السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الاسرائيلية (2)

نشر بتاريخ: 03/02/2019 ( آخر تحديث: 03/02/2019 الساعة: 15:30 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الكيان الاسرائيلي: جيش يملك دولة
اكثر من سبعين سنة مرت على نكبة الشعب الفلسطيني والتي كان من المفروض لها ان تكون كارثة حدثت في زمن مضى وتجمدت في حينه لتبقى مجرد ذكرى مؤلمة في التاريخ الفسطيني عصفت بالاباء وبالاجداد كما هو الحال في كل النكبات التي مرت على شعوب العالم كالمحرقة التي حصلت وتجمدت في التاريخ اليهودي الا ان النكبة وبسبب الطبيعة العنصرية الاحلالية للحركة الصهيونية المسؤول الاساسي عنها ما زالت النكبة مستمرة والى يومنا هذا تعصف بالابناء والاحفاد وعلى يد نفس الكيان بل وللاسف على يد الناجين من المحرقة النازية كل ذلك بالرغم من الادعاء المزيف بالديمقراطية التي تحاول اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال تقمصه من خلال تقلب الوان الحكم بين اليسار واليمين وتحديدا العمل والليكود اللذان هما نضح من نفس الاناء الصهيوني الامر الذي ولد لدى الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني الامرين من كل هؤلاء ولّد لهذا الشعب شبه اجماع على ان رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي وبالرغم من كل شذوذه السياسي لا يفرق عن اي من منافسيه في انتخابات التاسع من ابريل القادم في استخدامهم جميعا للقمع والقتل والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين كوسائل من اجل ادارة الصراع الذين ادمنوا جميعا عليه وليس حله مما خلق في المقابل وكرد فعل طبيعي حالة تراكمية من الكره والحقد لدى الفلسطينيين اصحاب الارض ضد هذا الكيان العنصري المحتل حذر منها العديد من الاسرائيليين ساسة ومحللين ومؤرخين من الذين ما زالوا يرون الشمس بالغربال بنبوءات تؤكد على ان تراكم هذا الحقد لا محالة فانه سينفجر وبالا على مستقبلهم كمحتلين وعلى كيانهم.
هذه النبوءات ليست قراءة في فنجان اسرائيل ولكنها قراءة مستمدة من واقع لهذا الانجراف الخطير والاعمى للشارع الاسرائيلي نحو التطرف بسبب التحريض المتواصل من قبل قيادة متطرفة نجحت في فرض خطابها على هذا الشارع بدليل اعادة انتخاب رئيس الوزراء الحالي النتن ياهو لاربع دورات اضافة الى ان لغة التنافس المقروءة بين سطور البرامج الانتخابية بين كافة المرشحين تعتمد على شيطنة رئيس الوزراء هذا من خلال ملفه الجنائي المتخم بالفساد والرشاوى بدلا من اعتماد برامج انتخابية تهدف لحل الصراع من اجل حماية الاجيال القادمة من ويلات الحروب التي لا يعلم مداها التدميري غير الله.
الا انه وبالرغم من كل ما ذكرناه يبدو ان هناك جديد في الانتخابات الاسرائيلية هذه المرة وهو ولادة حزب جنرالات في اسرائيل والجديد فيه يكمن فيما تفترضه قوانين الطبيعة في ان يعمل هذا الحزب في حال فوزه وتسلمه زمام القيادة على اعادة توجيه بوصلة الصراع باتجاه حله وليس الاستمرار في ادارته من حيث ان الحكم في اسرائيل في حال فوز الجنرالات يكون قد عاد لاصحاب الشأن المحترفين والمالكين الحقيقيين للكيان وهم قادة الجيش وذلك بعد ان ثبت بالقطع ان الكيان الاسرائيلي هو عبارة عن جيش يملك دولة.
الرؤية التي تمتع بها الجنرال الراحل رابين بانخراطه في مسيرة سلام مع الشهيد الراحل عرفات في بداية تسعينات القرن الماضي هذه الرؤية هي نتاج حرفية عسكرية والمام معرفي بالارباح والخسائر لمشروعي الحرب والسلام وهي التي تشجعنا على القول في ان فوز الجنرالات من المفروض ان يغير عنوان المرحلة القادمة على اعتبار انها ستكون نهاية للفصل الدموي وهوس الحكم الذي يجسده النتن ياهو حفيد عمداء الارهاب الشرق اوسطي شامير وبيغن وبالتالي فان فوز الجنرالات من المفروض كما اسلفت ان يكون بمثابة الفيصل في امكانية التعايش او عدمه بين الفلسطينيين واليهود على ارض فلسطين التاريخية.
النتن ياهو استمر في الحكم لاربع دورات وتوقعات اعادة انتخابه لدورة خامسة ما زالت قائمة وكبيرة وذلك بسبب قدرته على تدمير منافسيه ونجاحه في الاستثمار في زراعه بذور الخوف من وهم التهديد الوجودي الخارجي وهو ما يكرره في كل حملة انتخابية ويحصد ثمارها فوزا في الانتخابات والعودة لسدة الحكم الذي اصبح من اجله لا يتوانى عن فعل اي شيء اخلاقي كان ام غيره ودون اي اعتبار لغير اعادة فوزه في الانتخابات القادمة مع انه بممارساته المشهود لها بعدم انسانيتها بحق الفلسطينيين تحت احتلاله العنصري هي من يبعث على التأسيس لتهديد وجودي حقيقي والذي كان بيده ان يئده في المهد لو انه فقط تعامل باحترام باخلاق الشخص المسؤول مع الاتفاقيات الموقعه او حتى التي وقعها هو بنفسه مثل بروتوكول الخليل وواي ريفر.
السلبية الطاغية على نتائج طيلة حكم المذكور وما سينتج عنها من دمار لمستقبل المنطقة ان هو اعيد انتخابه هو ما يحثني على محاولة اشعال شمعة في هذا الظلام الدامس الذي ما زال يخيم على مستقبل الحياة لكل من يعيش على ارض فلسطين التاريخية.
الجنرالات بالرغم من عدم قدرتهم بصفة عامة على تسيير شؤون الحكم في المجتمعات المدنية الا ان هذا الحال يختلف في اسرائيل كونها كيان عسكري وكل شخص فيه هو جندي منذ الولادة وحتى الممات اضافة الى ان هؤلاء الجنرالات على وعي كامل بحقيقة الوضع الامني والعسكري في اسرائيل ومحيطها من الفه الى يائه والذي من المؤكد ان يكون قد وفر لهم اليقين على ان التهديد الوجودي الخارجي لاسرائيل ليس سوى وهم يخدر به النتن ياهو واقرانه المتطرفين شعبهم لدوافع انتخابية بحتة.
وتأسيسا على ما ذكرت ارى ان الجنرالات سيكونون الاقدر وربما الافضل في وضع حد لماساة الصراع القائم منذ قيام كيانهم الصهيوني في سنة 1948 الكيان الذي يطلق عليه جزافا "دولة ديمقراطية"، وذلك وفي حال فوزهم وتسلمهم زمام الحكم ان يعترفوا بالدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقيه كاستحقاق لشعب هذه الدولة، وحقه في تقرير مصيره كما نصت عليه كل الشرائع الدولية وذلك ان هم فعلا يريدون تمكين اسرائيل من التحول التلقائي من كيان عسكري صهيوني عنصري الى دولة مدنية شرق اوسطية بحيث عندها فقط يمكن لاسرائيل ان تزعم بديمقراطيه حقيقيه.