الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

دبلوماسية أبو مازن وجنون ترامب من سيهزم من؟؟

نشر بتاريخ: 24/09/2018 ( آخر تحديث: 25/09/2018 الساعة: 17:19 )

الكاتب: خالد السباتين

بعد مرور ربع قرن على توقيع اتفاقية أوسلو وسراب السلام الذي تبعته القيادة الفلسطينية ووثوقهم بالادارة الأمريكية قطع ترامب حبال الثقة وأحرق كل الجسور وأغلق كل نوافذ الأمل أمام الفلسطينيين ودخل ترامب في سباق مع الزمن فسبقه وسبق كل من قبله من الروؤساء وسبق كل من سيأتي بعده وقفز فوق الحواجز وتجاوز كل الخطوط الحمراء في عالم السياسة... ترامب صاحب الصفقة الخجولة التي لم تظهر للعلن بعد او لربما بدأ بتطبيقها قبل اعلانها ودون قبول الأطراف المعنية بها ترامب الذي حارب الجميع من موسكو الى بكين وتهجم على العرب والفرس والأتراك ويريد ان يعاقب الجميع ويريد ان يستغل ازمات الجميع لكنه اصطدم بجدار فلسطين وشعبها وقيادتها ورئيسها العنيد فحال ذلك الى فشل كل ما كان يطبخ في غرف البيت الأبيض لإطعام أهل فلسطين.
الرئيس عباس رجل سياسي صاحب رؤية يقيس الأمور بعقلانية بعيداً عن ردات الفعل الانفعالية استطاع ان يبقي الشعب الفلسطيني بعيداً عن ثورات الربيع العربي ونيرانها التي ألقت بظلالها على الوطن العربي وأضعفت القضية الأولى والمركزية للعرب كما يفترض لكنه في كل مرة يعيده الى الواجهة من جديد ويضعها على سلم الأولويات كلما حاولوا طمسها او تصفيتها، وهو رجل متمسك بالشرعية الدولية والقرارات الأممية الناجمة عنها واستطاع بذلك ان يصمد أمام الصفقة الجارفة ويعطلها ويعزل أميركا ورئيسها ترامب وفريق عمله وحليفتهم اسرائيل ايضاً فلم يجدوا أحد قبل التعاطي بهذه الصفقة بعيدا عن الشرعية الفلسطينية والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
استطاع الرئيس عباس أن يحشد المواقف العالمية الرافضة لقرارات ترامب وأثبت للعالم أن صفقة القرن وخطة السلام ان لم تكن عادلة وتنصف الطرفين فلن يكون هناك سلام في المنطقة بل في العالم أجمع كما أنها ستهدد أمن واستقرار المنطقة، فالمجتمع الدولي رفض الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ورفض نقل سفارته اليها باستثناء بعض الدول التي تم إغرائها مالياً لكنها وجدت نفسها وحيدة في مواقفها فتراجعت لاحقاً عن قرارتها.
يتوجه الرئيس بعد أيام قليلة للأمم المتحدة لإلقاء كلمة مهمة له في الجمعية العامة لوضع الأمور في نصابها الصحيح فالرئيس عباس يحارب أميركا وإسرائيل بالشرعية الدولية والقانون الدولي على عكس الرئيس ترامب وفريقه الذين يتهجمون على القانون الدولي ويهددون كل من تسوّل له نفسه بأن يتخذ أي قرار ضد مصلحة إسرائيل لكن على العالم أجمع أن يتحمل مسؤولياته ويتخذ خطوات فعلية لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وأن يقف ضد غطرسة أميركا ومافيا البيت الأبيض التي ستقود الى دمار العالم العمل على عقد مؤتمر دولي للسلام لأن التراخي في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ليس من مصلحة أحد.
وتسعى مؤخراً الإدارة الأمريكية اللى إعادة قنوات الاتصال مع القيادة الفلسطينية والرئيس عباس بطريقة أو بأخرى فقد تم توجيه دعوة للرئيس عباس لمقابلة نظيره الأمريكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة لكن الرئيس عباس وضع شروطه لقبول اللقاء و من الأفضل أن يرفض اللقاء و يحافظ على الموقف الذي اتخذه ضد الادارة الأمريكية فالرئيس الذي يعاقب اللاجئين و يقطع عنهم المساعدات و يعاقب مرضى السرطان في مستشفيات القدس و يلغي حقوق أصحاب الأرض و يدعم الاستيطان و الاحتلال العنصري لن يقدم أي تصور جديد لحل هذا الصراع فهو لا يملك في جعبته أي شيء بل يريد أن يمنح اسرائيل كل شيء لكنني على ثقة أنه سيخسر كل شيء.
ومن هنا يأتي دور المجلس المركزي الذي سينعقد بعد خطاب الرئيس أن تكون قرارته حاسمة و قابلة للتطبيق الفوري و لا يقوم باتخاذ قرارات يستحيل عليه تطبيقها حتى لا يفقد مزيدا من مصداقيته أمام الشعب فلم يعد هناك متسع من الوقت لجس نبض اسرائيل و المجتمع الدولي فالطريق أصبحت وعرة جدّاً و لا مجال للبقاء في المنتصف بين التنسيق الأمني و بين أوسلو المتهالكة و بين الإحتلال الذي يدوس بهمجيته كل المحرمات و نقض كل الاتفاقيات الموقعة فإذا كانوا يريدون السلام فليلتقطوا الفرصة الأخيرة من الرئيس عباس فلا أعتقد ستكون هنالك أصوات تطالب به من بعده ...