الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

أهمية التنسيق والتكامل بين وزارة الثقافة واتحاد الكتاب والأدباء

نشر بتاريخ: 12/08/2018 ( آخر تحديث: 12/08/2018 الساعة: 11:49 )

الكاتب: د. حسن عبد الله

الحواجز الثقافية والفواصل والأسوار المانعة التي افتعلت في مرحلة سابقة بين وزارة الثقافة واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين لا معنى لها، وكان من الطبيعي أن تُزال وتمسح خدمة للثقافة والإبداع في بلادنا وتطويراً للمشهد الثقافي ودعماً واستنهاضاً للهمم والأقلام، لأن هناك تداخلاً بين المؤسستين لا يمكن تجاهله أو غض النظر عنه، خصوصاً وإذا كان على رأس وزارة الثقافة مثقف ومبدع كما هو حاصل الآن، فالأصل أن يكون الشاعر الوزير عضواً في اتحاد الكتاب والأدباء قبل أن يكون وزيراً، ومن البدهي أن تستمر وتتواصل عضويته رغم منصبه الوزاري، كما أنه واستناداً إلى التجربة الفلسطينية فإن معظم المدراء والمدراء العامين في وزارة الثقافة هم من الكتاب والمبدعين وبالتالي يحتفظون بعضويتهم في الاتحاد.
لا أقول إنهما مؤسسة واحدة، ولا أقول إن مهماتهما هي نسخة كربونية عن بعضها بعضاً، فوزارة الثقافة هي مؤسسة رسمية تعنى بتنظيم وتفعيل الوضع الثقافي في البلاد بما يتلاءم والتوجهات الوطنية العامة من المنظور الرسمي، بيد أن مهام الوزارة حتى في ظل هذا التحديد، لا يمكن أن تكون متطابقة ومتناغمة تماماً مع السياسي تسير في ذيله، لأن المثقف والمبدع وهو يمارس مهمته الرسمية لا يستطيع أن يحيّد نفسه عن التحليق أبعد من الوظيفة رؤية وخيالا وحلماً.
أما اتحاد الكتاب فهو إطار نقابي، يفترض أن يؤطر الكتاب والمبدعين وأن ينظمهم عملاً وحراكاً وعلاقات ويدافع عن مصالحهم ويتبنى توجهاتهم، ويعمل على سن القوانين والتشريعات التي تخدم الكاتب والمبدع وتؤمن له مناخاً للعمل والإنتاج، وتوفر له بعض الاشتراطات الحياتية اللازمة مثل التأمين الصحي والسكن، عن طريق تأسيس جمعية إسكان خاصة، تأخذ على عاتقها إنشاء شقق سكنية للكتاب، وهناك نقابات مهنية نجحت في توفير هذين المطلبين، حيث ينبغي التعلم من التجارب الإيجابية للآخرين.
لقد تم انتخاب أمانة عامة لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينين بين الضفة والقطاع، وبشكل موحد ومتزامن، وهذه خطوة مهمة يجب البناء عليها، لكن ما ينتظره الكتاب والأدباء.
من الأمانة العامة هو "كثير كثير" على الصعيد العملي وليس الشكلي، فالمسألة تحتاج إلى حفر في العمق، وأن تلامس الإنجازات المنتظرة الجوهر، ولا تقتصر على بعض التحركات ذات الطابع الاستعراضي، فلا يحرك المشهد التعامل على أساس أن الإنجاز الأكبر قد تحقق بنجاح الانتخابات فقط، في حين أن مقياس الإنجاز هو ما بعد ذلك، فالانتخابات هي إجراء ديموقراطي يفتح الباب لاختيار جماعة معينة لتضطلع بمهام منبثقة من طبيعة دور المؤسسة التي تمثلها الجماعة المنتخبة.
أكتب ذلك على خلفية استقبال وزير الثقافة د.إيهاب بسيسو لأعضاء الأمانة العامة في الضفة، بعد أن تعذر حضور الزملاء من القطاع بسبب المنع، وإعلان د.بسيسو دعمه للاتحاد بقدر ما تسمح الإمكانيات، على صعيد النشر والأنشطة والفعاليات والمؤتمرات المحلية والدولية ومعرض الكتاب، مؤكداً التكامل بين المؤسستين وحرص وزارة الثقافة على نجاح أعضاء الأمانة العامة في تنفيذ برنامجهم الثقافي والنقابي، وقد قدم د.بسيسو خلال اللقاء رؤية ثقافية استشرافية، من شأنها أن تؤسس لعمل مشترك قادر على الارتقاء بالمشهد الثقافي، انطلاقاً من الخصوصية الفلسطينية، وفي إطار التواصل مع عمقنا العربي والتفاعل ثقافياً مع البعد الأممي في الاجتماع المذكور تم الاتفاق على صياغة اتفاقية تعاون مشترك بين الجانبين، وكلفت لجنة بالقيام بهذه المهمة، وهذه مناسبة للتأكيد أن أي دعم تقدمه الوزارة للاتحاد يجب أن يتم اخضاعه لتقسيم عادل بين الضفة والقطاع، وأقصد على صعيد النشر والمشاركة في المؤتمرات، الامر الذي سيعزز وحدة الاتحاد الداخلية على طريق توحيد الفروع الخارجية وفق رؤية ثقافية واحدة.
وأرى أن علاقة الاتحاد بوزارة الثقافة من المفروض أن تتعدى حدود تلقي الدعم، إلى مشاركة فاعلة وممنهجة من قبل أعضاء الاتحاد في أنشطة وفعاليات الوزارة، إضافة إلى إقامة وتنظيم ندوات وفعاليات مشتركة، لكي نتنتظم الأمور في سياق تكاملي، وحتى نستفيد في الاتحاد من وجود وزير إيجابي جاهز دائماً للشراكات الثقافية ووكيل وزارة يتوقد حماسة ومدير عام هو عضو في الأمانة العامة للاتحاد إلى جانب مهامه الوظيفية في الوزارة، وبالاستفادة أيضاً من وجود نخبة ثقافية وإبداعية في الأمانة العامة مفتوحة على العمل دون عقد أو حسابات ذاتية أو نظرة تسلطية، بمعنى أن مناخ التنسيق والتعاون والشراكة متوافر ومتاح ومهيئ لضخ الدماء بقوة في شرايين المشهد الثقافي والإبداعي ليليق بنا ويليق ببلادنا.