد عمل المجلس التشريعي الفلسطيني الذي استمد شرعية تمديد ولايته بقرار من المجلس المركزي.
ثالثا : كما أسفر الانقسام عن تعطيل وتوقيف العملية الديمقراطية أي الاحتكام لصندوق الانتخابات عبر إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الدورية في مواعيدها وفقا للقانون الأساسي الفلسطيني.
رابعا : إن العضوية التلقائية لأعضاء المجلس التشريعي في المجلس الوطني الفلسطيني تعني أن مرجعية المجلس التشريعي هي المجلس الوطني الفلسطيني مما يمنحه حق إصدار القرارات والإجراءات التي تساهم في ترسيخ وحدة وقوة القرار الوطني الفلسطيني خاصة أن قرار إنشاء السلطة الفلسطينية وتكليف الشهيد ابو عمار برئاستها صادر عن المجلس المركزي الفلسطيني.
خامسا : المجلس المركزي في اجتماعه القادم مطالب باتخاذ عدد من القرارات منها :
* تعديل قانون الانتخاب بحيث يقر بأن أراضي السلطة الفلسطينية " الضفة الفلسطينية وقطاع غزة " أي الوطن دائرة انتخابية واحدة.
* أن يعتمد الانتخاب على أساس القائمة واعتماد النسبية لاحتساب نتائج الانتخابات.
* منح رئيس منظمة التحرير الفلسطينية او رئيس السلطة الفلسطينية بتفويض من رئيس اللجنة التنفيذية بحل المجلس التشريعي في حالات محددة ومعلومة.
* إعداد قانون أساسي جديد يعرض على اسفتاء شعبي بعد إدخال التعديلات اللازمة وسد الثغرات في القانون الأساسي الحالي.
* تعديل المادة بالقانون الأساسي الفلسطيني التي تعالج أمر من يتولى موقع رئيس السلطة لمرحلة انتقالية في حال شغور موقع الرئاسة بحيث تؤول المسؤولية لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني الذي يشكل أعلى سلطة تشريعية في منظمة التحرير الفلسطينية وفي حال إجراء هذا التعديل لا يشكل انقلابا على الديمقراطية بل ترسيخ لها فرئيس المجلس التشريعي عضو في المجلس الوطني كما تم ذكره سابقا.
إنني على ثقة بقدرة المجلس المركزي الاضطلاع بمسؤولياته واتخاذ القرارات اللازمة بتعزيز نضال الشعب الفلسطيني وترسيخ العملية الديمقراطية في أراضي السلطة الفلسطينية وان تبادر إلى الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية وفق التعديلات المقترحة بمن يشارك فلم يعد مقبولا الاستمرار في تعليق العملية الانتخابية جراء الانقسام الذي عانى من تداعياته الشعب الفلسطيني على مدار السنوات الأخيرة.
إنني على ثقة بحرص جميع القوى الفلسطينية على إنجاح العملية الانتخابية التي لم تفرضها أي من القوى الفلسطينية وبعد ان تم التوافق على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 من الغالبية العظمى للقوى الفلسطينية.