الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الخروج من الإنقسام

نشر بتاريخ: 19/08/2018 ( آخر تحديث: 19/08/2018 الساعة: 18:17 )

الكاتب: د.مصطفى البرغوثي

من نافل القول، شرح مخاطر إستمرار الإنقسام الداخلي في الساحة الفلسطينية، وبعد أن صار واضحا إتجاه ضربة الحركة الصهيونية، وحكومة إسرائيل، الموجهة نحو تصفية كل مكونات القضية الفلسطينية، وكل أهداف حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وبعد أن غدا واضحا أن المقصد الرئيسي لما يسمى بصفقة القرن هو مساعدة الحركة الصهيونية على تحقيق أهدافها.
لم يبق صديق للشعب الفلسطيني إلا وحاول إسداء النصح بضرورة إنهاء الإنقسام الداخلي ، ولم يبق عدو للشعب الفلسطيني إلا وحاول إستغلال الإنقسام لإلحاق الضرر بنا، ولم يبق منافق أو مدعي إلا وحاول التذرع بالإنقسام لتبرير تقاعسه عن دعم الشعب الفلسطيني، أو المشاركة في نضاله.
ولم تفوت إسرائيل فرصة الإنقسام ، بل عملت على خلق حالة تفرد بالضفة من جانب ، وبغزة وأهلها من جانب آخر.
تستطيع الأطراف المتنازعة أن تواصل الدوران في الحلقات المفرغة، حول التمكين، والتوظيف، وتقاسم فتات السلطة المحكومة بالأحتلال، ويمكن أن يستمر إغلاق الأبواب أمام بإنشاء قيادة وطنية موحدة للشعب الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، غير إنه بينما يستمر كل ذلك يتسع الاستيطان وتتسرب الأرض من إيدينا كما يتسرب الماء من بين الأصابع.
لم ولا توجد وصفات سحرية لحل المشاكل، ولكن هناك وصفة أثبتت الحياة صحتها لحل مشكلة الإنقسام الداخلي الفلسطيني، وهي القبول بمبدأين لا غنى عن أي منهما، الشراكة الحقيقة، والإلتزام بالديموقراطية الداخلية، من خلال الإحتكام للشعب .
وإذا ترجمنا هذين المبدأين إلى خطوات عملية فسيتشكل أمامنا برنامج واضح لإنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة يتمثل في:
1. تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة كل القوى الفاعلة والمستقلين الوطنيين ، تتولى فورا إدارة جميع مؤسسات السلطة في الضفة والقطاع، بما في ذلك إدارة الأمن الداخلي، والموارد، وتنفذ خطة طوارىء عاجلة لإنهاء كل ظاهرة الإنقسام ، ولصياغة موازنة سياسية وإقتصادية عنوانها تعزيز الصمود الوطني وبقاء الشعب الفلسطيني، ومواحهة مخاطر صفقة القرن، وقانون التهويد والتمييز العنصري الإسرائيلي، وبمشاركة كل القوى في حكومة وحدة وطنية لن تبقى ذريعة لأحد لتعطيل توليها كامل مسؤولياتها وصلاحياتها.
2. تحديد موعد لإجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني، لا يتجاوز فترة ستة أشهر إلى سنة ، على أن تعد الحكومة ولجنة الإنتخابات كل ما يلزم لضمان إجراء إنتخابات نزيهة بالكامل.
3. دخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير الفلسطينية وتمثيلها في مؤسساتها ، وإعادة تشكيل لجنتها التنفيذية ، بحيث تمثل فيها كافة القوى، لتصبح الإطار الوطني، الموحد والجامع، والقيادة الموحدة المخولة بإتخاذ كافة القرارات الكفاحية والسياسية، دون السماح لأي طرف بالتفرد في أي منهما.
وكضمانة لإحترام نتائج الإنتخابات الديموقراطية ،ولنجاح كل ما ذكر من خطوات ، وللحيلولة دون تفرد أي طرف حتى لو حصل على الإغلبية يجب الإتفاق على أن كل حكومة ستتشكل بعد الإنتخابات ستكون حكومة وحدة وطنية تمثل فيها كافة الأطراف حسب نتائج الإنتخابات ، وبذلك نضمن جمعا ناجحا بين نتائج الخيارات الديموقراطية حسب ما يقررها الشعب، وبين إنضواء الجميع في جبهة وطنية موحدة تكون قادرة على مواجهة التحديات الهائلة التي تواجه الشعب الفلسطيني.
لم تتعرض فلسطين منذ نكبة عام 1948 لمخاطر مثل التي تمثلها صفقة القرن وقانون التهويد العنصري، ولم تتوفر لها فرصة كالتي يمكن أن نصنعها بوحدتنا لإفشال مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية ، فهل نلتقط معا هذه الفرصة؟

وكل عام وأنتم وشعبنا بألف خير.