الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

البلطجة الامريكية ضد فنزويلا

نشر بتاريخ: 02/02/2019 ( آخر تحديث: 02/02/2019 الساعة: 23:47 )

الكاتب: د.نزيه خطاطبه

اعلامي مقيم في كندا
هل جاء الدور على فنزويلا بعد العراق وافغانستان وليبيا وايران وسوريا والحبل يطول من البلدان التي حلت بت بها الفوضى والدمار وعانت من الخناق والعقوبات الاقتصادية من قبل الحكومات الامريكية المتعاقبة بهدف اخضاعها لنفوذها وجعلها تابعة لمصالحها وسياساتها ونهب ثرواتها.
تعود المخططات الأميركية “لغزو” فنزويلا لعام 1998، على الأقل، بعد فوز الرئيس الراحل هوغو شافيز، وتتالت فيما بعد وصولا الى محاولة الانقلاب الراهنة فتؤكده يومية وول ستريت جورنال بأنه جرى على قدم وساق منذ شهرين، ترأسه نائب الرئيس مايك بينس. وحسب وول ستريت فان إعلان زعيم المعارضة نفسه رئيسا مؤقتا والاعتراف الأمريكي السريع بصفته الجديدة جاء بعد اتصال بين خوان غوايدو ومايك بانس وعدد من الدول الاخرى بما فيها اسرائيل وكندا التي حسب وكالة الصحافة الكندية فان دبلوماسيين كنديين عملوا بالسر خلال الاشهر الماضية لدعم المعارضة لنظام الرئيس الفنزويلي.
جون بولتون بدوره يقول إن جميع الخيارات مفتوحة في رده عن احتمالات التدخل العسكري ويرصد الصحفيون عبارة (5000 جندي إلى كولومبيا) على مذكرته، وتسارع الادارة الامريكية التي يقودها الصقور المتطرفون الى تعيين إيليوت أبرامز مبعوثا خاصا الى فنزويلا.
وتوضح الصحيفة أن عناصر الخطة الانقلابية كانت بنات أفكار عضو مجلس الشيوخ ذو أصول كوبية، ماركو روبيو، الذي دأب على مطالبة الإدارة الأميركية بالاطاحة بالرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو؛ أحدثها كان في خطابه أمام المجلس، 15 يناير الجاري، بدعوة البيت الأبيض “.. تعيين خوان غوايدو الذي لا يمتلك ماض سياسي في المعارضة رئيساً للبلاد مما سيضع تحت تصرفه ملايين الدولارات من الأرصدة الفنزويلية المجمدة في الولايات المتحدة” وتمويل حملته في تسلم السلطة “لشراء الاسلحة وانشاء جيش من المرتزقة” وفرق الموت وأدخال البلاد في أتون حرب أهلية.
الادارة الامريكية تجاوبت بسرعة مع الخطة وفور اعلان غوايدو تنصيب نفسه رئيسا مؤقتا بادرت ادارة ترامب بتجميد اصول شركة النفط الفنزويلية والمقدرة اكثر من 7 مليارات دولار ووضعها تحت تصرف غوايدو بشكل بلطجي للسيطرة على ثروات الشعوب.
هدف الادارة الامريكية وحلفاؤها ليس مساعدة الشعب الفنزويلي ومحاربة الفساد والديكتاتورية وهي نفس السياسة التي مارستها في بلدان الشرق الاوسط وعدد من دول امريكا اللاتينية وتسببت بنشر الفوضى، وانما للاطاحة بالنظم التي لا تمتثل لسياسات واشنطن والسيطرة على “أكبر مخزون نفطي في العالم يقدر بما يفوق 300 مليار برميل” في فنزويلا، وهي “الجزرة” التي علقت في ذهن الرئيس ترامب، كما يتردد.
كانت واشنطن ترغب في خلق صدمة وسط فنزويلا وتدفع أجهزة الدولة وخاصة قطاعات من الجيش تنحاز الى رئيس البرلمان كرئيس للبلاد. وعكس المأمول، بدأت الصدمة تتراجع وتشير تطورات الوضع في فنزويلا الى فشل ما يعتبره جزء من الفنزويليين انقلابا شبيها بما جرى في البد سنة 2002 ضد الرئيس الراحل هوغو تشافيز.
وفشلت الولايات المتحدة في استصدار موقف من مجلس الأمن لصالح من ترغب في تنصيبه رئيسا لفنزويلا، خوان غوايدو، فقد عارضت روسيا والصين كل محاولة لتوظيف مجلس الأمن ورفضتا اي تدخل عسكري امريكي او من دول الجوار في الازمة .
كل المؤشرات تؤكد على ان ما يجري في فنزويلا هي مؤامرة امريكية لاحداث انقلاب فيها يعقبه محاولات مماثلة تستهدف كوبا ونيكاراغوا ودول اخرى غير موالية لامريكا في محاولة لاعادة ترتيب الاوضاع في امريكا اللاتينية والسيطرة عليها والحد من نفوذ كل من روسيا و الصين و ايران فيها.
على الرغم من أن فنزويلا هي دولة غنية بالنفط، إلا أن الاقتصاد الفنزويلي منهار للغاية ، حتى قبل نجاح الثورة الاشتراكية التي قام بها كل من تشافيز ومادورو، ولاحقا بفعل العقوبات والحصار المشدد من قبل الادارة الامريكية و دول الجوار.إن وصول شافيز للسلطة، وانتهاجهة سياسة اشتراكية واجتماعية اكثر عدلا لغالبية قطاعات المجتمع ومحاولته تطوير بلاده و تحريرها من التبعية الامريكية ومصدر للمواد الخام كان نتيجة لأزمة اقتصادية سببها الفساد والنهب من قبل الولايات المتحدة واتبعاها.
لا يسعنا الا ان نقف بصلابة الى جانب شعب فنزويلا وحكومته والتي وقفت ودعمت قضايانا العادلة خاصة القضية الفلسطينية ونرفض التدخل الامريكي الذي يقود البلاد الى حرب اهليه يحولها الى دولة فاشلة يسهل السيطرة عليها.