الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

القفز في المجهول مراجعة نقدية

نشر بتاريخ: 17/09/2018 ( آخر تحديث: 17/09/2018 الساعة: 12:38 )

الكاتب: عوني المشني

الهزيمة يتيمة بينما النصر تجد الف من يدعيه، اتفاق اوسلو لا يجد من يدافع عنه حتى ممن شارك في صناعته او شارك في قطف ثماره الشخصية ، وبدل من إشعال شمعه تراهم يعلون الصوت في لعن الظلام، اتفاق اوسلو اصبح كالخمر في الاسلام، موقعه ملعون والموافق عليه ملعون والمشارك في تداعياته ملعون والمستفيد من نتائجه ملعون، حتى لم يبق احد من شعبنا لم تطاله لعنة اوسلو.
معارضة اتفاق اوسلو منذ الاعلان عنه شرف لا أدعية، او ربما تطهرية لست ملوثا بها، موقفي معلن منذ توقيع الإتفاق، اتفاق اوسلو سياق يفتح الأفق نضاليا لمن يريد ان يستثمر بهذا الاتجاه، بمعنى هو مساحة مفتوحة لتعزيز المراكمة النضالية، ولكن في ذات الوقت هو ثغرة لمن يريد ان يقدم تنازلات، استغلال اوسلو يعتمد على كيفية التعاطي معه، هكذا كان موقفي.
لا اخجل من مراجعة هذا الموقف بعد ربع قرن من هذا الاتفاق، فالتجربة ونتائجها وتداعياتها تستدعي المراجعة، ولكن كيف ؟؟؟؟
لنبدأ من حديث للرئيس محمود عباس كنت شاهدا عليه، كان هذا لدى اجتماع أعضاء اللجنة الحركية العليا في رام الله مع الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات عام ١٩٩٨، وبحضور الرئيس الحالي ابو مازن، في ذلك الاجتماع تحدث الأخ ابو مازن كثيرا عن اتفاق اوسلو ولكن ما استوقفني وقتها وأصبح الان ضروريا العودة اليه هو قوله "اتفاق اوسلو قفزة في المجهول اما ان تؤدي الى دولة فلسطينية او الى جهنم، واذا ما احسنا الأداء السياسي سنحقق دولتنا المستقلة ، يجب ان نثبت للاسرائيليين والامريكيين والعالم اننا قادرين على الادارة وتحقيق امن حقيقي حتى نأخذ دولة " انتهى حديث ابو مازن هنا فيما يهمنا الان وواصل في تفاصيل ليست موضوعنا.
الأهمية في ذلك الحديث انه من ابو مازن، الذي كان مشاركا رئيسيا في صناعة الاتفاق، ومن ابو مازن الذي تسلم رئاسة السلطة والمنظمة وفتح وأصبح مسئولا عن حسن الأداء الذي سيؤدي الى دولة او سوء الأداء الذي سيؤدي الى جهنم !!!!
لنبدأ بقفزة في المجهول !!!!!
هل يعقل ان تأخذ قيادة شعبها في قفزة في المجهول خاصة عندما يتعلق الامر بمصير قضية ووطن وشعب ؟؟؟
هل تُمارس السياسة هكذا ام ان القضايا الاستراتيجية "توزن بميزان من ذهب" وتقيم بدقة متناهية وتؤخذ كل الاحتمالات والسيناريوهات قبل الأقدام عليها؟؟؟
فعندما يتعلق الامر بمستقبل شعب لا يسمح بالاحتمالات او بالمغامرة . اما ان نأخذ قفزة في المجهول فذلك لا يمارسه حتى هواة المغامرة في الأفلام السينمائية ، فكيف بقيادة تضع شعبها وقضيتها في مغامرة القفز في المجهول .
المسألة الثانية اما ان تؤدي الى دولة فلسطينية او الى جهنم . هذا تحليل نابع من عدم القدرة على توقع النتائج ، كطالب قدم امتحان ولا بثق باجابته ويقول ان ان أرسب او انجح !!!! لو كانت اوسلو مدروسة فلسطينيا بكل ابعادها لكان التوقع الى أين ستؤدي واضح ، اما ان يموت المريض او يشفى فتلك احتمالية طبيب ليس لديه فكرة عن المرض وقدم علاجا لا يثق بعلاقته بالمرض .
وهذه ليست هي المعضلة فللحق ان ابو مازن وضع المسار الذي ستؤول اليه الامور مشترطا بحسن الأداء وتحقيق الامن ، بمعنى ان الوصول للدولة الفلسطينية معروف طريقه وواضحة وليست خاضعة لاجتهاد .
ولان الحديث لأبو مازن فقد وصلت الامور له كصاحب هذا الرأي ، ومن هذا المنطق ما دام هو صاحب هذه القناعة وقد وصل لرأس هرم كل السلطات فانه بالضرورة سيختار الطريق التي تؤدي الى الدولة ولن يقترب من الطريق التي تؤدي الى جهنم . وللإنصاف فان الشعب الفلسطيني امتثل جيدا للطريق الذي اختارها الرئيس ابو مازن ، أقال من أقال وعين من عين وعمل انتخابات بناء على ارادته وقاعد من قاعد وحل مؤسسات وبنى اخرى ، كل الشعب الفلسطيني امتثل وبدون اي اعتراض للطريق الذي اختارها الرئيس ، فهذه طريق الدولة الفلسطينية ولم لا نمتثل ؟؟!!!!!
واذا كان الرئيس يحتاج لخمس سنوات لتحقيق برنامجه فقد اخد الفرصة مضاعفة واكثر ، بمعنى ان الوقت كان اكثر من كافي ، الامر كذلك وفِي ذات السياق الذي قدمه الرئيس ابو مازن فان عدم وصولنا الى الدولة الفلسطينية ووصولنا الى " جهنم " كان بفعل سوء أداءنا. سوء الأداء الذي اوصلنا الى جهنم ، هو مسئولية صاحب النظرية والمسئول عن التطبيق كونه ذات الشخص ، اليس كذلك ؟؟؟
اذا كان الامر كذلك فان الخطأ يكون في احد موضوعين : اما ان النظرية " اوسلو اما ان يؤدي الى دولة فلسطينية او الى جهنم " من الأصل خطأ او التطبيق الذي يفترض ان يؤدي الى دولة فلسطينية هو الخطأ
وربما ان الخطأ مضاعف : النظرية والتطبيق كلاهما خطأ !!!!
والتساؤل برسم الاجابة للرئيس ابو مازن ولا احد غيره .