الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

غياب التشريعي.. ثغرة في جدار الحراك الدبلوماسي

نشر بتاريخ: 28/11/2018 ( آخر تحديث: 28/11/2018 الساعة: 12:08 )

الكاتب: فادي قدري أبو بكر

لا تخفى الإنجازات التي حققتها القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس "أبو مازن" على صعيد التحرك الدبلوماسي الفلسطيني، والتي كان أبرزها استجلاب اعتراف 139 دولة في العالم بدولة فلسطين. إلا أن بعض الساحات الدولية تشهد مؤخراً انقلاباً في المواقف إزاء الفلسطينيين وقضيتهم، فإعلان الرئيس البرازيلي اليميني الجديد غاير بولسونارو عن نيته نقل السفارة البرازيلية إلى القدس، إضافة إلى صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في بعض الدول مثل غواتيمالا والبراغوي وهندراوس وغيرها، لتصبح لها علاقات مقربة من إسرائيل، ما يجعلنا نتساءل أين الخلل؟ وماهية الإشكالات التي تعتريها الماكينة الدبلوماسية الفلسطينية؟.
إن قياس قوة العلاقات بين أي دولتين يكون عبر قراءة مدى التعاون البرلماني بينهما، فهو مؤشر أقوى من علاقة الأنظمة الحاكمة برأيي، لأن البرلمانات تعبر بشكل أعمق عن المنظومة الكاملة للمجتمع بتمثلاته الرسمية وغير الرسمية، فهي ببساطة تمثل لسان حال المجتمعات.
الماكينة الدبلوماسية الفلسطينية التي تشغّلها عملياً مؤسسة الرئاسة الفلسطينية ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين، تعاملت بشكل أساسي في صياغة علاقاتها وتوطيدها مع الأنظمة الحاكمة في أرجاء العالم، ولم يكن التعاون البرلماني بالمستوى الذي كان عليه مع الأنظمة الحاكمة. ومن الطبيعي عندما يتغير الحزب الحاكم من اليسار إلى اليمين أن تنحرف شكل علاقات هذه الدول، تماماً كما يجري الآن في البرازيل وغيرها.
لا يعني ذلك أن التواصل مع برلمانات العالم معدوم، ولكن هذا الدور لا يمكن أن تغطيه الرئاسة والخارجية وحدهما. إضافة إلى أن غياب المجلس التشريعي إثر إنقسام 2007، أدى إلى إضعاف الماكينة الدبلوماسية في هذه الجزئية، فعلى الرغم من الإنجازات التي تحققت إلا أن تصاعد الشعبوية وتغير شكل ولون الأنظمة الحاكمة في بعض الدول وتقلب موازين العلاقات لصالح العدو الإسرائيلي، يبرهن صحة النظرية التي تقول أن التعاون البرلماني أهم من تعاون الأنظمة الحاكمة، بواقع أن البرلمانات يتمثّل فيها عدة ألوان وأطياف وأيديولوجيات بخلاف النظام الحاكم الذي يقوده حزب معين بذاته. وبالتالي لا يمكن التعويل على استمرار هذا اللون أو الحزب، أي بمعنى آخر لا يمكن التعويل على استمرار العلاقة بنفس الوتيرة التي بُنيت عليها مع هذا النظام أو ذاك.
تتحمل منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية تغطية غياب التشريعي، فالمجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي الفلسطيني لا بد أن يقوما بتأدية الدور المنقوص فلسطينياً فيما يخص التعاون البرلماني مع برلمانات العالم.
لا نقصد هنا أن يكون دور منظمة التحرير الفلسطينية في هذا المضمار هو مرحلي ومؤقت إلى حين استعادة المجلس التشريعي، وإنما يجب أن يكون دورها حاضر ودائم في كل الفترات والمراحل، لحقيقة أن مهام المنظمة ودوائرها التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني في ظل وجود السلطة الفلسطينية تتركز على تنظيم العلاقة بالأحزاب والمنظمات والبرلمانات السياسية العربية؛ وتنظيم العلاقة مع الأطر والمنظمات العالمية، الجماهيرية، غير الحكومية وفي مقدمتها منظمات السلم والتضامن وجمعيات الصداقة مع الشعوب.
إن دور منظمة التحرير الفلسطينية في الوقت الراهن يجب أن يكون رئيسي فيما يخص التعاون البرلماني ومن ثمّ مكمّل لدور المجلس التشريعي الفلسطيني في حالة استعادة الوحدة الوطنية؛ التي علينا أن نؤمن أن فلسطين بدونها لا طعم لها ولن تتحقق حريتها، وستبقى ضعيفة ليست فقط على المستوى الدولي وإنما على كافة الأصعدة والمستويات.
كما في كل تحرك نضالي مرّ في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، لا بد من البحث عن أهداف التحرك والنتائج أو الأثمان المترتبة على هذا التحرك سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها، وإلا سيكون هذا الجهد الكفاحي ضرباً من العبث أو حتى له انعكاسات سلبية. بمعنى أن الفعل سيصبح تصريفاً للفعل، وكما يقال بالعامية ( حركة بلا بركة )!.