الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

رحل جسدا وبقي فكرا ..مائة وعام على ميلاد عبدالناصر

نشر بتاريخ: 16/01/2019 ( آخر تحديث: 16/01/2019 الساعة: 12:16 )

الكاتب: عمران الخطيب

قد يكون البعض لم يعش فترة وجود الراحل الكبير جمال عبد الناصر، لذلك يستغرب البعض الإهتمام الواسع الذي لا ينقطع طول العام حول الزعيم الخالد في عقولنا وأنفاسنا دون إنقطاع... لم يكن يملك هذا الرئيس الأموال حتى يغدق على مؤيديه من الجماهير العربية والإسلامية في كل مكان او حتى على المؤيدين في أنحاء العالم وخاصة شعوب إفريقيا التي كانت ترزح تحت الإستعمار الفرنسي والبريطاني وكافة الشعوب التي تقاوم الاستعمار في كل مكان من العالم...  
إن الحدث الأهم في حياة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ثورة 23يوليو 1952 لم يكن الحدث مجرد مجموعة من الضباط الأحرار في الجيش المصري يقودهم الضابط الشاب جمال عبد الناصر الذي يحمل وسام اصابة في جسده في منطقة الفلوجة الفلسطينية عام 1948 خلال حصار قرية الفلوجة الفلسطينية... قبل هذا التاريخ كان للضباط الأحرار في الجيش المصري على خلاف مع الحكومات المتعاقبة والتي كانت مسلوبة الإرادة بحكم الاستعمار البريطاني الحاكم الفعلي ابان النظام الملكي في ذلك الوقت ولكن ما يشغل الشعب المصري والقوى الوطنية في ذلك الوقت هو وجود الاستعمار البريطاني الذي أراد أن ينتزع ليس فقط ثروات الشعب المصري والبقاء على مصادرة حقوقهم الاقتصادية والفكرية والتعليمية والعيش الكريم فحسب، وإنما انتزاع إرادتهم الوطنية والقومية والإنسانية عن محيطهم العربي وخاصة في الوقت الذي تساعد وتسهم الدول الاستعمارية وخاصة حكومة الانتداب البريطاني الاستعماري بتقديم الدعم الفعلي للكيان الصهيوني العنصري الذي احتل فلسطين في ذلك الوقت حيث كانت تستهدف من وجود الإحتلال الإسرائيلي الاستيطاني العنصري في فلسطين قاعدة ارتكاز للقوى الامبريالية في منطقة الشرق الاوسط..
لذلك لم يكن من السهل على الدول الاستعمارية الاستسلام لإرادة الشعوب التي ترزخ تحت الاستعمار..
لذلك أهمية ثورة 23 يوليو بقيادة عبدالناصر والضباط الأحرار ليس فقط بما حدث في مصر فحسب بل بمدى تأثير ثورة يوليو على الوجود الاستعماري في دول العالم الثالث ولا سيما في آسيا وإفريقيا ودول أمريكيا اللاتينية.. وهذا ما حدث وخاصة بعد إحباط محاولة بعض الفئات البرجوازية الإقطاعية داخل مصر من ثورة يوليو على الصعيد الداخلي تم تحقيق أهداف العدالة والتنمية الاجتماعية للمواطنين المصريين إضافة إلى مجانية التعليم وانشاء المدارس والمستشفيات والمركز الصحية واقامة المشاريع الإقتصادية والمصانع المختلفة أي كانت ثورة 23 يوليو ثورة شاملة على الظلم والقهر والاستبداد وعلى القوى الاستعمارية وادواتهم المختلفة التي كانت تعمل على إجهاض ثورة 23 يوليو بكل الوسائل.. ومع ذلك استمر قادة الثورة في مواجهة التحديات بكل اقتدار وهناك مجموعة الانجازات التي تحققت بفضل ثورة يوليو وأهمها تأميم قناة السويس وبناء السد العالي إضافة إلى التعليم ودعم الطبقة العاملة وإنهاء الإقطاع من خلال توزيع الأراضي على الفلاحين، ولكن الأهم إنتصار ثورة يوليو على العدوان الثلاثي وفشل قوى العدوان الإسرائيلي الفرنسي البريطاني على مصر..
وعلى الصعيد العالمي كانت ثورة يوليو بوجودها وانتصارها عنوان التحدي لكافة حركات التحرر للشعوب التي تقاوم الاستعمار والاحتلال الأجنبي في كل مكان
وعرف العالم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر. والذي شكل حاضنة لكل حركات التحرر في نضالهم الدؤوب في مواجهة الاستعمار. ولم يكتف بتقديم الدعم المادي والمعنوي والفعلي فحسب بل شكل مع زعماء العالم مجموعة دول عدم الانحياز.
لكل هذه الأسباب سوف نحتفل بولادة هذا الزعيم الخالد جمال عبد الناصر اليوم وفي كل يوم وفاء ليس فقط لراحل الخالد ولكن المبادىء التي أرساها فكرا وعملنا في نفوسنا.. لقد علمنا كيف نقف ونساند الجزائر ومع سوريا والعراق علمنا معنى التضامن العربي والإسلامي مع آسيا وإفريقيا ودول أمريكيا اللاتينية وكل الشعوب التي تقوم الاستعمار. علمنا ان فلسطين من النهر حتى البحر هي البوصلة، وعلمنا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة..
رحلت من بيننا جسدا وستبقى فكرا ينبض في عقولنا ما حيينا...