السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لم يعد للصمت معنى: شعبنا سيأخذ المسؤولية

نشر بتاريخ: 11/01/2019 ( آخر تحديث: 11/01/2019 الساعة: 13:52 )

الكاتب: عوني المشني

لم يعد الحديث عن أضرار الانقسام مفيدا بل انه اشبه بالندب على الموتى، والبحث في الاسباب والمسببات والمسؤوليات اصبح تكرار لما قيل آلاف المرات وبشتى الطرق، الانقسام يدمر قضيتنا الوطنية ويجب ان ينتهي، فقط هذا هو الموضوع، هذا هو التحدي، هذه هي المسؤولية. فشلت الجهود الإقليمية، فشلت القوى السياسية، فشل طرفا الانقسام، فشلت النوايا الحسنة، فشلت المناشدات والمبادرات والدعوات، فشلت الصلوات والأدعية. الفشل سياسي وأخلاقي ووطني وديني، فشل له ما بعده من استحقاقات تقصم ظهر الفلسطينيين، فشل يعكس فشل الفلسفة التي أظهرت الفلسطينيين كشعب متميز عن الاخرين ومتطور عن المستوى السياسي والفكري في المنطقة العربية.
فشلت محاولات انهاء الانقسام، والانقسام يجب ان ينتهي. من هنا نبدأ.
اولا على الشعب الفلسطيني ان يأخذ دوره المبادر الفاعل الإيجابي في الخروج من هذا الوضع، لا يكفي انتقاد الانقسام وقوى الانقسام، لا يكفي التوصيف للحالة المتردية التي وصلنا اليها، لا يكفي تحميل المسئولية لهذا الطرف او ذاك، انتظار القوى إقليمية او طرفي الانقسام لم يعد حلا فقد انتظر شعبنا عشر سنوات دون اي نتيجة. دون ان يأخذ شعبنا المهمة على عاتقه لا شيئ يتغير، ولن ينقذنا احد، شعبنا، وشعبنا فقط من يستطيع، المهمة ليست سهلة ولكن ليست مستحيلة، المهمة تحتاج الى مبادرة ومسئولية وفعالية وعدم تردد، المهمة هي اولا وثانيا وعاشرا وأخيرا هي مهمة شعبنا بكل اطيافه وبكل مستوياته وفِي كل أماكن تواجده.
وثانيا ان انشاء مجلس او مؤتمر او تجمع وطني يتشكل من شخصيات وطنية مشهود باستقامتها ووعيها واستقلاليتها عن مفاهيم الانقسام والشرذمة، مجلس من أكاديميين، طلائع شبابية، مستقلين وطنيين، اسرى يشكلون ضمانة وطنية، قيادات مؤسسات - ليس دكاكين - حقيقية، مجلس من داخل الوطن ومن خارجه، مجلس بمهمة أساسية واحدة: برنامج وطني شامل للخروج من الازمة الراهنة. هذا المجلس ليس حزبا ولا حركة، لا ينافس احد ولا ينتظر دورا قياديا، لا يسعى الى تبوؤ موقع قيادي، مجلس على ذات المسافة من اطراف الاختلاف والخلاف، مجلس يحمل الصفات المؤقتة، الطارئة، الجريئة، الصادقة، الوطنية، لا يبيع ولا يباع، لا يهادن ولا يجامل ولا ينافق. ان مجلسا كهذا وان اتسع او ضاق لا يهم ما يهم برنامجه وفعاليته وإرادته واستعداده للمضي قدما في الحق دون "لومة لائم".
تشكيل هذا المجلس رغم أهميته ليس هو الهدف ولا هو بالموضوع الاساس، هو الآلية للتعاطي مع الموضوع، الموضوع الاساس هو الازمة الفلسطينية المتعددة الجوانب، والانقسام ليس هو كل الازمة، هو احد مظاهرها، وصول الفلسطينيين الى طريق مسدود في مسارات متعددة اصبح واضحا، مسار اوسلو وصل الى طريق مسدود، المصالحة وصلت الى طريق مسدود، منهج المقاومة على طريقة حماس ايضا تراوح ما ما بين الاستخدامية والطريق المسدود، صفقة العصر تطبق فعليا على الارض، المستوطنات أنهت عمليا اي أفق لدولة فلسطينية متواصلة وذات سيادة، هذه الحالة بكل تفاصيلها هي مهمة هذا المجلس، رؤيا وطنية شاملة تعالج مختلف الجوانب هذه هي مهمة المجلس رؤيا واضحة وبأدوات واضحة محددة وببرامج محددة.
اما كيف سيصار لفرض هذه الرؤيا على طرفي الانقسام وعلى غيرهم، فتلك مهمة المجلس، تحويل الرؤيا هذه الى ثابت وطني اصيل وقضية رأي عام ليست بالمهمة المستحيلة، اتخاذ إجراءات بدءاً من الحوار العادئ الى الضغط الناعم الى المظاهرات والإضرابات وصولا لحسب شرعية من يقف امام وحدك شعبنا وبطلها كلها إجراءات مباحة وربما ضرورية، نعم شعبنا يستطيع فرض ارادته وبقوة وفعالية، ومن يضايقه هذا فليشرب البحر.
الصمت عن اختطاف شعبنا وقضيته الوطنية لا يمكن ان يستمر ولا يجب ان يستمر، هذا العبث الخطير بمستقبل قضيتنا الوطنية آن له ان ينتهي، هذا الاستئثار والإقصاء والتجاهل يفترض ان يكون له حد، هذا الاستغباء للجمهور الفلسطيني يفترض ان يتوقف، شعبنا بتضحياته وتاريخه ووعيه الجمعي في الميزان، من يراهن على طيبة شعبنا اصبح يتوهم ان تلك الطيبة سذاجة، ومن يراهن على انضباط شعبنا توهم ان انضباطه رضوخ، ومن يراهن اصالة شعبنا اصبح يتوهم على ان أصالته هي تخلف. شعبنا ليس ساذجا ولا راضخا ولا متخلف. لكنه أعطى الفرصة لمن لا يستحقها ولم يستثمرها وجاء وقت ان يأخذ شعبنا دوره ومكانه وموقفه.
الان بدون تاخير، الوقت من دم ومن ارض ومن حلم، الان بدون تردد فالشجاعة لها مواسم والحكمة لها أوقات والمسئولية لها رجال وهذا وقت الحكمة والشجاعة والمسئولية، كلها معا وسويا تستوي ان يبادر شعبنا الى هذا الجهد، مجلس السلامة الوطنية، رؤيا وطنية شاملة، اليات عمل تنطوي على قابلية للتطور حتى نخرج من أزمتنا.