الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

نقابة المحامين النظاميين الفلسطينيين.. هناك حلول وأعتذر عن عدم التسحيج

نشر بتاريخ: 11/11/2018 ( آخر تحديث: 11/11/2018 الساعة: 13:10 )

الكاتب: المحامية د.سناء طوطح

"الكثيرون من حملة ليسانس الحقوق يبحثون عن فرص عمل في تخصصاتهم ذلك لأنها المهنة التي تقوم على المبادئ والأمانة والحرص على تطبيق القانون؛ لذا فمن الصعب التخلي عن حلم العمل بها".
" إنه لفخر للمرء أن يكون محامياً ليبقى مستقلاً لا ينتظر من السلطة شيئاً، وأن يتكلم بصوت عالٍ دون أن يقصر في قول كلمة الحق، وألا ينتظر شيئاً إلا من ذاته.." (جاز ايزورني).
انطلاقاً من ترسيخ مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون، والتأكيد على حرية الرأي والتعبير والتي نصت عليها المادة (19) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، فكان لا بد أن نسعى لوضع حلول فيما يتعلق بانتساب خريجي كليات الحقوق لنقابتنا الموقرة وتقدّمهم لامتحانات قبول لينتقل بها الطالب الجامعي لقائمة المحامين المتدربين -في نقابة المحامين النظاميين الفلسطينيين- وفيما بعد امتحانات مزاولة حتى يتسنى للمحامي المتدرب الانتقال الى قائمة المحامين المزاولين، وبداية لا ننكر جهود نقابة المحامين الفلسطينيين وإنجازاتها، كما نتقدم بجزيل الشكر والتقدير للنقابة بما تقوم به من صون للحقوق والحريات العامة لكافة أبناء شعبنا، وموقفها النبيل أمام قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني وغيره من الأمور التي تخص حقوق الفرد في المجتمع. كل هذا محط اهتمام وشكر وتقدير.
ولكن استغرب من نقابة المحامين والتي يشرّفني بأنني عضو هيئة عامة بها بأنها تحارب من أجل صون الحقوق والحريات العامة للشعب ولكنها لم تسعَ لوضع حلول لمشكلة المحامين المتدربين وخاصة فيما يتعلق بالامتحانات التي يتقدّم لها جميع المتدربين، واكتفى البعض في توجيه اللوم على وزارة التعليم العالي وكليات الحقوق التي تنتشر في الوطن والتي كفل لها القانون الأساسي المعدل استقلاليتها وذلك في نص المادة (24/3)، كما اعتبروا رسوب ما يقارب 600 متدرب من أصل 800 تقريبا هو نجاح للنقابة فيما يتعلق باهتمامها بالنوع لا الكم ومن هذا السياق أورد ما يلي:
أولاً: -الحق في التعليم وفي حرية التعليم والتدريب حق مصان ومنصوص عليه في القانون الأساسي الفلسطيني -المادة (24) -وفي الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري-المادة (5/ه/5)، وبالتالي لا نستطيع بالمطلق حرمان أي فرد في المجتمع من الانتساب لكليات الحقوق أو كليات أخرى، ولا نستطيع أن نهدم أحلام كانت في السابق أحلام لنا بأن نصبح محامين لدولة حبيبة كفلسطين.
سيقول البعض هناك كثرة في المحامين والمحاميات في سوق العمل الفلسطيني وبالتالي لا حاجة لتدفق المزيد وحينها الرد سيكون كالتالي:
بالطبع الارزاق بيد الله سبحانه وتعالى ولكن هناك الكثير من الزملاء في نقابة المحامين هم وكلاء لعدة شركات ومؤسسات وأشخاص وبالتالي يتقاضون الاف والاف، بالإضافة إلى ممارسة عدد من المحامين أعمال التجارة وهذا يتنافى مع نص المادة (7/4) من قانون رقم (3) لنقابة المحامين النظاميين الفلسطينيين، وبالتالي الحل الأول هو قيام نقابة المحامين الفلسطينيين جدولة أعمال كثير من المحامين للحد من الفساد الذي يمارسه البعض باحتكارهم لعدة وكالات وتقاضيهم مبالغ كبيرة وبالتالي نكون بذلك قد فتحنا باب المجال لمحامي اخر لا يعمل بأنه يكون له فرصة.
ثانياً:-معيار معدل الثانوية العامة والذي أصبح حجة من لا حجة له، فمعظم من تخرج من كليات الحقوق بمعدل مقبول وبمعدل مقبول في الثانوية العامة هو من أفضل المحامين في الوطن وأصبح من قيادات النقابة أيضاً وبالتالي ليس معيار صحيح إطلاقا، ولكن أنا مع توجه النقابة فيما يتعلق بالقبول بشكل عام وليس بشكل خاص -معدل الثانوية- فعلى سبيل المثال يجب على كليات الحقوق أن تعقد مقابلات مع كل طالب ينتسب للجامعة ويسجل في كلية الحقوق، فقد يكون معدله في الثانوية العامة 65 ولكن شخصيته تنّم عن شخصية محامي وفي المقابل قد يكون معدله في الثانوية العامة 90 وفي المقابلة كان ضعيف جداً. وهذا هو الحل الثاني فيما يتعلق بكليات الحقوق في الوطن.
ثالثاً: -التدفق الكبير من طلبة كليات الحقوق في فلسطين والتوجه إلى نقابة المحامين النظامين الفلسطينيين بيت الطلبة الأول في عالم المحاماة، ندرك تماماً الكم الهائل من المحامين ولكن الحل ليس على الاطلاق وضع عراقيل أمام محامين متدربين أو طلبة منتسبين للنقابة وأورد هنا عدة حلول لكي تحتوي نقابة المحامين وتستوعب أبناؤها من خريجوا كليات الحقوق:
أ‌. توجيه الطلبة وتوعيتهم حول أن شهادة كلية الحقوق لا تعتبر مفتاح فقط للانضمام لنقابة المحامين النظاميين الفلسطينيين.
ب‌. التنسيق مع ديوان الموظفين العام وتخصيص وظائف معينة في مختلف مؤسسات الدولة لاستقطاب حاملي شهادات كليات الحقوق وذلك في إطار الوظيفة العامة ضمن الدائرة القانونية بمسمى باحث قانوني..... الخ.
ت‌. التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني لاستقطاب الطلبة، والعمل كحقوقيين مدافعين عن حقوق الانسان.
ث‌. التنسيق مع مراكز البنوك الرئيسية لتدريب عدد من المحامين في مختلف فروع جميع البنوك حيث لا تحتوي الفروع على أي دوائر قانونية انطلاقاً أيضاً من المسؤولية الاجتماعية.
ج‌. التنسيق مع الزملاء والزميلات من المحامين والمحاميات بالعمل مشتركين مع المحامين المزاولين الجدد في مكاتب موحدة للحد من كثرة مكاتب المحاماة في مختلف المحافظات وذلك للحد من فتح المحامين المزاولين الذين لم تتجاوز مزاولتهم سنة أو سنتين مكاتب مستقلة.
ح‌. السلطة التقديرية التي تمنح بها نقابة المحامين نفسها فيما يتعلق بعدم الطعن بنتائج الامتحانات ومع استغرابي الشديد ولكن مع هذه القوة أرى أن النقابة تستطيع أيضاً أن تجدول أعمال المحامين المزاولين الجدد بطريقة ممنهجة.
رابعاً:- رسوب ما يقارب 600 من أصل 800 متدرب ووضع كليات الحقوق شماعة لهذا الفشل، ما هو الا حجة للتهرب من مسؤوليات المحامين المزاولين، فالمحامي المتدرب قد تتدرب سنتين كاملتين تدريب عملي وفقاً لإجراءات وشروط وضعتها نقابة المحامين ومع ذلك كانت نسبة الرسوب كبيرة لا تتفق مع المنطق ولا شأن لكليات الحقوق بها فكثير منا ما ندرسه اليوم ننساه الغد، ولكن دائما ما يبقى التدريب العملي هو المعيار الأساسي للنجاح وللرسوب، وفي النهاية مصلحتنا واحدة وهدفنا واحد ألا وهو الطلبة والمتدربين الذين سيصبحون يوما بعد سنة او سنتين أو عشرة زملاء لنا.
نقابة المحامين النظاميين الفلسطينيين هي بيتنا الأول وستبقى كذلك ولذلك الأولى للنقابة حماية هؤلاء الطلبة والمتدربين ونصحهم وإرشادهم إلى الطريق الصحيح وليس وضعهم في حالة من التخبط والضياع وبالنهاية خروجهم عن المعتاد من أخلاق المحامين.
لا أستطيع في النهاية حرمان أي شخص من حقه في اختيار تخصصه ولا في اختيار عمله لكي أضمن وأحمي عمل اخرون من زملاء المهنة والذين هم نفسهم لم يتقدموا للامتحانات قديما وها هم كبار المحامين ومنهم أعضاء نقابة.
لدي من المواقف السابقة التي تثبت انتمائي واحترامي وتقديري وولائي لنقابة المحامين، ولكن أعتذر جداً عن التسحيج في هذه المسألة، ولا أحبّذ إطلاقاً وضع حلول ضد مصلحة الضعيف أمام مصلحة القوي، فنسبة 27% نجاح ليست نسبة سليمة وفقاً للمعايير العلمية وتبعاً لكثير من الدراسات، والأصل أن تكون النسب متوسطة وغير ذلك نكون أمام مشكلة حقيقية لا بد من حلها.
وللحديث بقية،،،،،،،،،،،،،،،،،،،.