الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

القرن الإفريقي (الصغير والكبير) في الطاحونة الأمريكية والأوروبية

نشر بتاريخ: 04/03/2019 ( آخر تحديث: 04/03/2019 الساعة: 12:52 )

الكاتب: احمد الحاج

كاتب فلسطيني- مقيم بدمشق
في عودة سريعة للوراء، تبين أن (10) دول عربية تضم أكثر من 60% من سكان الوطن العربي، جامعة مع هويتها العربية الهوية الإفريقية، لكنها غائبة (حتى اليوم) عن لعب أي دور فاعل ومساهم في قضيتين اثنتين: تنمية إفريقيا اقتصاديا، والدعم السياسي الكامل لسيادتها (كقارة ودول واستقلال قرارها السياسي والاقتصادي)، ماعدا جهود خجولة وإمكانيات متواضعة قدمتها وتقدمها بعض دولها.
مصطلح أو تسمية (القرن الإفريقي)، يعبر أو يدخل أساسا ضمن مفاهيم ومصطلحات النظام العالمي، بمعنى التفاعلات والتجاذبات، داخل النظام لضمان مصالح دول بعينها تجاه دولة أو دول.
وانطلاقا من أن القرن الإفريقي شهد (وما زال) أكثر البؤر اشتعالا وتصارعا، مما جعله موضع الاهتمام والتركيز الدولي، الأمر الذي يسهل التدخل بشؤونه على كافة الصعد، بمعنى أدق إبقائه هدفا قائما (استخدامي) كأداة تدخّل مباشر أو غير مباشر في شؤونه من قبل قوى عظمى ومن الأمثلة للتدخل:
 
القرن الإفريقي اليوم، يمثل حالة "طوارئ دائمة" بمعظم سكانه المعتمدين على المعونات الإنسانية....
نزاعاته يمكن رصدها بداية من الصراعات بين الصومال وإثيوبيا (1977-1978)، والتي امتدت لتشمل السودان لتصبح الجغرافية السياسية للقرن كالتالي: السودان/أوغندا/كينيا/أرتيريا/جيبوتي/أثيوبيا/الصومال.
كما أن تعبير القرن الإفريقي الكبير (مقارب لمصطلح الشرق الأوسط الكبير) يدلل على تداخل أوروبا وأمريكا مع شمال شرق أفريقيا وصولا للبحيرات العظمى، بذلك يصبح عدد دول القرن الإفريقي الكبير امتدت لتتكون من( 10) دول تضاف للدول السابق ذكرها: (الكونغو/ تنزانيا / رواندا) لينطلق بعد ذلك السهم باتجاه اليمن (منذ العام2001) والخليج العربي (وما نشهده اليوم (2010 - 2011) من صراعات داخلية يمنية والحرب الخارجية الظالمة عليه من قبل ما يسمى التحالف الدولي، تقوده السعودية، حوله من اليمن السعيد (تبعا لما كان يعرف به) الى اليمن المدمر.
بمعنى أدق، انتشار بؤر التوتر والصراع إلى خارج حدود القرن الإفريقي (الذي تشكل جغرافيته السياسية الممر والبوابة للبحر الأحمر(خليج عدن) ومنه نحو الخليج العربي فالمحيط الهندي. 
وعلى ذلك وانطلاقا من الأهمية الجيوسياسية للقرن الإفريقي الكبير، مضافا إليها الثروات المتنوعة لدوله، فانه بات هدفا للقوى الاستعمارية (أوروبا وأمريكا واسرائيل بشكل خاص)، ومحاولات السيطرة عليه عبر تمزيقه بصراعات داخلية وإبقائه بؤرا متوترة كما في حالة الصومال.
وان أخذنا المجاعة والتصحر كعنوان دولي "المفهوم الإنساني" لـ أفريقيا عموما والقرن الإفريقي خاصة الذي بات (تبعا للسياسات الاستعمارية والتدخل المباشر وغير المباشر) على حافة المجاعة والتدهور الاقتصادي، مما أدخله إلى عالم الفوضى، المتحكم فيه أمراء الحروب وتجار السلاح والتنظيمات الراديكالية (منها القاعدة وداعش اليوم) باعتباره مرتعا خصبا للثراء الفاحش وأرضا مؤمنة لحماية التطرف بأشكاله المختلفة، كل ذلك حصل ليكون على حساب شعوبه، وعلى دماء ضحاياه، من حروب صغيرة إلى حروب كبيرة، والنتائج واحدة قارة بأكملها تتمزق حربا وجوعا، وسياسة تتوزع وفق تخطيط يضمن الهيمنة والتسلط للقوى أو النظام العالمي الجديد ...المتوحش.
إن القرن الإفريقي الكبير كما حالة أفريقيا بأكملها (بدون استثناء دول العالم الثالث) تشهد جميعا تفكيكا منظما كما تعتبر مرتعا خصبا لقوى استعمارية، قديمة وحديثة (أميركية وأوروبية والى جانبها اليوم دولا أخرى مثل الصين والهند والبرازيل (كمثال إسرائيل التي تدخلت وما زالت تتدخل بقوة منذ العام 1905، عندما تحدث تيودور هيرتزل في كتابه عن أهمية العلاقات بين اليهود والأفارقة ( وطن لليهود في أوغندا أحد منابع النيل للتحكم بمصير مصر، أيضا شهد العام 1955 علاقة إستراتيجية بين إسرائيل والتاج الإثيوبي – الإمبراطور هيلا سيلاسي- عبر المشاريع الاقتصادية والمساعدات العسكرية.
تتصارع جميعها لاقتسام الجسد الإفريقي المنهك والمتعب، ونهب ثرواته، وجعله مستهلكا لسوق السلاح، كما تؤهل قيادات وحكومات ليكونوا حراس الهيكل المؤتمنين على مصالحها، أي مصالح النظام العالمي الجديد ..المتوحش.
ختاما في القمة الـ 14 عام 2010 - للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا وبمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي اختارت القمة دولة زيمبابوي مقرا لإقامة مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد لحل الخلافات ومشاكلها السياسية الداخلية....السودان وانفصال الجنوب والحرب الأهلية في الصومال والمأزق السياسي في مدغشقر والحكومة المؤقتة في غينيا (الانقلاب العسكري) ومحاكمة الرئيس التشادي السابق حسين حبري.....
غيث من فيض كبير قادم ........مشاكل القارة السمراء، ضمنا القرن الإفريقي.