الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

حل المجلس التشريعي: عنزة ولو طارت

نشر بتاريخ: 25/12/2018 ( آخر تحديث: 26/12/2018 الساعة: 14:00 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

لا يمكن للقرارات او المراسيم التي يصدرها الرئيس ان تكون مرضية لكل الناس لان ارضاء الناس غاية لا تدرك الا ان حالة الاستثناء في كل المراسيم التي من المفروض ان ترضي الناس ممثلين بكل الناخبين هو مرسوم حل المجلس التشريعي كون هذا المجلس لم يعد يمثلهم بسبب الشلل الكلي غير القابل للشفاء الذي اصاب هذا المجلس منذ الانقلاب الحمساوي في سنة 2007 اي بعد سنه ونصف فقط من ولادته.
طبعا يستثنى من الناس امراء الفساد بكل الوانه السياسية والمالية واصحاب الايمان المزيف الذين انتعشوا وتكرشت حساباتهم البنكية بسبب شلل الرقابة التشريعية التي من المفروض ان يقوم بها المجلس التشريعي الذي يمثل الشعب الذي هو اصلا مصدر السلطات.
المجلس التشريعي ليس برلمانا سياديا من كونه وكل ما انبثق عنه من قوانين كانت وسائل مؤقتة مرتبطة زمنيا بالفترة الانتقالية التي من المفروض انها انتهت في شهر مايو/ ايار سنة 1999 بحسب اتفاق اوسلو الاب البيولوجي لهذا المجلس، والحال نفسه ينطبق على القانون الاساسي بكل مواده دون استثناء حيث هو ايضا مؤقت كونه الابن الشرعي للمجلس التشريعي وبالتالي فان احكامه مؤقتة وقد تم اقراره من قبل المجلس التشريعي ليبدأ تنظيم وبناء اسس الحياة التشريعية الديمقراطية في فلسطين وينطبق عليه ما ينطبق على المجلس التشريعي، ومن كونه يستمد قوته من ارادة الشعب الفلسطيني فقد تم تعديله بحسب الماده ( 111) في سنة 2003 لاستحداث منصب رئيس الوزراء كوسيلة سياسية مساعدة تساهم في عملية تطوير السلطة الوطنية الى دولة ذات سيادة. هذا التعديل وما تلاه وانتخابات 2006 كل ذلك اضفى على المجلس وقوانينه تحديدا القانون الاساسي نوع من الاستمرارية بهدف خدمة المشروع الوطني في اقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967.
ومع ذلك وبالرغم من كونه مؤقت فعلا وقولا الا ان المجلس التشريعي تحول الى مجرد كلمات مكتوبة على الورق وغير قابلة للتطبيق بسبب التنكر الاسرائيلي لكافة الاتفاقات الموقعة حتى لا يتحول هذا المجلس الى برلمان دولة سيادي وقد ساعد على ذلك ما ذكرناه من ممارسات فلسطينية غير مدعمة قانونيا وغير مدروسة ادت الى تمديد الفترة الانتقالية تلقائيا ومن ثم تحولت الى امر واقع تم استغلاله اسرائيليا لخدمة هدف صهيوني بمنع اقامة دولة فلسطينية على امل تحويل منظمة التحرير الى سلطة وليس الى دولة وذلك من خلال توظيف البناء المؤسسي المتطور للسلطة كأداة ابتزاز اسرائيلية للفلسطينيين من حيث استحالة هدم هذا البناء لما يقدمه من خدمات تبدو مستقله ونظرا ايضا لارتباط هذا البناء المؤسسي بمساعدات خارجية ساهمت كثيرا في تطور ادائه وخدماته وخصوصا مؤسستي التعليم والصحه اللتين اصبحتا تضاهيان دولا عريقه في المنطقه وخارجها.
الطامة الكبرى في كل ذلك جاءت على يد حماس في انقلابها في سنة 2007 ومن ثم خلق نظامين للحكم في غزة واخر في الضفة الامر الذي نسف اي قيمة قانونية او تشريعية سواء للمجلس التشريعي او للقانون الاساسي.
قرار الرئيس الفلسطيني بحل المجلس قرار قانوني اعتمد على تفسير المحكمة الدستورية لواقع المجلس التشريعي التي ارتات (المحكمه ) انه حان الوقت بل اصبح ضرورة وطنية حل هذا المجلس، وهو بالفعل قرار صائب جاء بمثابة احداث موت رحيم للمجلس التشريعي الذي شله كاملا الانقلاب الحمساوي وشل نتيجة لذلك كل ما هو منوط به من واجبات وهو ما انعكس سلبا على المشروع الوطني الفلسطيني ووقف حائلا امام امكانية اعلان الدوله بدلا من السلطة خصوصا بعد ان تم الاعتراف بدولة فلسطين في المنظمة الاممية في سنة 2012 اي بعد سبع سنوات من انتخاب الرئيس من قبل ثلثي الشعب الفلسطيني. هذا الاعتراف كان الانجاز الدبلوماسي الاكبر في التاريخ الفلسطيني المعاصر وكان قد تحقق بسبب قيادة الرئيس بنفسه للديبلوماسية الفسطينية وسدد بهذا الانجاز ضربة قاضية لمشروع التطرف الصهيوني الذي يقوده النتن ياهو.
بالتالي لا معنى ولا مبرر لكل هذا الصراخ بخصوص القرار الذي يدل على افتقار اصحاب الصراخ الى الحجه الوطنيه بدليل التشتت في الاسباب والمبررات وانما كلها مصالح انتفاع شخصيه و حزبيه ضيقه خصوصا تلك التي اعتمدت على عدم دستورية او شرعية المحكمه علما بان هذه المحكمه كانت قد شكلت من قبل صاحب القرار تشريعيا (الرئيس) بحكم شلل المجلس التشريعي وذلك من اجل متابعة اللوائح والانظمه ودستورية القوانين مما يؤكد على صوابية القرار الذي اتخذه الرئيس باستناده في ذلك على هذه المحكمه لما يتمتع به قضاتها من قدره ومصداقيه وكفاءه ، علما بان الرئيس لو اراد للمجلس المركزي ان يتخذ قرار (سياسي) بحل التشريعي لكان له ذلك ومع ذلك سيكون هناك صراخا اخر ولكن بنغمه مختلفه لان حقيقة الامر ان سبب كل هذا الصراخ يعود لمبدأ عنزه ولو طارت . وعليه اصبح ضروريا وقوف كل الناخبين الفلسطينيين مع هذا القرار الذي سيعيد لهم حقهم الانتخابي في اختيار من يرونه مناسبا لتمثيلهم بعد ان اخفق اعضاء مجلس 2006 في القيام بهذه المهمه والتي كانت تستدعي ان يقوموا بتقديم استقالاتهم جماعيا في اليوم الذي انتهت فيه مدتهم التشريعيه التي حددها القانون باربع سنوات خصوصا وان عملهم توقف بعد سنه ونصف من انتخابهم ذلك مقارنة بعمل الرئيس الذي لم يتوقف لحظه واحده عن عمله كرئيس لكل الفلسطينيين الذين انتخبوه داخل الوطن رئيسا للسلطه واجمعو عليه رئيسا لمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفسطيني في كافة اماكن تواجده.
الديمقراطية الفلسطينية التي اوصلت حماس للحكم لا بد من اعادتها لسالف عهدها بعد ان تم قتلها بشظايا الانقلاب الحمساوي وذلك من اجل العمل على انتخاب برلمان دولة نتمنى ان تشارك فيه حماس وبقية الفصائل، برلمان تحميه الشرعية الدولية التي اعترفت بدولة فلسطين وليس مجلس تشريعي لسلطة مصيرها ومصير المجلس المذكور بيد اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال التي وبدون اي رادع اخلاقي او قانوني ما زالت تختطف في سجونها اعضاء من المجلس الذي نحن بصدده.
الفصائل الفلسطينية سواء اكانت مسلحة عسكريا ام سياسيا جميعها وسائل كما هي منظمة التحرير ايضا وسيلة لتحقيق هدف اقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الى حقيقة والى واقع ملموس وعليه فان بقاء المجلس التشريعي على حالة شلله خدمه لاطالة عمرهذه الوسائل وابتعاد اكثر عن تحقيق الهدف وتحويل منظمة التحرير الفلسطينيه الى سلطه من غير سلطه.