الأربعاء: 17/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عشيرة الوطن عون للدولة

نشر بتاريخ: 22/01/2019 ( آخر تحديث: 22/01/2019 الساعة: 12:20 )

الكاتب: محمد ياسر حنيحن

تتكاثر هذه الايام الاصوات المطالبة بضرورة عدم المساس بالسلم الأهلي ونبذ كل من يدعو او يحرض على إشعال فتيل الخلاف سواء كان عشائريا او سياسيا او حزبيا.
ان ما تشهده وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي اليوم في فلسطين من بيانات تفوح منها رائحة العشائرية هو مؤشر خطير للغاية ان دل على شيء انما يدل على فشل ذريع مني به الأمن والحكومة وفصائل وقوى العمل الوطني بما فيها حركة فتح التي كان ينبغي عليها وهي ام الجماهير ان تقود الشارع الفلسطيني بكل مكوناته الاجتماعية وشرائحه من اطباء ومهندسين ومعلمين وتجار وصناعيين وعمال ...الخ
وكان لزاما على قيادة حركة فتح حركة الجماهير والكل الفلسطينيي في كافة أقاليم الوطن ان تبين وبوضوح للشارع حقيقة قانون الضمان الذي أشعل فتيل الخلاف وأججه، وكان لزاما عليها ايضا ان تقنع الناس به اذا كان فيه صالح الناس، وان تجابه الحكومة اذا كان فيه اجحاف بحقهم. 
غير ان الذي جرى ويجري كان عكس ما كان يجب، اذ ظهرت بيانات الاقاليم مساندة للعشائرية بدل أن تكون نقيضاً لها، وهو ما اثبت للمراقب والمواطن فعلاً لا قولاً ان هناك ازمة ثقة كبيرة بين الحكومة والامن وفصائل وقوى العمل الوطني من جهة وبين المواطن من جهة اخرى، مما دفع بجماهير العمال والتجار والحرفيين الرافضين لقانون الضمان الاجتماعي إلى الالتفاف غير المسبوق حول العشائرية التي تقود هذا الحراك ببرنامج منظم بغض النظر ان كان هناك من يسهم في توسيع دائرة الخلاف بأجندات اهما الاحتلال وغيره الذين سيقطفون ثمار هذه المعركة الخلافية التي تنذر بعوة الفلتان وتهديد السلم المجتمعي وتقسيمنا الى جنوب وشمال.
وكان حرياً على حركة فتح وغيرها ان لا يستهينوا بالعشيرة بمفهومها الاجتماعي والمكاني، اذ ان العشيرة هي دائرة اجتماعية يمكنها تحقيق الامن والاستقرار وبث الطمأنينة بين الافراد وزرع الألفة والمحبة وغرس المودة والتكافل الاجتماعي ونبذ التطرف والعنف والصراع بين الافراد.
والعشيرة ايضا مكون أصيل من مكونات المجتمع بمسلميه ومسيحييه.. وحتى تكتمل مسيرة الانجاز والبناء المطلوبة كان لزاما على حركة فتح ان تأخذ العشيرة كحقيقة فاعلة ومكوّن أساسي في الساحة الفلسطينية، ومن يدفع باتجاه القفز عن العشيرة ودورها في مسار الحراك الإصلاحي والديمقراطي الذي تقوده الدولة لا يريد الخير لمشروع اقامة الدولة والحكم الرشيد.
ان العشيرة في كافة مدن فلسطين مؤسسة أساسية في النظم الاجتماعية وهي ان جاز التعبير، تعد عاملا محددا في بناء الدولة من خلال التعامل مع الدعوات للديمقراطية، والحكم الرشيد، وبالتالي يبقى لها دور حيوي في الحياة السياسية والاستقرار والولاء والانتماء للوطن والحفاظ على الوحدة الوطنية، مثلما ان لها دور في تبني النهج الاصلاحي الهادف الى تحقيق الامن والسلم المجتمعي.
ان تاريخ فلسطين مليء ببطولات العشائر ودورها في الثورات المتعافبة ضد الاستعمار وضد الاحتلال الصهيوني كما كان لها دور في نصرة الاشقاء في الوطن العربي ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي.
ويبقى القول ان العشائر التي افرادها قادة وكوادر وعناصر في حركة فتح تعد احدى ضمانات الاستقرار والحفاظ على الأمن وإشاعة التكافل الاجتماعي والتعاون على الخير، وستظل ركيزة أساسية في بناء المجتمع ورديفاً وسنداً لحركة فتح ام الجماهير وللمؤسسات الرسمية والأمنية، فالعشيرة المنتمية للوطن تلتزم بسيادة القانون وتحتكم إلى سلطة الدولة فهي عون للدولة وليست بديلاً عنها.