الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قانون الضمان الاجتماعي.. غرس للزيتون وولادة من الخاصرة

نشر بتاريخ: 03/10/2018 ( آخر تحديث: 03/10/2018 الساعة: 12:20 )

الكاتب: طارق ابو الفيلات

خلال شهرين من اليوم وبالتحديد يوم 20/11/2018 سيدخل قانون الضمان الاجتماعي حيز التطبيق الالزامي الاجباري على كل المنشآت والمؤسسات التي لا يشملها قانون تقاعد آخر، ومن هذا التاريخ ستدخل العلاقة بين العمال وارباب العمل في منعطف حاد جدا وتغيير جوهري جذري يلغي كل ما تعودناه واعتدنا عليه من مكافة نهاية الخدمة ويصبح هناك ما يسمى الضمان الاجتماعي.
الامان بالله دائما بيده الخير وبيده المستقبل، لكننا كبشر نجتهد دائما لنصل الى شعور بالامان ونادرا ما نصل اليه لاننا نطلبه ممن لا يقدر عليه وننسى دائما ان الارزاق بيد الله، لكن ما نقوم به هو محاولة لترتيب العلاقات بين الناس خاصة فيما يتعلق بالحقوق المادية التي اعتدنا ان القانون يبت فيها ويعطي كل ذي حق حقه.
وقبل ان اطرح وجهة نظري في موضوع قانون الضمان اقول انني شخصيا مع تطبيق تدرجي مدروس لهذا القانون المدروس جيدا المنقح المراجع من قبل كل الاطراف المعنية به ومن خبرتي اقول ان معظم الاطراف لديها تحفظات على معظم تفاصيل القانون وهذا طبيعي.
الغريب ان موعد التطبيق الالزامي قد ازف ومن متابعتي لواقع المصانع والورش والمعامل وحتى الشركات الكبرى اكاد اجزم ان الغالبية العظمى لا تعرف شيئا عن القانون لا ما سيترتب على تطبيقه وان احدا لم يتأكد من ان منشآتنا الصناعية التجارية الصغيرة لديها بنية تحتية تمكنها من تطبيق القانون.
العمال كل ما يعرفونه ان هناك خصم من رواتبهم سيودع لهم في صندوق اسود ووعد انه سيعود لهم على شكل راتب تقاعدي ومصطلحات تستعصى على فهم معظمهم.
كذلك ارباب العمل سيجدون انفسهم مضطرين الى دفع مكافأة نهاية الخدمة لكل عمالهم عن الفترات السابقة وسيقومون بشكل شهري دوري بدفع نسبة مساهمة لصالح العامل في الصندوق الخاص بهيئة الضمان.
تفاصيل كثيرة مفاجئة تحتاج الى شرح واقناع واستعداد مادي ومعنوي وبنية تحتية وصبر.
من وجهة نظري من يؤيد فكرة الضمان الاجتماعي هو من النوع الذي يحب غرس الزيتون ويقنع بعد طول انتظار بالزيت والزيتون.. يغرس ويرعى وينتظر ويتحمل وبعد سنوات وسنوات يقطف ويعصر.
هذا الاسلوب ليس المفضل عند البعض وكثيرون يريدون حصادا اسرع وفواكه وليس زيتون.
المهم هنا اريد ان اسجل اعتراضي على عدم جدية حملات التوعية والارشاد بهذا القانون الامر الذي جعل الكثير من العمال ينساقون وراء مقوله ان هذا القانون انما هو التفاف على حقوق العمال وجعل الكثيرين من اصحاب الاعمال يقولون انما هو انهاك مادي شهري لصاحب العمل وجعل بعض الذين يحبون الفوضى يشيعون ان الهدف هو جمع الاموال في صناديق تديرها الحكومة وتقترض منها عند اول ازمة. اختلط الحابل بالنابل.
اعود لاكرر ان هناك فرق بين ان تهيىء الناس معنويا وثقافيا ووطنيا لولادة هذا القانون لتكون ولادته طبيعية يسيرة ويستقبله الجميع بالايجابية التي يوحي بها اسمه او ان تتم الولادة من الخاصرة بكل الالم والخوف والمخاطر المحدقة.
اكثر ما ازعجني في هذا الموضوع هو التهديد المبطن الذي يقول ان لموظفي هيئة الضمان صلاحيات الضابطة الجمركية اي ان كل مؤسسة وشركة ومصنع عرضة ان يجد موظفين مسلحين بكامل الصلاحيات يطالبونك بكشوفات الضمان ويفرضون غرامات ويقع الصدام علما اننا لا نعرف لهذه الهيئة مكاتب في المدن الفلسطينية حتى الان ولا طواقم يمكن التواصل معهم لكننا نعرف ان لهم صلاحيات الضابطةالجمركية وكانهم رجال شرطة.