الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مقال خاص بمعا- د.عمرو يكتب: الناخب هو صاحب القرار الأعلى...

نشر بتاريخ: 16/03/2019 ( آخر تحديث: 16/03/2019 الساعة: 15:34 )

كتب د.نبيل عمرو.... عشت لحظة التحول التاريخي في موقف منظمة التحرير وعمودها الفقري "فتح"، والانتقال من الرفض القاطع لدخول العرب الى الكنيست، الى التبني المتحمس لهذا الدخول، ودعمه بل الوسائل المتاحة.
لم يكن ذلك بفعل صحوة فكرية، بل بفعل مصلحة حقيقية املاها السعي الفلسطيني الى السلام الدائم والعادل مع إسرائيل وفق برنامج سياسي معلن لا يختلف عن برنامج راكاح آنذاك في امر حتمية انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
كانت حسابات منظمة التحرير صحيحة في هذا الاتجاه، اذ ادركت ان وجود العرب وحلفائهم من القوى السياسية الإسرائيلية في الكنيست سيكون منبرا مهما وفعّالا لا يقتصر في اثره الإيجابي على الوسط العربي في إسرائيل، بل ستمتد فاعليته ليؤثر في دعم الرواية الفلسطينية حتى في دول ومجتمعات تبنت الموقف الأمريكي والإسرائيلي المعادي للفلسطينيين كشعب وحقوق.
كان دعماً علنيا صريحا ومباشرا، لم يشكل يوماً مادة لوم للداعمين والمدعومين، ما دام الطرفان يتبنيان طرحا سلميا لا قبل ولا مصداقية لأي حكومة اسرائيلية على ان تقاتله او تعاقب عليه.
استمرت المعادلة هكذا ... وستستمر الى ما لا نهاية، غير ان ما ينبغي ان يقال هذه الأيام، وما اراه في مصلحة القضية الفلسطينية والسلام الدائم والعادل الذي تنشده منظمة التحرير، هو ومع توجيه اللوم لانفصال القائمة المشتركة الا ان ذلك ينبغي ان لا يغير في جوهر ومزايا الحضور القوي للعرب وحلفائهم في الكنيست، ففي السياسة وتكتيكاتها يختلف الاشقاء ويتفقون، وفي امر الانتخابات تختلف الحسابات والاجتهادات ولكن الى حد عدم التأثير السلبي على الهدف الرئيسي.
ان مستقبل الحضور العربي في الكنيست يجب ان لا يحدده اتفاق الطيبي وعودة، ولا اختلاف الطيبي مع عزمي بشارة ومن جاؤوا بعده، ولا حتى مع الإسلاميين الذي لا يحرمون العمل من خلال الكنيست.
ان مستقبل بل وفاعلية الحضور العربي يحدده الناخب الذي هو صاحب القرار.. وما دام الحضور العربي في الكنيست صار من مقومات العمل السياسي الذي يخدم مصالح العرب في اسرائيل، ويخدم بذات القدر الالتزام المشترك بين الفلسطينيين الذين يسعون الى سلام دائم وعادل واخوتهم الذين كتب عليهم الاضطلاع بدور صعب في قلب المؤسسة الإسرائيلية الأولى.
فليرتفع الناخب فوق ما هو خطأ وصواب في خطوات مرشحيه التكتيكية، وليعلمهم كيف يكون الناخبون هم اسياد المعادلة ومقرروا النتائج.
ان دعوات مقاطعة الانتخابات، لو وجدت آذانا صاغية وأسأل الله ان لا تجد، ستكون لها نتيجة واحدة هي ضعف التمثيل العربي في المكان الذي منه يمكن مواجهة يهودية الدولة، ومنه كذلك يحسب الف حساب للناخب العربي الذي يدعو اليمين الإسرائيلي المتشدد الى انهاء وجوده ولو كمواطن من الدرجة الثانية.
ليتذكر الجميع كيف اجبر الناخبون العرب نتنياهو على اشهار عنصريته في الانتخابات الماضية حين لم يجد لإنقاذ وضعه المتداعي سوى التحريض على العرب الذين تدفقوا على صناديق الاقتراع، فبأي منطق يفسر التماهي مع هؤلاء بالمقاطعة الطوعية.
اني اثق بحسن تقدير الناخب العربي للموقف، فبعد سنوات طويلة من التجربة السياسية والثقافية الغنية، ينبغي ان لا يكون للسلبية والانعزال مكانا في القرارات الأساسية.
كما لا ينبغي القبول بفرية ان الذين ينتخبون هم على خطأ والذين يقاطعون على حق، فليس هكذا تعالج الأمور وما المصلحة لأن ينقسم القوم في تصنيف ساذج كهذا.