الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عمر البرغوثي يشعّ أملا ويعيدنا الى جوهر القضية

نشر بتاريخ: 15/04/2019 ( آخر تحديث: 15/04/2019 الساعة: 11:05 )

الكاتب: وليد الهودلي

تحرر عمر البرغوثي من جديد من سجون الاحتلال ، ولا ندري كم مرة تحرّر لحبسات قطعت من عمره ما يقارب الربع قرن ، ولكن لهذه المرة مذاق خاص ، لهذه المرة نورها الساطع وبريقها الخاص ، هذه مرة تجللها روح الانتصار ، وروعة هزيمة المحتل في مواجهة أسرة فلسطينية قررت أن تطرح جوهر القضية ! .. عمر الان يقول الكثير دون أن يكلف لسانه عناء الكلام ، فكثرة المهنئين وأفواجهم التي انهالت عليه من كل أنحاء المعمورة الفلسطينية جاءت تبايعه ، جاءت وقد وعت مقولته قبل أن تصل البيت البرغوثي العامر بعبق القضية على أصولها الاولى ، تناهى الى سمعها الفعل المترجم للقول فوعت القول باذن واعية ، هناذك معادلة واحدة : احتلال لا لبس فيه ، وشعب يقاوم هذا الاحتلال دون أي لبس ، فلا تلبسوا الامور بمسميات أكثر أو أقل من هذا .
منذ انطلاقة عمر مع بداية شبابه وهو يرى الثورة التي يحتضنها شعب ثائر تجمعه الثورة وتفرقه سياسة الاحتلال السايسبوكية ، قاتل وقاوم وحرق شرعية الاحتلال ، سجن وتحرر بصفقة تبادل صنعها الثوار ، تابع الطريق ليصنع ذات المعادلة في بيته وبين ربعه ، زرع زيتونه ورواه من عرق جبينه ، تمازجت روحه بروح هذا الزيتون الذي زرع ، توالت عليه ضربات الاحتلال عله يلين أو يستكين أو على الاقل يخفف من عنفوانه المثابر ، وجاءته أوسلو تمشي على استحياء علّه يلقي السلاح ويهادن ، لم تزده الا قوة ولم تنل من عزيمته الا شموخا وثباتا ، أمعن الاحتلال في اعتقاله ورميه بالاداري الذي ردع كثيرون الا قليلا ، كان عمر من القليل الذي لم يفتّ هذا الاعتقال اللئيم في عضده ولم يغير بنتا من بنات أفكاره لا صغيرة ولا كبيرة ، واجه من أراد أن يحرف البوصلة أو حتى من أراد أن يستريح استراحة المجاهد ، بقي يردد مقولات الثورة الاولى ورفض كل المقولات الواهية ، رفض أن يتعاطى مع تداعيات من انطلت عليه خدعة مرحلة الهزيمة ، حارب بكل قوة مفردات الذين تداعوا الى العجز والكسل وتقاسم كعكة موهومة عجنت من فتات طاولة اللئام .
وخرج لهم عمر بأكثر من عمر : صالح وعاصم ، قدم رجال من المؤمنين : للشهادة صالح ( صدق ما عاهد الله عليه وقضى نحبه ) ليكون سفيرا في دار الحق ، وقدم من ذهب للشهادة قطرة قطرة حيث الاسر الذي تجرعه مرارا : عاصم الذي اعتصم بحبل القضية ومدّها بمداد روحه ، على ذات الخطى وذات الطريق التي أرادها المرشد الاعلى لهذه العائلة المباركة .
عاد عمر ليشع بضيائه النافذة أصول ومبادىء القضية ، عاد ليضخ من نفسه الوحدوي روح الوحدة الوطنية ، عاد وهو يحمل بروحه روح أخيه نائل محملة بتسع وثلاثين سنة من المواجهة الملتهبة في سجون الاحتلال ، عاد وهو يحمل روح عاصم المحملة بروح البطولة والمعمدة بالفداء، جاء من أقصى السجون يسعى وروح الشهيد ترفرف على روحه .
هكذا تكون القيادة ومنها تصنع الروح الجمعية الفلسطينية على أصولها ومبادئها الاولى قبل أن تشوبها الشوائب ، رجل من هذا الطراز الفريد حق له أن يبوئه شعبه مقعد التوجيه والبوصلة ، رجل كأمة وكمجلس شيوخ لشعب يريد المحافظة على هويته ، حق على شعبه أن يكون مثل هذا الرجل مرجعية روحية وفكرية وسياسية وثقافية لتعيد له أصول الهوية وليحفظه من انحراف السياسة وضياع القضية .