الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حكاية تمويه المجموعة الإسرائيليّة في غزّة قد تضر منظمات الإغاثة

نشر بتاريخ: 01/12/2018 ( آخر تحديث: 03/12/2018 الساعة: 09:12 )

الكاتبة: عميره هس
إذا اتضح أن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي قد انتحلوا شخصيات عمال إغاثة، فهذا ما ينعش شكوك حماس بالنسبة للمنظمات العالميّة. يتردّد في قطاع غزّة الحديث عن استجوابات دقيقة في نقاط الفحص التابعة للمنظمات
هآرتس، 25.11.2018 ترجمة: أمين خيرالدين

إذا كان افراد المجموعة العسكريّة الإسرائيليّة، المجموعة التي كشفتها حركة حماس في قطاع غزة قبل أسبوعين، إذا كانوا حقّا قد انتحلوا شخصيّات تعمل في منظمة إغاثة إنسانيّة – كما نُشِر في شركة ألأخبار وفي موقع واللا – الأمر الذي يؤكّد ويبرر بعد وقوع ما حدث أن الشكوك التي أبدتها حركة حماس بالنسبة لمنظمات عالميّة ولأعضائها، وأن ادّعاءاتها بأنهم يساعدون جهاز المخابرات (الشاباك) وجيش الدفاع الإسرائيلي سواء كان عن معرفة أو بدون معرفة . بالضبط هذا ما يخشى منه موظفو منظمات عالميّة ومنظمات غير حكوميّة فلسطينية، وهم الذين يستعينون بمواطنين من خارج البلاد.
قال موظف كبير في إحدى المنظمات لجريدة "هآرتس" إذا كانت إسرائيل قد أساءت استعمال وكالة غوث إنسانيّة عالميّة أو فلسطينيّة، مما قد يعرقل أعمالا حيويّة تقوم بها هذه المنظمات سواء كانت كبيرة أو صغيرة وتصعّب كثيرا من مهامها، لأن حركة حماس ستتخذ وسائل حذر تعرقل دخولهم وأعمالهم. "وعندئذ لا أحد سيهتمّ بشكاوى منظمة صغيرة عن استغلال سيء لأعمالها الإنسانيّة" وقال الموظف الكبير "على المنظمات الكبيرة أن ترفع صوتها".
كثيرون ممَن دخلوا القطاع في الأسبوع الأخير يبلغون عن استجوابات دقيقة أكثر من المُعْتاد في نقاط التفتيش التابعة لحركة حماس، وعن فحص دقيق عن هويّة المسافرين في المركبات، التفتيش الذي يُجريه رجال الحركة في الحواجز المُقامة في قطاع غزّة. ويمكن الإحساس بالشكوك نحو الغُرباء من عابري السبيل أيضا، هذا ما قاله مواطن دولة غربية لجريدة "هرتس"، الزائر للقطاع، وهذه ليست زيارته الأولى.
من الجدير ذكره ان وسائل الإعلام الفلسطينيّة لم تذكر أن المجموعة التي اكْتُشِفَت قد انتحلت شخصيات وكالة إنسانيّة -- أي أن حماس لم تدّع ذلك علنا. وحسب الصيغة التي تُرَوّج في القطاع، كان مع أفراد المجموعة الإسرائيليّة يحملون بطاقات هوية فلسطينيّة مُزيفة، على ما يبدو لمواطنين من القطاع، وقالوا أن بحوزتهم قسائم لتوزيع أطْعِمة. وعلى ما يبدو أنهم مكثوا في القطاع عِدّة أيّام قبل أن يُكْتَشفوا.
العمل في منظمة إغاثة حكاية تمويه معقولة وممكنَة. في إطار القيود المشدّدة على حركة التنقّل التي تفرضها إسرائيل، أجانب وفلسطينيون من غير سكان القطاع، يعملون بمنظمات إغاثة عالميّة (وإعلاميّون أجانب)، يعتبرون من القلائل الذين يحصلون على تصاريح بالدخول إلى قطاع غزّة. نُقِل عن مسؤول كبير في حماس، موسى أبو مرزوق، وهو يلمّح إلى أن دخول المجموعة العسكريّة تمّ عن طريق نقطة تفتيش تابعة للسلطة الفلسطيسنيّة (حاجز إيرز). مقولته هذه تُغذّي الشكوك القائمة ضدّ أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينيّة، وعن التعاون والعمل المشترك ومساعدة هذه الأجهزة لأجهزة الأمن الإسرائيلية. لكن معرفة الإجراءات الرسمية لدخول القطاع تثير الشكوك في إمكانيّة حصوله هذه المرّة.
عدا عن المسيرة الشاقة والبيروقراطيّة المتعلّقة بالحصول على تصريح إسرائيلي من وحدة منسّق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلّة، يتطلب دخول الأجانب إلى قطاع غزّة تنسيقا مُسْبَقا مع سلطات حركة حماس. أي أنه، من أجل الدخول رسميّا إلى القطاع عن طريق حاجز إيرز، يجب إعطاء بيانات مفصّلة كاملة، وتفاصيل عن هدف الدخول وعن المنظمة وعن هويّة الأشخاص الذين ستتصل معهم في قطاع غزّة.
الدخول عن طريق حاجز إيرز، إن كان الأمر كذلك، كانت سيجبر إسرائيل على استعمال اسم منظمة إغاثة كبيرة ومشهورة، كي لا يثير الشكوك. هل كان جيش الدفاع الإسرائيلي يستخدم، مثلا، اسما كاسم الأونروا أو اسما لأيّة منظمة إغاثة إيطاليّة، يموّلها الاتحاد الأوروبي؟ وإذا اتضح أنه من أجل إنجاح المهمة العسكريّة أوجد جيش الدفاع الإسرائيلي منظمة إغاثة فعّالة منذ زمن، ومن أجل النجاح أيضا حصل على مساعدة منسّق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلّة، إذن من الآن يمكن لأيّة منظمة أن تتوقع إيجاد صعوبة في كَسْب ثقة السلطات في قطاع غزّة وفي أوساط السكان.
عند الدخول إلى قطاع غزّة يمر الحاصلون على التصريح على أربع نقاط تفتيش: في الجانب الإسرائيلي من الحاجز، في نقطة تسجيل أوّلى تابعة للسلطة الفلسطينيّة في الجانب الآخر من الحاجز، وفي نقطة فحص تابعة لشرطة السلطة الفلسطينيّة، وقد كانت سابقا نقطة مُراقبة لحماس ثمّ انتقلت منذ سنة لتتبع السلطة الفلسطينيّة، ومع محاولة إقامة حكومة مُصالحة، في نقطة تسجيل جديدة تابعة لحركة حماس والتي تعمل منذ عدّة شهور. وأيضا حاملو بطاقات هويّة فلسطينيّة – وحسب احد التقارير’ أفراد المجموعة كانوا مُزودين بها - مُلْزَمين بالمرور في نقطتي السلطة الفلسطينيّة وحماس وعلى الإجابة على الأسئلة. في نقطة التفتيش التابعة لحماس لا تُفتش الحقائب دائما، لكن أحد الذين كثيرا ما يدخل إلى قطاع غزّة قال لجريدة "هآرتس" بأن التفتيش -- حتى ولو كان على الكحول -- دائما يجب أن يؤخذ في الحسبان أنه مُخاطرة. وقال ، أنه لا يمكن أن يصدّق، أن أفراد المجموعة الإسرائيليّة يدخلون بدون سلاح، من جانب واحد، ويخافون من اكتشافه، من جانب آخر.
يمكن الاستنتاج من التقارير الصحفية أن حركة حماس وجيش الدفاع الإسرائيلي منهمكين في سباق إثبات مَن أُهين أكثر بسبب اكتشاف مهمة المجموعة. ومن المؤكّد هو أن استخدام الإغاثة الإنسانيّة كأداة لخدمة المخابرات العسكريّة الإسرائيليّة سيساهم في خلق إحساس بالصدمة والتقوقع.
29.11.2018