الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

نبيل عمرو... بين فشل موسكو ولقاء وارسو

نشر بتاريخ: 14/02/2019 ( آخر تحديث: 14/02/2019 الساعة: 15:29 )

الكاتب: د.نبيل عمرو

كان بديهيا ان يفشل لقاء موسكو، الا ان بعض المشاركين الذين استمتعوا بالضيافة الروسية الباذخة حيث الكافيار النادر، اعتبروا ما حدث نجاحا يستحق ان يبشر به الفلسطينيون ويصفقون له، كإنجاز لطبقة سياسية برعت وباللغة فقط في تحويل الفشل الى نجاح.
من وجهة نظر بعض المشاركين فقد نجح لقاء موسكو في تأكيد ان فلسطين عربية وأن أمريكا وإسرائيل متآمرتان على الحقوق الفلسطينية، وأن انهاء الانقسام البغيض بحاجة الى زيارة سعيدة لعاصمة جديدة والباب مفتوح لمن يرغب لاستضافة المتحاورين.
لو كان لقاء موسكو هو الأول من نوعه لاعتبرنا التفاهم الذي تم فيه على البديهيات اللغوية هو نجاح يستحق زيارة أخرى، والمقترح الجديد ربما يكون استانة او سوتشي.
اما حين يكون ما حدث في موسكو هو نتاج حوار استغرق مائة واربع وأربعين شهرا بالتمام والكمال، فإن الامر صار بحاجة الى انقاذ الفلسطينيين من ادمان طبقتهم السياسية على السياحة الحوارية، تلك السياحة "المجيدة" التي كلفت حتى الان عشرات ملايين الدولارات ماليا، اما سياسيا فقد كرست عند الشعب الفلسطيني يقينا باستحالة الوحدة وانتقال الانقسام الكارثي الى انفصال اكثر كارثية.
وفق قراءة بسيطة للواقع والمعارك المتبادلة بين طرفي الانقسام، كان من السذاجة المفرطة توقع اختراق ولو طفيف، بل كان المتوقع بداهة هو اختراق الى الخلف، فكان نتاج موسكو الذي استاء منه الروس هو تجديد التناقض بين الفرقاء، حول كل القضايا الأساسية، ولأن الروس لا يحبون اظهار فشلهم الذريع وخيبة أملهم في ضيوفهم، فقد خففوا اللهجة الا انهم قرروا ان لا يفعلوها مرة أخرى.
ذهبنا الى موسكو الصديقة والمحبة والداعمة، واعتبرنا صقيعها المناخي اكثر دفئا من حرارة غيرهم، وسعد الروس من استجابة كل الفصائل لدعوتهم، اذ قرروا توجيه رسالة الى وارسو بأنهم يستثمرون في ورقة رابحة اسمها الفصائل الفلسطينية التي تشارك موسكو في الاعتراض على صفقة القرن وعلى ترتيبات وارسو.
النتيجة ان اسقط في يد الصديق الروسي، وتلقى الخصم الأمريكي والإسرائيلي جائزة مجانية في وارسو التي لم يكن بأي حال مضمون النجاح في أي اتجاه.
لفت نظري قول احد المشاركين في الحوار حول مائدة الكافيار، ان لقاء موسكو نجح في فتح الباب امام لقاء آخر في القاهرة وسيكون رقمه فوق المائة، فلم لا يعتبر مدمنو الحوار وكارهو الاتفاق انهم ينجحون ما دامت الطائرات جاهزة لنقلهم الى عاصمة جديدة، وما دامت الفنادق الباذخة تفتح ذراعيها لاستقبال حواراتهم المديدة، اما غير المستفيدين من حوارات السياحة السياسية فليس امامهم بعد مائة واربعة اربعين شهرا من مفاوضات وجهائهم الا ان يكتموا غيظهم ويواصلون خيبة أملهم ويتحسرون على ان الانفاق على الحوار يؤخذ من جيوبهم.